ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار ولبنان.. عَوْدٌ على بدء!
ناريمان عاطف ناريمان عاطف

ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار ولبنان.. عَوْدٌ على بدء!

يُعتبر ملف اللاجئين السوريين أحد الملفات الهامة التي يتوجب إيجاد حلول جذرية لها تتصل بجذرية الحل السياسي للأزمة السورية.

فقد بات الملف ميداناً للتجاذب والضغط إقليمياً ودولياً تجاه سورية، وداخلياً في دول اللجوء في ظل السكون الظاهري على عملية الحل السياسي السوري التي يتوقف عليها مصير أكثر من /5,6/ مليون لاجئ سوري مسجل في دول الجوار؛ (/3,4/ مليون في تركياـ /1/ مليون في لبنان يتوزع معظمهم على عشرات المخيمات في محافظتي البقاع /عرسال/ وطرابلس /عكار/ المحاذيتين لسورية- /660/ ألف في الأردن- /250/ ألف في العراق)، منهم /2,6/ مليون طفل، بالإضافة إلى ما يفوق /150/ ألفاً في دول شمال إفريقيا، ونحو مليون لاجئ في أوروبا، و/21/ ألفاً في أمريكا الشمالية يشكلون نسبة 1% فقط من مجموع اللاجئين السوريين، وذلك حسب تقارير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نهاية 2018، عدا غير المسجلين منهم الذين لا تتوافر إحصائيات رسمية بخصوصهم.
ورغم أن الجوار الإقليمي لم يراعِ حقوق اللاجئين المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية للأعوام 1951 و1967 في ظروف السكن والتعليم والعمل وظروفه وحرية التنقل.. إلخ، فإنه حاول العمل على توظيف هذا الملف لصالح فرض أجنداته في سورية قبل إطلاق العملية السياسية، كتركيا التي ظلت حتى مطلع عام 2019 تتخذ من اللاجئين ذريعةً لإنشاء المنطقة الآمنة داخل الحدود السورية، وتم استيعابها حتى الآن بالاتفاق الروسي التركي السوري الذي اتخذ من اتفاقية أضنة 1998 منصةً تعالج الوضع في الشمال السوري، وتحافظ على السيادة السورية. بالإضافة إلى الضغوط التي ُتمارس على الأردن لمنع عودة اللاجئين، رغم تحسن الأوضاع في الجنوب السوري. أما في لبنان فيتخذ اللجوء شمّاعة تُعلق عليها مختلف الأزمات من البطالة والفقر والعجز المالي والتوتر الأمني وإقرار الموازنة للدولة للعام الحالي 2019 الذي حمَّل مختلف الطبقات والفئات الشعبية مزيداً من الأعباء والضرائب في بلدٍ بلغ فيه حجم الدّين العام في 2009 حوالى/50,2/ مليار دولار أمريكي، بنسبة بلغت 153% من حجم الناتج المحلي الاجمالي، قبل نشوب الأزمة في سورية وتدفق اللاجئين إليه. بمعنى أن الأزمات الاقتصادية الاجتماعية في لبنان ليست ناشئة عن اللجوء السوري، وإنما هي مفرزات طبيعية لنظام المحاصصة الطائفية الذي يقوم على مبدأ التبعية الخارجية، وليس الوطنية. ولن تحلها عودة اللاجئين السوريين.
بل تفيد التقارير بمساهمة السوريين في الإنتاج في دول اللجوء بالإضافة إلى المعونات الدولية المقدمة لتلك الدول (/236/ مليار دولار إنتاج اللاجئين السوريين في كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا خلال أربع سنوات مقابل/9,1/ مليار دولار مساعدات- قاسيون 723)، وتقارير البنك الدولي التي أفادت بتوليد الأزمة السورية لفرصٍ للمصدرين اللبنانيين تتيح استبدال خسارة الإنتاج في السوق السورية وفي باقي الأسواق المرتبطة بها خصوصاً في الصادرات الغذائية والمرافئ.
وبغض النظر عن أن عودة اللاجئين السوريين لن تحل الأزمات المعقدة في دول الجوار، وخصوصاً في لبنان، غير أن عودتهم تشكل نقطةً جامعةً لمختلف الأطراف اللبنانية المتصارعة، وطرح حلولٍ لها تستند إلى أساس عودتهم الآمنة إلى بلادهم بعد تحسن الظروف الأمنية والعسكرية في معظمها، هو ما استندت إليه دعوة روسيا للبنان ـ وكذلك للعراق ـ في السادس عشر من حزيران الجاري لحضور اجتماعات آستانا تموز المقبل كأعضاء مراقِبين، في تصوّر روسي لقدرة الاصطفاف اللبناني إلى جانب مسار آستانا على خرق الجمود الظاهر على العملية السياسية في سورية، واجتذاب أطراف إقليمية أخرى لتوسيع نطاق عمل المسار الذي يشكل مع مسار سوتشي روافد لمسار جنيف المؤدي أخيراً إلى تطبيق كامل القرار الدولي 2254 الذي ينص على كون الحل السياسي للأزمة السورية بقيادة سورية هو الحل المستدام، ويرى في عودة اللاجئين والنازحين جزءاً لا يتجزأ من الحل. وهو ما يؤدي في النهاية إلى عزل الأطراف الدولية والإقليمية والداخلية المعارِضة للحل السياسي عن أي دور سياسي لها في سورية وفي الإقليم وعالم الغد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
920