«قاسيون» تستطلع آراء السوريين في الجزيرة بمذكرة التفاهم...
عبّرت مختلف الجهات السياسية السورية، إضافة إلى جهات إقليمية ودولية، عن مواقفها من مذكرة التفاهم الموقعة نهاية الشهر الماضي بين حزب الإرادة الشعبية ومجلس سورية الديمقراطية... وتوزعت هذه المواقف كما بات معروفاً بين مؤيد للمذكرة ورافض لها...
ولكن من الضروري أيضاً، الوقوف على آراء السوريين أنفسهم من هذه المذكرة، وفي مختلف مناطق سورية وخارجها... وفي هذا الإطار، بدأت قاسيون باستطلاع آراء مواطنين سوريين في عدة مدن من الجزيرة السورية، على أن تتابع في جولات لاحقة، استطلاع ردود فعل الشارع السوري في مناطق أخرى من سورية.
تنوعت الآراء التي سمعتها قاسيون من المستطلعين، وتراوحت بين الرفض والقبول والتأييد المتحمس والمتفائل:
المذكرة برأي غالبية من التقيناهم هي إيجابية، «استطاعت أن توصل طرفين سوريين مختلفين فكرياً إلى نقاط مشتركة» كما يقول الأستاذ أحمد وهو معلم مدرسة ابتدائية. ويضيف «يجب العمل على توسيع هكذا تفاهمات لتشمل جهات وطنية أخرى»، معتبراً أنّ «وجود اختلافات بين الأطراف الموقعة على المذكرة في بعض القضايا أمر صحي، ويجب أن يشجع الآخرين على الانضمام إليها، أو على القيام بخطوات مشابهة لها».
السيد دلشاد، وهو عامل بناء، اعتبر أن التفاهم بين مسد والإرادة الشعبية، و«خاصة أنه جرى في موسكو، يشعرنا بالأمان من أنه لن تكون هنالك حرب جديدة في مناطقنا، ولن يتمكن الأتراك من شن حرب جديدة علينا، خاصة أنّ الأمريكان يمكن أن ينسحبوا في أية لحظة، ودون أن يخبروا أحداً».
وأضاف: «أنا لا أحب السياسة ولا أعمل بالسياسة، ولكن أنا أعرف مسد وأعرف الإرادة، ولدي أصدقاء وأقارب من الجهتين، وكنت أحضر النقاشات بينهم، حتى في بيتنا، وكنت أتمنى أن يتفاهموا قبل سنوات طويلة، ولكن المهم أنهم اتفقوا الآن، كلهم أبناء البلد ووطنيون وأنا سعيد أنهم اتفقوا».
أسباب الأزمة
السيد سليم، وهو صاحب محل بقالة، ورغم أنّه يرى أن المذكرة أمر جيد، لكنه عبّر عن تخوفاته بالقول: «الاتفاق جيد، ولكن النظام رفضه. النظام لا يريد أن يغير شيئاً، يريد أن يبقى الحزب القائد وأن يستمر الظلم كما كان، ولا أعلم كيف سيفيدنا الاتفاق إذا ظل الوضع هكذا. نحن الحمد لله وضعنا الآن آمن، والاتفاق مع روسيا يمكن أن يحمي المنطقة من الأتراك، ولكن وضعنا المادي سيئ جداً، وكل يوم أسوأ من الذي قبله، وأولادنا خارج البلد... نتمنى أن يتفق الكل مع بعضهم ويخلصونا لأننا لم نعد نتحمل»
السيدة هيام، وهي ربة منزل ووالدة لشهيد قتل خلال محاربته لداعش في صفوف قسد، قالت: «النظام يقول عنا انفصاليين، وعملاء الأتراك يقولون عنا انفصاليين، مع أننا حاربنا داعش وقدمنا شهداء دفاعاً عن أرضنا وعن سورية، وهذه المذكرة ممتازة لأنها بين مسد وحزب الإرادة الشعبية، وحزب الإرادة هم شيوعيون من كل سورية، عرب وأكراد وسريان ومن كل الأديان، نحن نعرفهم، لذلك هذا إثبات أننا كأكراد نمد يدنا لكل السوريين ونريد الحفاظ على بلدنا، ولكن أيضاً لنا حقوق، ولا نريد أن تظل الأمور مثل ما كانت، وأن نظل محرومين من لغتنا وثقافتنا ومحرومين من العمل ومن الوضع الاقتصادي الكريم».
