افتتاحية قاسيون 1016: ينتهي 2254 عندما يطبق كاملاً!
تتوارد هذه الأيام تعليقاتٌ وآراء وحتى بيانات من جهات متناقضة شكلياً ضمن ثنائية (موالاة/معارضة)، تتقاطع وتخدم بعضها بعضاً بشكل مفضوح في اعتبارها أنّ الانتخابات الرئاسية القادمة ستنهي القرار 2254؛ إما بالادّعاء الذي لا أساس له والقائل بأنّ هذه الانتخابات ستمثل تنفيذاً للقرار! أو عبر ادعاءٍ آخر يصب في الهدف السياسي نفسه في نهاية المطاف، حتى ولو ارتدى كلمات وتعبيرات تنكرية. يعتبر ذلك الادعاء «المعارض» أنّ إجراء هذه الانتخابات يعني أنّ الحل السياسي والقرار 2254 قد تم قتله، ما يعني ضمناً أنّ البحث عن حلٍ ينبغي أن يسلك مسلكاً آخر غير مسلك القرار الدولي!
من المفيد قبل كل شيء التذكير بأنّ هذا الإعلان عن وفاة 2254 ليس الأول من نوعه، بل سبقته إعلانات عديدة عند كل منعطف من منعطفات تطور الأزمة ابتداء من اليوم التالي لإصدار القرار وحتى اللحظة؛ فمع انطلاق مسار أستانا مثلاً، ذهب متشددون في النظام لاعتبار المسار بديلاً عن جنيف وبديلاً عن 2254 نفسه، وأيّدهم في ذلك متشددو المعارضة، وأقام الطرفان جنازة افتراضية إعلامية للقرار الدولي الذي اتضح لاحقاً أنه لم يمت بل على العكس من ذلك فقد وجد في أستانا أداة مهمة في تهيئة الوضع على الأرض بما يسمح ببدء تطبيقه، عبر تطويق العمليات العسكرية وصولاً لإنهائها.
كذلك كان الأمر مع مؤتمر سوتشي، ثم مع اللجنة الدستورية، والآن يجري تكرار الرغبة الملحة نفسها لدى المتشددين في إعلان وفاة 2254 انطلاقاً من الانتخابات التي ستجري في 26 أيار.
كما كان الأمر مع الادعاءات الافتراضية السابقة حول انتهاء القرار الدولي، فإنّ الحال نفسه يتكرر الآن؛ حقيقة الأمر هي أنّ هذه الانتخابات لا علاقة لها بالقرار 2254، وإجراؤها لن يغير شيئاً من إلزامية تطبيق القرار 2254 كاملاً.
يتضمن تطبيق هذا القرار بطبيعة الحال إجراءَ انتخاباتٍ رئاسية وبرلمانية، ولكن على أساسٍ دستوريٍ جديد يتوافق عليه السوريون، وبإشراف أممي، وضمن تحقيقٍ لمعايير النزاهة والشفافية، وربما بأهمية ذلك كله وأكثر، أن يشارك فيه كل السوريين في كل أماكن وجودهم، وأن تتم على كامل الجغرافية السورية، بما يقطع الطريق على العمل الأمريكي الصهيوني لتحويل تقسيم الأمر الواقع إلى تقسيمٍ دائمٍ بالاستفادة من مختلف الأدوات والثغرات والأخطاء، بما في ذلك عمليات انتخابية بالجملة تجري بشكل منفصل عن بعضها البعض، وكل منها على قسم من الأرض السورية دون الأقسام الأخرى...
أهم من هذا وذاك، أنّ الانتخابات وفقاً للقرار الدولي ينبغي أن تكون أداة أساسية في تنفيذ «حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه»؛ الشعب السوري كاملاً وعلى كامل أرضه، وبعيداً عن سطوة السلاح الذي ما يزال هو الحاكم الأساسي في مختلف مناطق سورية...
ينبغي التذكير نهاية بأنّ القرار الدولي الذي يترجم بشكلٍ ملموس مسألة داخلية وطنية وسيادية (هي حق السوريين كل السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم، لا حق الجهات الحاملة للسلاح، أو الجهات المزكاة دولياً، في فرض إرادتها على الشعب السوري)، هذا القرار يترجم أيضاً مسألة دولية تتعلق بتوازن القوى الدولي الجديد الذي يتراجع بموجبه الغرب وأتباعه وعملاؤه أياً كانت اصطفافاتهم الشكلية والشعاراتية، والتنفيذ الكامل لهذا القرار هو طريق إلزامي ليس لحماية وحدة سورية وإنهاء أزمتها فحسب، بل وأيضاً لتثبيت التوازن الدولي الجديد...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1016