افتتاحية قاسيون 1002: الاستحقاقات السورية

افتتاحية قاسيون 1002: الاستحقاقات السورية

تنطلق يوم الاثنين 25 من الجاري، الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية التي لم تنجز حتى اللحظة شيئاً يذكر.

تستمر أيضاً نقاشات مستقبل الوضع السوري بالدوران في طاحونة التوقعات الخاصة بسلوك الإدارة الأمريكية الجديدة، وفي دوامة انتظار ذلك السلوك.

وإذا كان من الممكن في دولٍ عديدة حول العالم، انتظار «توضح» السلوك الأمريكي، فهذا غير ممكن في سورية لأسباب عديدة، بينها:

أولاً: لا تملك البلاد بوضعها الكارثي ترف الانتظار؛ فإلى جانب تقسيم الأمر الواقع بين ثلاث مناطق، فإنّ الأوضاع المعيشية للناس باتت مأساوية على مختلف الصعد سواء في الخدمات جميعها، أو الدواء ووصولاً إلى الجوع. وذلك إضافة إلى استمرار مآسي المعتقلين والمفقودين والمهجرين والنازحين داخلياً دون أية حلول. فوق هذا كلّه، فإنّ الاتجاه الوحيد الثابت منذ سنوات هو اتجاه الانهيار والتفتت، والذي لم تختلف سوى سرعته التي وصلت في 2020 إلى 34 ضعفاً عمّا كانت عليه خلال السنوات التي سبقتها... وإذا مرّت 2021 دون حلّ، فإنها بالتأكيد لن تكون أقل سوءاً وكارثية...

ثانياً: المتابع للسياسات الأمريكية خلال العقدين الماضيين على الأقل، يمكنه أن يتوقع عدم «توضح السياسية الأمريكية» ليس في المئة يومٍ الأولى فقط، بل وربما تبقى غير واضحة لسنة أو سنتين... ناهيك عن الظرف الخاص شديد التعقيد الذي تمر به واشنطن، والذي يصعب التنبؤ بكيفية انعكاسه على سياساتها الخارجية.

ثالثاً: نعتقد أنّ هنالك احتمالاً جدّياً، أنّ السياسة الأمريكية اتجاه سورية ستستمر على حالها نفسه الذي كانت عليه منذ 2011؛ سياسة تُغيّر باستمرار تكتيكها وتحالفاتها ولكن تحافظ على جوهر ثابت: الدفع باتجاه التقسيم والانهيار عبر استمرار الاستنزاف إلى أطول فترة ممكنة، ولذا فإنّ ما يسمى «عدم الوضوح» في السياسة الأمريكية، ليس في جوهره سوى أداة أخرى من أدوات إطالة عمر الأزمة، وتعميق الاستنزاف والتخريب... 

إضافة إلى هذه العوامل، ما ينبغي أن يبقى في البال، هو أنّ أية عملية في الحياة لها مدة صلاحية تفقد بانتهائها معناها وجدواها، والأمر كذلك أيضاً بالنسبة للحل السياسي في سورية، الذي إنْ تأخر تطبيقه كثيراً فلن تبقى سورية ليطبق فيها.

لذلك كلّه، فإنّ أمام الوطنيين السوريين استحقاقات وجودية يجب المضي سريعاً لتنفيذها، بغض النظر عن إرادة الأمريكي وسياسته، وهذه الاستحقاقات هي:

أولاً: تحقيق تقدم ملموس في عمل اللجنة الدستورية، وهو أمر يتطلب تكبيل المعطلين والمتشددين في الطرفين، وكذلك استكمال تمثيل المغيبين عن اللجنة، وتحقيق توازن معقول ضمن التمثيلات الموجودة فيها، بحيث لا يستطيع المتشددون لعب دور معطل. كذلك فإنّ نقل أعمال اللجنة إلى دمشق مع توفير الضمانات اللازمة لأعضائها، بات عملية ضرورية لإنهاء حالة المراوحة بالمكان، وإنهاء مساحات اللعب والمبارزة الإعلامية الفارغة التي يمارسها المتشددون في الطرفين.

ثانياً: هذا كلّه لن يكون كافياً، بل يجب أن يترافق مع المضي في تنفيذ بقية بنود القرار 2254، وعلى رأسها جسم الحكم الانتقالي الذي من شأنه أن يضع البلاد على سكة جديدة تمهد الأرضية للشعب السوري لكي يتمكن من تقرير مصيره، ومن اختيار ممثليه بطريقة حرة وديمقراطية ونزيهة، تشمل كل السوريين في كل المناطق السورية وخارج سورية...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1002
آخر تعديل على الأحد, 24 كانون2/يناير 2021 21:10