التوافق السوري... أداة الحل الأساسية... وأداة تسريع التوافق الدولي
سعد صائب سعد صائب

التوافق السوري... أداة الحل الأساسية... وأداة تسريع التوافق الدولي

ابتداءً من فشلِ الاجتماع الخامس للجنة الدستورية (25 - 29 كانون الثاني) وحتى الآن، أي طوال الشهرين الماضيين، تبدو الأزمة السورية بجانبها السياسي، وكأنما تمرُ في مرحلة غموضٍ مشتقة من «الغموض الأمريكي»!

لإيضاح ما نقصده، سنحاول تثبيت بندين عريضين بما يخص وضع السوريين أنفسهم، ومن ثم سننتقل لنقاش الفكرة الأساسية لهذه المادة، وهي اعتقادنا أنّ الوطنيين السوريين لا يمكنهم ولا يجوز لهم أن ينتظروا الوصول إلى اتفاق دولي...

كارثة متكاملة الأبعاد

يتهاوى وضع السوريين في كل مناطق سورية بسرعة السقوط الحر، وسرعة السقوط الحر هي بطبيعتها سرعة تزداد كلما طال السقوط (وصولاً إلى سرعة حدية لا نزال بعيدين عنها).
سبق أنْ وضّحت قاسيون بالأرقام أنّ سرعة الانهيار الاقتصادي عام 2020 بلغت 34 ضعف السرعة الوسطية للانهيار خلال السنوات الثمانية من عمر الأزمة التي سبقت 2020.
وإذا مددنا الحساب الذي أجرته قاسيون خلال شهر 11 من العام الماضي حتى نهاية شباط الفائت، أي مددناه لمدة أربعة أشهر، واعتماداً أيضاً على سعر الذهب، فإنّ الانهيار ما زال مستمراً بالسرعة الجنونية نفسها تقريباً، وهي سرعة مرشحة للزيادة كما أسلفنا...
بالتوازي مع ذلك، لم يبق جانبٌ من جوانب حياة السوريين بمنأى عن الأزمة، ابتداء من الخبز إلى المحروقات إلى الكهرباء والأسعار الفلكية مقارنة بالدخول، ناهيك عن كورونا التي يبدو أنّ فتكها بالسوريين ليس أشد قسوة من عوامل الفتك العديدة الأخرى، ما يجعل الاهتمام بها، أو القدرة على الاهتمام بها، من قبل السوريين، أقل مما هو عليه الأمر في أي مكان آخر في العالم.
هذا كلّه، بات مترافقاً مع ارتفاعٍ غير مسبوق في الأنشطة السوداء من مخدرات وعصابات وخطف وتشليح واتجار بالبشر... نشاط يستحضر إلى الذهن المثال الأفغاني سيئ الصيت.
أما المآسي الاجتماعية والإنسانية فحدث ولا حرج، من مصائب التعليم إلى التفكك الأسري إلى مصائب المعوقين والمفقودين والمعتقلين والمخطوفين وغيرها الكثير... والأرقام التي تحاول رصد هذه الظواهر أكثر من أن تحتويها هذه السطور، ولكن نشير من بينها على الخصوص إلى رقمٍ يحمل دلالة مكثفة تدمي القلب، وربما يعبر وحده عن الوضع كلّه: «نصف مليون طفل سوري يعانون من التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن»!

«استحقاقات» بالجملة

في ظل ما أسلفنا ذكره من مآسٍ، نرى أن الأطراف المتشددة في سورية لا تتعامل مع هذه القضايا وضرورة حلها بوصفها «استحقاقات وطنية أو دستورية»:
رغم أنّ مادة صريحة في الدستور المعمول به هي المادة 38، تنص صراحة على عدم جواز منع أي سوري من العودة إلى بلده، فالمسؤولون لم يروا مشكلة في أن يفرضوا على السوري شرطاً لدخول بلده هو تصريف 100 دولار بربع سعرها الحقيقي أو أقل. وأولئك الذين لم يستطيعوا باتوا في العراء على تخوم وطنهم.
ليس استحقاقاً دستورياً بالنسبة للمتشددين أن: «لكل عاملٍ أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيرها» كما تقول الفقرة الثانية من المادة 40 من الدستور السوري «المعمول به» حالياً...
وجود أكثر من مليوني طفل سوري غير ملتحق بالمدرسة، وما يصل إلى مليون و300 ألف آخرين مهددين بعدم الالتحاق، ليس خرقاً دستورياً للمادة رقم 29 من الدستور السوري، ومعالجتها ليست استحقاقاً فوق أي استحقاق آخر... ويمكن أن نعدّ بعد بنوداً كثيرة في السياق نفسه...
على ضفةٍ «مقابلة»، ضفة متشددين في المعارضة، فليس استحقاقاً وطنياً تطبيق 2254 فوراً والضغط بكل السبل وتركيز كل الجهود نحوه... بل هنالك «استحقاقات» أخرى، مثل استحداث أجسام انتخابية خلبية تجهيزاً لانتخابات موازية! وكذلك وضع حجر أساس هنا، ورخامة أساس هناك، ومشهد تلفزيوني هنا وآخر هناك... في استنساخ حرفي للنظام الذي يدعي ذلك النمط من المعارضة أنه بديل له!

