الساعة الآن: 2254 بتوقيت سورية!
مثّل القرار 2254 منذ لحظة إصداره أواخر العام 2015، تعبيراً مكثفاً عن مسألتين جوهريتين؛ الأولى هي ميزان القوى الدولي الجديد الذي تنتهي بموجبه البلطجة الأمريكية-الغربية العالمية، بما يعنيه ذلك من نهاية العصر الذي امتاز بفرض أشكال الحكم والاقتصاد على الدول المستقلة من خارجها، سواء جرى ذلك عبر الاستعمار التقليدي المباشر أو عبر أشكال الاستعمار الاقتصادي الجديد المتنوعة، أو عبر تركيبات مختلفة ومعقدة من الاثنين.
المسألة الثانية الجوهرية، والمشتقة من الأولى، هي أنّ القرار يفتح الباب لإنتاج نموذج جديد يجري تقريره بيد الشعب المعني ولمصلحته، بيد الشعب السوري ولمصلحته، وليس على أساس توافقات وتحاصصات تجري بين نخب دولية وبعض نخب محلية تابعة كما جرت العادة في التعامل مع مختلف الأزمات خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وإذا كانت نهاية 2015 قد شهدت ولادة القرار على الورق، فإنّ ولادته الفعلية على أرض الواقع، بقيت معلقة لسنوات إلى حين اكتمال تكون التوازن الدولي الجديد اللازم لتطبيقه.
في ظل الأزمات العالمية المتراكبة، الاقتصادية والسياسية والصحية والإنسانية، وبكلمة واحدة الحضارية الشاملة، ورغم أنّ أزمة كورونا هي الأكثر ظهوراً على السطح، على الأقل بالمعنى الإعلامي، ورغم ما يرافقها من شعور عامٍ وكأن الكوكب بأسره يعيش وقتاً مستقطعاً وكأن كل الأمور معلقة حتى إشعار آخر، فإنّ حقيقة الأمور، في العمق وليس على السطح فقط، مختلفة جذرياً؛ العالم يعيش أسرع مراحل نشاطه التاريخي في الانتقال من القديم نحو الجديد، وكذلك الأمر بما يخص الوضع السوري.
يكفي لإثبات ذلك أن نعاين التهاوي الكارثي والمتسارع للنموذج الغربي بإحداثياته المختلفة، لا الاقتصادية فحسب، بل وكذلك السياسية والإنسانية وحتى الثقافية والفكرية والأيديولوجية.
إنّ أزمة كورونا، لم تفعل بما يخص سورية، سوى أن قدمت برهاناً إضافياً أنّ استمرار عدم حل الأزمة السورية، أن استمرار البنى القائمة المنتمية إلى العالم القديم، لم يعد ممكناً. ولم يعد ممكناً للبنى القائمة، وعلى الخصوص للمتشددين الذين أطبقوا الخناق على سلوك تلك البنى خلال الأعوام الماضية، ومن كل الأطراف، أن يقدموا للشعب السوري سوى المزيد من الخراب والدمار والآلام والمخاطر الوجودية الكبرى.
بكلامٍ آخر، فإنّ الظرف الدولي والظرف الداخلي، وفي لجة الأزمة الشاملة الراهنة، قد نضجا لتطبيق القرار 2254. نضجا لتطبيق القرار بجوهره، أي بتفعيل حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، وبمندرجاته وتفاصيله الكاملة التي يمكن تكثيفها في ثلاث نقاط أساسية: (جسم حكم انتقالي، دستور، انتخابات).
إنّ الحلم الإنساني بحياة كريمة وسعيدة وآمنة، والذي بقي معلقاً حتى الآن، وكذلك الحلم السوري المطابق في جوهره للحلم الإنساني العام، بات قريباً من التحول إلى واقع. الانتقال الحضاري الشامل الذي يعيشه العالم بأسره، لن يترك سورية وراءه. بل وأكثر من ذلك، وبحكم درجة التشابك الدولي في سورية نفسها، فإنّ النموذج السوري في تحقيق الحلم الإنساني، مرشح لأن يكون بين أوائل النماذج المحققة في العالم بأسره.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 961