القضية الكردية
بخصوص القضية الكردية في سورية، فقد قال بعض من التقيناهم، أنه يجب اعتبارها قضية مواطنة من الدرجة الأولى، ويجب مناقشتها مع باقي أفراد الشعب السوري.
وقد أكد البعض الآخر أن هذه المذكرة، تعتبر أول مذكرة رسمية- وقع عليها طرفان سوريان- تعترف بخصوصية القضية الكردية في سورية، وتدعو إلى حلها حلاً عادلاً يقوم على أساس الاعتراف المتبادل بين السوريين ويضمن حقوق المكونات السورية المتنوعة ومن ضمنها حقوق الكرد.
المركزية واللامركزية
فيما يتعلق بمسألة المركزية واللامركزية، تنوعت الآراء بشكل كبير؛ حيث عبّر جزء غير قليل ممن استطلعنا آراءهم، أنهم ضد المركزية لأنها برأيهم ستسمح بعودة الظلم واستمرار حرمان المنطقة من الموارد. السيدة نجاة قالت: «ربما تحدثت المذكرة عن المركزية واللامركزية كي تطمئن السوريين في المناطق الأخرى أن الناس هنا لا يريدون الانفصال، ولكن لا أحد هنا يريد الانفصال، نحن نريد لامركزية لا يعني أننا نريد انفصال، ولكن يعني أننا لا نريد أن يأتي ضابط أمن من الشام ويتحكم بالمحافظ وبالبلدية والشرطة والمدارس وكل شيء، ونحن لا نتجرأ أن نفتح فمنا كي لا نذهب لبيت خالتنا».
السيد ستيركو، وهو موظف متقاعد، قال: «المركزية ضرورية واللامركزية أيضاً ضرورية، لا يمكن أن يكون هنالك بلد واحد موحد دون مركزية في بعض الأمور، خاصة أنّ البلد بالأساس مقسمة الآن، لذلك نحتاج بالمرحلة القادمة لجيش واحد في كل البلاد وعملة واحدة وعلم واحد، هذه أمور لا يمكن استمرار البلد بدونها، ولكن أيضاً لا يمكن أن تظل البلد مثلما كانت، يجب أن يحصل أبناء المنطقة على وظائف في مناطقهم، ليس الكل، ولا نقول أنه لا يجب أن يأتي موظفون من مناطق أخرى في سورية، ولكن غير معقول أن يكون 90% من الموظفين من مناطق ومحافظات أخرى، وأبناء المنطقة وحتى حملة الشهادات لا يحصلون على وظيفة... هناك أمور كثيرة يجب حلها...».
الحل السياسي المنشود
عن تصورات الناس للحل السياسي، ومدى قدرة المذكرة على الإسهام في تحقيقه، يرى السيد عماد، وهو فلاح، أنّه: «لا أحد يعلم متى سيأتي هذا الحل السياسي، الزعامات مبسوطة وتجمع أموالاً، ونحن نتعذب يومياً. نريد أن يتفقوا على إنهاء الحرب، وأن يتركونا نعيش ويخففوا الأسعار...» وحول المذكرة يقول: «الاتفاق سيد الأحكام، ويجب أن يتفق الجميع مع بعضهم لأن الحرب لن تنتهي إذا لم يتم اتفاق، والاتفاق الذي تتحدثون عنه لن يقدم ولن يؤخر، إذا لم يتفق الجميع، ولم تتفق الدول الكبيرة مع بعضها لن تنتهي الحرب».
السيدة أمل، وهي مدرسة للمرحلة الإعدادية، قالت: «الحل السياسي يجب أن يكون على طراز المذكرة بين مسد والإرادة، أنا قرأتها، وهي تخص كل سورية، وليس الشمال الشرقي فقط، وهي تتحدث عن الديمقراطية وعن حل القضية الكردية وعن مشاركة الكل في اللجنة الدستورية والحل، وهذا ما يجب أن يحصل»... وعن تصورها لتأثير المذكرة على الحل، تقول: «نعم ستؤثر على الحل، وستساعد على الحل، لأنها أول تفاهم يشمل سورية من حوران إلى القامشلي، ويجب أن تتعلم القوى الأخرى أن تعمل بنفس الروح الوطنية من أجل الديمقراطية والعدالة وإنهاء الحرب».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 984