حريق... من حرائق الجزيرة!

حريق... من حرائق الجزيرة!

لا تخلو الأخبار اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى في الإعلام الرسمي من الحديث اليومي، عن الحرائق في الجزيرة السورية، وربطها بممارسات مفتعلة لأطراف سياسية كردية... كما بدأ المتعاطفون بالانسياق و«التضامن الإعلامي»، في مسألة «يُنفخ فيها» علّ حريقاً فعلياً يشتعل.

طالت الحرائق حوالي 7000 هكتار من أراضي المحاصيل في الحسكة، وفق تصريحات لمديرية الزراعة بتاريخ 8-6-2019. وهي مساحة أقل من 1% من المساحات المزروعة بالقمح والشعير في الحسكة، والبالغة 900 ألف هكتار تقريباً.
إن الفرصة الطبيعية لاشتعال الحرائق في هذا العام، هي أعلى من غيرها، فمع الأمطار الغزيرة خلال عام مضى، فإن كثافة الأحراش والأعشاب المتيبسة في هذا الوقت من العام هي أعلى، وتزيد من احتمالات الاشتعال.
وقد طالت الحرائق المناطق العراقية كذلك الأمر، بحوالي 3700 هكتار من القمح والشعير... دون أن تثير كل هذه الضجة، على الرغم من الأخبار التي تمّ تناقلها عن تبني تنظيم داعش لحرائق المحاصيل العراقية!
ولكن حرائق الجزيرة السورية، أهمّ إعلامياً... وهي هدف سياسي وإعلامي يضعه البعض نصب أعينه. ولا يمكن أن يأتي إلّا في سياق رفع التوتر الأهلي في المنطقة، حيث يبدو أن البحث عن صراع محلي، يجري «بالسراج والفتيلة» فعلياً!
ليس من المستبعد أن تتورط أطراف بإشعال الحرائق في المنطقة، حيث إن مؤشرات أخرى تدل على ذلك... فعلى سبيل المثال: أتى تسعير الإدارة الذاتية للقمح بسعر قريب من سعر التكلفة، في سياق رفع التوتر مع المزارعين، وفق ما ارتأت وحذرت أطراف محلية في الجزيرة.
ولكن الإعلام المسيّس يلعب دوره الطبيعي في هذا السياق، فيُكبّر الأحداث، ويحاول أن ينقل حرائق المحاصيل لتُسعّر حريقاً اجتماعياً في المنطقة التي تعتبر هدف توتير دولي، وإقليمي ومحلي من جانب الأطراف التي لا تريد حلاً توافقياً في الجزيرة السورية... والتي تستفيد من استعار الفوضى فيها.
التعويل الأساس في مواجهة هذه الحملة، هو على قوى المجتمع المحلي في المنطقة، التي لعبت دوراً خلال مراحل الأزمة السورية، في حماية السلم الأهلي في المنطقة، رغم الألغام الكثيرة المزروعة... إن البحث عن تعويض للمزارعين عن الحرائق، والسعي للحد من حصول الحرائق أو افتعالها، هو مهمة أمام الأطراف الوطنية السورية في المنطقة... وكذلك فإن كل الأطراف الأخرى عليها ألّا تلعب دوراً تحريضياً، وتستثمر بضيق أفق سياسي في حرائق الجزيرة، لأنها بهذا تخدّم الراغبين في إيقاد نار فعلية في المنطقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
917
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 حزيران/يونيو 2019 13:52