الأمم المتحدة تُفصّل الأنشطة الإجرامية لـ «الخوذ البيضاء»
اعتمدت وسائل الإعلام الغربية التابعة للشركات الكبرى الصمت المطبق إزاء جلسة الأمم المتحدة التي استمرت لأكثر من ساعة يوم الخميس 20/12/2018، والتي تناولت تفاصيل محددة حول الطبيعة الإجرامية لمنظمة «الخوذ البيضاء» العاملة في سورية والمدعومة غربياً.
على الرغم من حضور عدد لا بأس به من الصحافيين خلال الجلسة، وقيام الأمم المتحدة ببث هذه الجلسة على موقع «UNtv» وعلى «يوتيوب»، إلّا أن الأخبار حول هذه الجلسة لم تزل في إطارها الضيق والمحدود جداً. وعلى الأرجح، فإن هذا الصمت يرجع إلى تلك الوثائق التي لا يمكن دحضها والتي تم تقديمها خلال الجلسة حول اشتراك منظمة «الخوذ البيضاء» في العديد من الأنشطة الإجرامية، والتي تشمل سرقة الأعضاء البشرية، والعمل مع الإرهابيين- بما في ذلك القناصين- وتنظيم عمليات إنقاذ مزيفة، وسرقة المدنيين، وغير ذلك من الأساليب الإجرامية المباشرة.
بحوث من صحافيين دوليين
كان لافتاً، البحث الذي أجرته الصحافية البريطانية فانيسا بيلي، حيث قدّمت محاضرة تستند إلى الحقائق حول سنوات بحثها في تأسيس وتمويل «الخوذ البيضاء» وأنشطتها الشنيعة. وهو بحث يشمل العديد من الزيارات إلى مراكز «الخوذ البيضاء» في سورية، وشهادات لا تحصى من مدنيين سوريين، وكذلك مقابلة مع قائدٍ من ذوي «الخوذ البيضاء» في منطقة درعا البلد جنوب البلاد.
وعلى هذا النحو، تحدث مكسيم جريجورييف، مدير مؤسسة دراسة الديمقراطية (وهو عضو في شبكة الأمم المتحدة العالمية لأبحاث مكافحة الإرهاب) مطولاً وبالتفصيل عن الشهادات التي قدمها أكثر من 100 شاهد عيان لمنظمته، ومن بين هؤلاء أكثر من 40 عضواً من المنظمة، و15 من الإرهابيين السابقين، و50 شخصاً من المناطق التي تعمل فيها «الخوذ البيضاء»، فضلاً عن أكثر من 500 شخص تمت مقابلتهم في مسحٍ جرى في حلب ودرعا.
ومن بين العديد من الشهادات التي قدمها جريجورييف، كان هنالك العديد من الروايات التي تحدثت عن تورط «الخوذ البيضاء» في أعمال سرقة الأعضاء. حيث يقول أحد مسؤولي التمريض في حلب: إنه رأى جثمان جاره الذي أخذته «الخوذ البيضاء» إلى تركيا من أجل «العلاج»، ويتابع: «رفعت الغطاء، ورأيت جرحاً كبيراً من أسفل الحلق إلى المعدة... لمسته بيدي، وفهمت أنه من الواضح أنه لم يتبق أية أعضاء». ويؤكد آخر: «يتلقى الشخص إصابة طفيفة، ويتم إنقاذه... ثم يُعاد إلى مكانه بمعدة مفتوحة وبأعضاء ناقصة».
ويشير التقرير إلى الارتباط الواضح بين «الخوذ البيضاء» و«جبهة النصرة»، حيث يقتبس عن مسعف سوري اسمه «عمر المصطفى» قوله: «تقريباً جميع الأشخاص الذين كانوا يعملون في مراكز ذوي الخوذ البيض القريبين هم مقاتلو النصرة، أو كانوا مرتبطين بهم. حاولت الانضمام إلى الخوذات البيضاء بنفسي، لكن قيل لي: إذا لم أكن من النصرة، فلن يتمكنوا من توظيفي».
حقائق تمويلية وسياسية
هنا نورد بعض الحقائق المستندة إلى التقارير المقدمة: «منحت الحكومة البريطانية المنظمة مبلغ 32 مليون جنيه إسترليني، لتغطية احتياجاتها منذ عام 2013. ومنها: 12,5 مليون حصلت عليها المنظمة فقط في عام 2016»
أما ميزانية «الخوذ البيضاء» فتبلغ، وفقاً لمعطيات سورية، حوالي 50 مليون دولار في العام الواحد. ومن المفترض أن تكون «الخوذ البيضاء قد حصلت في عام 2013 على مبلغ 13 مليون دولار إضافية من الولايات المتحدة وبريطانيا، بما في ذلك من الشركات المرتبطة برجل الأعمال جورج سوروس».
وبعد ذلك، حصلت «الخوذ البيضاء» على دفعة قدرها 23 مليون دولار من «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية». وفي معرض الحديث عن مؤسس «الخوذ البيضاء»، جيمس ليميزريه، تؤكد التقارير: أن «الحديث يدور عن «خريج الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست، والتي تعمل حتى يومنا هذا في خدمة صاحبة الجلالة (المقصود الملكة البريطانية)، وعلى وجه الدقة في خدمة الاستخبارات العسكرية البريطانية».
هذا، وقد اكتسبت منظمة «الخوذ البيضاء» شهرة إضافية، ليس فقط عبر فبركة مقاطع الفيديو، بل أيضاً نتيجة للعمل النشط والمدروس الموجه ضد روسيا، على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم إنشاء عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية باسم مواطنين سوريين مفترضين، وغالباً ما كانت نشاطات هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي «مستندات» اعتمدت عليها العديد من التقارير ومشاريع القرارات الغربية، سواء في مجلس الأمن أو في غيره.