عن الحوار في الشمال الشرقي..
تواردت خلال الأيام الماضية جملة أخبار عن نتائج الحوار الذي ترعاه الولايات المتحدة وفرنسا بين مجلس سورية الديمقراطية (مسد)، وبين المجلس الوطني الكردي.
لقد اضطرت كل من الجهتين إلى إصدار تصريحات تؤكد فيها أن الحوار مستمر، وفي الوقت نفسه تنفي الشائعات التي يجري تداولها حول مضامين الاتفاقات المفترضة التي تم الوصول إليها. إنّ من الثابت لدى التعاطي مع هذه المسألة، أنّ أي حوار بين طرفين سوريين، هو حوار ضروري ومهم، ومن شأنه- إذا وُضع ضمن إطار الحوار العام بين السوريين ككل- أن يساهم في الدفع نحو الخروج من الأزمة الشاملة.
لكنّ من الثابت أيضاً أنّ الغايات الأمريكية لم تكن إيجابية في يوم من الأيام تجاه مصالح أي شعب من شعوب المنطقة، وربما اتجاه الكرد أكثر من غيرهم. هذه الحقيقة التي لا يجادل فيها قارئ موضوعي لتاريخ المنطقة، ولتاريخ القضية الكردية خصوصاً، تثير مخاوف مشروعة بقسم منها على الأقل، من الغايات الأمريكية من رعاية الحوار الكردي- الكردي المشار إليه آنفاً. إنّ العمل الأمريكي المستمر على عزل الشمال الشرقي عن بقية سورية، وتكريس أوضاع محددة فيه تُحوّل وضعه الخاص إلى عثرة في وجه الوصول إلى الحل السياسي، بما في ذلك الإعاقة المستمرة لتمثيل القوى السياسية للشمال الشرقي ضمن العملية السياسية الجارية، بما فيها اللجنة الدستورية، كل ذلك، يجعل من الحوار القائم نفسه، ورغم عدم التشكيك في نوايا من يخوضونه، حواراً ربما تصب نتائجه عكس المصلحة السورية، والكردية خصوصاً.
من ذلك، أنّ ما يجري تسريبه حتى اللحظة، يدور حول مسألة «الفيدرالية» وهو الطرح الذي لم تبق قوة سورية أخرى لم تعلن رفضها له. بما يعني دفعاً أمريكياً لتكريس موقف قائم على أساس قومي انعزالي وليس على أساس سياسي، تطرحه قوة سياسية وتحاول العمل لتحقيقه عبر التوافق حوله مع بقية السوريين.
رغم ذلك كلّه، لا بد من القول: إنّ الحوار ضرورة جدية، والفرصة الآن هي فرصة حقيقية لدفع التوافق خطوات إلى الأمام. ولكن ما ينبغي وضعه في الحسبان بشكل جدي، هو أنّ أية توافقات ستنتج عن هذا الحوار ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار الحوار الأشمل بين السوريين ككل، وأن تكون فاعلة في تسهيل الوصول إليه، وليس العكس... وهذا يتطلب من القوى المنخرطة بالحوار قدراً عالياً من الحكمة وبعد النظر... وهو ما يتمناه أي سوري.
فلاشة: الغايات الأمريكية لم تكن إيجابية في يوم من الأيام تجاه مصالح أي شعب من شعوب المنطقة وربما اتجاه الكرد أكثر من غيرهم
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 966