ليس استحقاقاً وطنياً بالنسبة لهذا النمط من المعارضة أن يطالب برفع العقوبات الغربية الإجرامية عن رقاب السوريين. العقوبات التي تساهم يداً بيد مع الحرامية الكبار ضمن النظام (وبينهم من هو معاقَب!) في نهب السوريين وقتلهم وتقصير أعمارهم برداً وجوعاً ومرضاً. حتى روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق إلى سورية بات يقول علناً: إنّ العقوبات الأمريكية لن تحقق «مرادها»، بل ويقر بأنّ لها آثاراً إنسانية ضارة، وبعض المعارضين السوريين مصرون على التسبيح بحمد العقوبات الأمريكية، ونفي أي سوء تتسبب به... مساهمين بذلك، وبدمٍ بارد، بقتل أبناء بلدهم.
وعلى ضفة غير بعيدة عن الاثنين، نرى طروحات خلّبية من نوع آخر يجري إطلاقها في الفضاء الإعلامي، كأنما لملء الوقت المتبقي حتى «إنجاز الاستحقاقات». على رأس تلك الطروحات «المجلس العسكري»، الذي- ولسخرية القدر- انضمت للحديث عنه شخصيات صدّعت رؤوسنا بعملها «الحقوقي والإنساني والديمقراطي»، وباتت تقول اليوم علناً: «لا أحد مهتم الآن بالديمقراطية، بل الكل مهتم بإنهاء كون سورية تهديداً أمنياً عالمياً وإقليمياً». والأمر ليس مقتصراً على شخصياتٍ فقط، بل وأيضاً أطراف ضمن «تجاربَ» تدّعي أنها تسعى نحو نموذج جديد لسورية أساسهُ الديمقراطية، وإذا بها تهلل للعسكرتاريا!

سياسة أمريكية «جديدة»

تتزامن «جملة الاستحقاقات» التي تهمّ الأطراف المتشددة في سورية، والتي لا معنى لها بالنسبة للسوريين وكارثتهم، مع «الغموض» الذي يكتنف توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة؛ الغموض الذي بات معتاداً خلال العقدين الأخيرين مع كل إدارة جديدة، والذي يعبّر عملياً عن تراكب أمرين على الأقل، الأول: هو غموض فعلي ناجم عن عمق الانقسام الأمريكي الداخلي، وما ينتجه ذلك من اختلاف كبير في السياسات سواء الخارجية أو الداخلية، والثاني: هو «غموض إعلامي»، الهدف منه مزدوج بدوره: استمرار سياسات الإدارة السابقة (دون تحمّل الجديدة للمسؤولية عنها)، إلى حين إقرار أخرى جديدة (إن جرى إقرار سياسات جديدة)، وفي الوقت نفسه، فتح الباب للتفاوض مع الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى حول الملفات المعنية، وترك يد السياسي الأمريكي طليقة إما للاستمرار في السياسة السابقة (وإيهام الآخرين بإمكانية التغيير بينما القرار هو عدم التغيير)، أو أن يتم تغيير السياسة السابقة فعلاً... قليلاً أو كثيراً...
الوثيقة الأوسع المنشورة حتى الآن حول السياسة الأمريكية في مرحلة بايدن هي «الدليل الإستراتيجي المؤقت للأمن القومي» الواقع في 24 صفحة، ونشرته وزارة الدفاع الأمريكية يوم 3 آذار الجاري. ويشير عنوان الوثيقة إلى الفكرة ذاتها التي أشرنا إليها أعلاه حين حديثنا عن «الغموض»؛ فهي دليل إستراتيجي ولكن مؤقت!

