افتتاحية قاسيون 938: ماذا يعني انطلاق اللجنة الدستورية؟
انطلقت أعمال اللجنة الدستورية السورية يوم الأربعاء الماضي 30 تشرين الأول، بعد انقضاء أكثر من عام ونصف على مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي في 30 كانون الثاني 2018.
لأول مرة منذ بداية الأزمة السورية، تجلس الأطراف السورية وجهاً لوجه، وجنباً إلى جنب، في قاعة واحدة. وذلك بعد سنوات عديدة ساد فيها الخطاب الإقصائي القائم على الحسم والإسقاط؛ وبكلام آخر، إنّ هذا الاجتماع يشكل اعترافاً ضمنياً وعملياً من الأطراف كلها، والمتشددة منها بالذات، بأنّ الحوار والحل السياسي على أساس القرار 2254 ومخرجات سوتشي، هو المخرج الوحيد.
ورغم الصعوبات المختلفة المتوقعة، والتي ظهر جزء منها منذ الساعات الأولى، وعبّر عن نفسه بدرجة ما من التوتر والتشنج، إلا أنّ ذلك أمر متوقع وطبيعي بعد كل هذه السنوات، أي إنّ عملية تكسير الجليد قد بدأت فعلاً.
اللجنة الدستورية، وكما قلنا مراراً، هي مفتاح العملية السياسية، وهذا المفتاح قد بات اليوم في أيدي السوريين، وما تبقى هو معرفة كيفية استخدام هذا المفتاح لفتح القفل، أي العملية السياسية، بالتوازي مع العمل ضمن اللجنة الدستورية. هذه العملية في نهاية المطاف، هي بالمضمون: التطبيق الكامل للقرار 2254، وبالجوهر: تهيئة الأرضية المناسبة والأدوات المناسبة التي تسمح للشعب السوري أن يقرر مصيره بنفسه ودون تدخلات خارجية، أي إنها تتضمن أيضاً العودة عن تدويل المسألة السورية باتجاه حلها في الإطار الوطني.
في السياق ذاته، فإنّ من الضرورة بمكان تكثيف العمل باتجاهين واضحين؛ الأول هو تسريع العمل في اللجنة بحيث يؤدي المطلوب ضمن آجال معقولة، بالتوازي مع البدء في المسائل الأخرى ضمن العملية السياسية، والثاني هو الدفع نحو نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، وعلى أساس ضمانات واضحة وكافية، بحيث تجري عملية صياغة الدستور السوري على الأرض السورية وبتسهيل وتيسير من الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يعني في جوهره، الانتقال نحو التنفيذ الفعلي للقرار 2254 على الأرض السورية بالذات، ومن خلال إعطاء الزخم اللازم للمسألة الدستورية بوصفها نقطة علام فاصلة في إطلاق الحياة السياسية في البلاد بعد غيابها الطويل.
إنّ مختلف الموانع الشكلية التي وقفت طوال ما يقرب من سنتين في وجه تشكيل اللجنة، لم تكن أكثر من تعبير عن ضعف الإرادة السياسية في الذهاب باتجاه الحل، وتشكيل اللجنة كان إعلاناً أولياً لكسر إرادة المعطلين، ولكن ليس بشكل نهائي بطبيعة الحال؛ فهؤلاء سيحاولون النفاذ من أية ثغرة لتأخير العملية، ولذا فإنّ من الأمور المفيدة أيضاً، في الأجل القريب، تحويل مناقشات اللجنة الدستورية إلى مناقشات علنية يسمعها ويشاهدها الشعب السوري بأكمله، لما لذلك من أهمية كبرى في فرض الرقابة الشعبية الواسعة على العملية بأسرها، ليكون بمقدور السوريين أن يعرفوا يوماً بيوم، وتفصيلاً بتفصيل، آراء ومساهمات كل جهة وكل طرف وكل شخص.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 938