1008-12

أسطورة المثلث متساوي الأضلاع

سبق للثعلب الأمريكي العجوز كما يلقبونه، أي هنري كيسنجر، أن قدّم لترامب نصيحة منتصف عام 2017 أن يصادق روسيا ضد الصين. بما يكشف رغبة أمريكية في تكرار سيناريو القرن العشرين، ولكن بطريقة جديدة: في حينه كانت الصداقة مع الصين ضد الاتحاد السوفييتي، أو هكذا على الأقل بدت الأمور آنئذٍ. وكيسنجر نفسه كان عراب هذه الخطة الكبرى، وكان مستشار نيكسون للأمن القومي.
ترامب كان يحاكي في سلوكه هذه النصيحة شكلياً، وشكلياً فقط؛ أي كانت هنالك إشارات يجري إطلاقها بين الحين والآخر عن إمكانات تقارب مع روسيا، بل وعلى المستوى الدبلوماسي جرت عدة لقاءات وبمستويات مختلفة. بالمقابل، فقد كانت اللهجة الأمريكية ضد الصين لهجة معادية طوال الوقت، ومتصاعدة العداء يوماً وراء يوم على الصعد كافة.

بالمعنى العملي، لقد بقيت الولايات المتحدة تعمل ضد كل من روسيا والصين على حد سواء، ابتداء من العقوبات الاقتصادية ووصولاً إلى المستويات الدبلوماسية والسياسية والتهديدات والتحركات العسكرية، وخاصة للناتو على تخوم روسيا والصين، وكذلك عبر محاولة افتعال جملة من الثورات الملونة...
يمكن أن نلمس فيما نراه ونسمعه ونقرأه حتى الآن، بما يخص سياسة بايدن، أنّ الاتجاه الملموس سيستمر على حاله ضد الدولتين، ولا نظن أنّ هنالك في الولايات المتحدة من ما زال يحلم بتكرار سيناريو القرن العشرين في سحب أحد العملاقين الصيني أو الروسي إلى جانب الولايات المتحدة ضد الآخر... ولكن يبدو أنّ البحث الأمريكي متركز حول الوصول إلى معادلة ذهبية في توزيع الضغوط والتوافقات على كل من العملاقين، بهدف زيادة المسافة بينهما بحيث يتم الوصول إلى مثلث متساوي الأضلاع بين الدول الثلاث (الصين، روسيا، الولايات المتحدة)...
ليس نافلاً التذكير هنا بالخبر الرسمي الذي صدر عن الكرملين يوم 28 كانون الأول 2020 عن الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيسا الصين وروسيا، والذي قال إنّ الرئيسين وصفا الاتصالات الثنائية بين البلدين بأنها «بلغت أعلى مستوى لها في التاريخ»... في إشارة لا يصعب فك رموزها المرتبطة مباشرة بما أسلفنا الحديث عنه من محاولات البعض في الولايات المتحدة تكرار ما جرى في القرن العشرين...

سورية والتوزع العسكري الأمريكي

«الإستراتيجية المؤقتة»، تحدثت عن الانتشار العسكري الأمريكي حول العالم بصيغ عامة تضمنت: «الوجود العسكري الأقوى للولايات المتحدة سيكون في منطقة المحيط الهادئ وأوروبا، بينما سيكون في الشرق الأوسط بما يكفي لتلبية احتياجات معينة».
المتابع للشأن السوري لا يمكنه أن يقرأ الجملة السابقة دون أن يتذكر فوراً ما يلي: «إنّ تواجدنا العسكري (في سورية)، رغم صغره، مهم لهذه العملية الحسابية الكلية. لذا نحث الكونغرس والشعب الأمريكي والرئيس على إبقاء هذه القوات قائمة. ولكن مرة أخرى، هذه ليست أفغانستان. هذه ليست فيتنام. هذه ليست مستنقعاً. وظيفتي هي جعلها مستنقعاً للروس».
الكلام السابق هو لجيمس جيفري المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية، قاله خلال ندوة عقدها معهد هدسن الأمريكي بتاريخ 12/5/2020... وهو كلام كرره في أكثر من مناسبة، بل وزاد عليه في ندوة أخرى مع موقع Defense One يوم 12 تشرين الثاني من العام الفائت قائلاً: «الجمود/ الطريق المسدود هو الاستقرار»، معتبراً أنّ الوضع الحالي لسورية، حيث الطريق مسدود أمام الحل، وحيث العمليات المختلفة تعيش حالة جمود، هو وضع مستقرٌ من وجهة نظر الولايات المتحدة، ولا بأس باستمراره مهما طال الزمن... وهو ما أعاد تكراره مرة جديدة وبصيغة أكثر وضوحاً في ندوة شارك فيها يوم 5 آذار الجاري في معهد واشنطن.

ما هو المتوقع من أمريكا إذاً؟

برأينا، تدل المؤشرات والوقائع التي أوردناها هنا، أنّ احتمال استمرار الولايات المتحدة في السياسات نفسها اتجاه سورية (أي سياسات المستنقع)، هو احتمال عالٍ. خاصة وأنّ الثمار السامة لتلك السياسات باتت قريبة من اليد الأمريكية؛ ليس المقصود قطعاً تنفيذ 2254، بل العكس تماماً، المقصود هو منع تنفيذه، والوصول بسورية إلى دولة مقسمة تقسيم أمر واقع بشكل دائم، وإلى منطقة نزاعات وفوضى لعدة عقود لاحقة، وهذا ينسجم تماماً مع الرسمة الأمريكية الأوسع التي تتضمن على الأقل الخطوط العامة التالية بما يخص منطقتنا:
ليس لدى الأمريكي في ظل أزمته الاقتصادية والسياسية العميقة، فائض قوة كافٍ لإبقاء كمٍّ كبير من قواته وقواعده في المنطقة، وهو بحاجة إلى تركيز قواه المتراجعة بالمعنى العام على التخوم المباشرة لروسيا والصين، والصين خاصة؛ ما يستدعي منه إيجاد معادلة تتطلب أقل قدر ممكن من القوات في منطقتنا.
في الوقت نفسه، ليس مسموحاً أن تنفتح آفاق الاستقرار أمام منطقتنا؛ لأنّ المعنى المباشر لذلك هو وضع مشروعي الحزام والطريق والأوراسي، موضع التنفيذ بطاقة قصوى، أو على الأقل بطاقة أعلى بكثير مما هي عليه الآن. وهذا سيحطم إلى غير رجعة، ليس «أسطورة المثلث متساوي الأضلاع» فحسب، بل وسيقوض النفوذ الغربي في آسيا وإفريقيا، والذي اعتمد خلال القرون الخمسة الماضية على التجارة البحرية، وعلى ضرب التجارة البرية بشتى السبل...

إنهاك سورية إلى درجة لا تقوم لها قائمة بعدها، عبر تدمير حياة سكانها، وإفقارهم وتشريدهم، وإلحاق خسائر شديدة العمق تمتد عقوداً طويلة، وجيلاً وجيلين وأكثر. (من ذلك ما ذكرناه حول الأطفال المصابين بالقزامة مثلاً، وعن الأطفال بلا تعليم، وغيرها من الكوارث الوطنية الكبرى)... وصولاً إلى جرّ سورية نحو مستنقع التطبيع، وهو الهدف شديد الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، وللكيان الصهيوني الذي يحاول تأمين «مستقبله» بما يتناسب مع التوازن الدولي الجديد، وهو المستقبل الذي نزعم أنه مهدد بشدة، ولسنا وحدنا من يزعم ذلك، بل كبار باحثيه أيضاً (انظر: الكيان الصهيوني إلى زوال، قاسيون العدد 1007)...
تنسجم هذه الاتجاهات العامة مع استمرار تعطيل العملية السياسية السورية، بما في ذلك اللجنة الدستورية، وأهم منها القرار 2254 ككل، وبالذات تعطيل الانتقال السياسي الذي يمكنه وحده أن يعيد توحيد سورية على أساس التوافق، وعلى أساس تقديم جميع الأطراف السياسية تنازلات لمصلحة الشعب السوري.
أيضاً، تنسجم هذه الاتجاهات مع بقاء سورية مقسمة إلى ثلاثة أقسام، لكل قسم منها «استحقاقاته» و«أعراسه الوطنية» الخاصة به، دوناً عن ملايين السوريين الآخرين في المناطق الأخرى من سورية، والملايين الذين خارج سورية...

وما الحل؟

الحل، هو بالإصرار على تنفيذ 2254 كاملاً، ودون انتظار الأمريكي، مع ترك الباب موارباً له إن أراد الالتحاق، لأنّ التحاقه (حين يلتحق) يمكنه أن يختصر بعض المسافات...
ينبغي للوطنيين السوريين من كل الأطراف أن يتعاملوا مع الأمريكي ضمن منطق عنوانه العريض هو ذاك نفسه المكتوب على بوابة الجحيم في كوميديا دانتي: «أنتم أيّها الدّاخلون هنا! اقطعوا كلّ رجاء»؛ لا ينبغي بحال من الأحوال انتظار احتمال الاتفاق مع الأمريكي... لأنّ عملية الانتظار هذه تصب في مصلحته بالذات، ولأنّ وضع سورية والسوريين بات على درجة من الخطورة غير مسبوقة إطلاقاً، أخطر حتى من الوضع الذي وصلته نهايات عام 2015...
ولذا يجب على القوى الوطنية السورية عدم انتظار أحد لأن توافقها يسهل ويسرع التوافقات الدولية؛ يجب عليها توسيع حدود التوافق فيما بينها تمهيداً للدخول في التطبيق الكامل للقرار 2254؛ التوافق الذي تشكل مذكرة التفاهم الموقعة بين حزب الإرادة الشعبية ومسد أحد أمثلته وأحد أشكاله الأولية...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1008
آخر تعديل على الجمعة, 12 آذار/مارس 2021 16:30