أمريكا ليست حليف «قسد

أمريكا ليست حليف «قسد

تتحول منطقة شرق الفرات إلى مركز الاهتمام الأساسي في عملية إطفاء نقاط الاشتعال في الأراضي السورية. فإدلب وبعد اتفاق سوتشي، أصبحت رهن مسارين: إما إرضاخ مستخدمي النصرة، للتخلص منها دون معارك، أو إجراء المعركة الكافية الضرورية ليقتنعوا. ولكن شرق الفرات حيث القوات الأمريكية هو المفصل الأكثر حساسية.

الولايات المتحدة تريد إبقاء قواتها، كأداة ضغط، وأداة تفاوض ودخول على ملف تسوية الأزمة السورية. تعتمد بهذا على سيطرتها على قوات «قسد»، ومنعهم من الانخراط بشكل فعال في إطار التسوية السياسية. وتعتمد على إبقاء جيب داعش في دير الزور وحمايته.
وهي بهيمنتها العسكرية والمالية على قوات قسد، تريد استخدام قضية الكرد السوريين، لتأجيج التوتر في المنطقة، ولهذا أداة أساسية: معركة تجر إليها طرفين أساسين: تركيا وقوات قسد.
ينبغي التذكير بما حدث في عفرين...
«تتخبى» القوى القومية التركية المتشددة الحاكمة وراء التهديد الكردي، للتغطية على المستحقات السياسية والاقتصادية والديمقراطية في الواقع التركي، وهذا منذ عقود. والاستفزاز الأمريكي المتمثل في حينها بالحديث عن حرس حدود من القوات الكردية المدعومة أمريكياً، أمّن لتركيا ذريعة «تهديد الأمن القومي»، وأعلنت تركيا نيتها الدخول.
وهنا كانت المبادرة الروسية لمنع التصعيد، والتي تضمنت إخراج القوات الكردية المسلحة من عفرين، ودخول الجيش السوري، مقابل بقاء الإدارة المدنية الذاتية لدى الأطراف الكردية. ولكن أطرافاً سورية بدفعة أمريكية رفضت المبادرة، وفي مقدمتها الطرف الكردي. ودخلت القوات التركية لتحتل عفرين ومناطق أخرى، وتخلت أمريكا كما هو متوقع عن «دعم حلفائها».
اليوم نحن أمام مطب مماثل، فتركيا تهدد بالتصعيد في المنطقة بذريعة أمنها الوطني، ومواجهة الإرهاب. والقوات الكردية في منطقة الجزيرة السورية، لن تجد الأمريكان حلفاء لها. وتحديداً مع ارتفاع التنسيق الأمريكي التركي الآن بخصوص منبج!
إن سحب فتيل التصعيد، يقتضي حلاً وحيداً. منع تركيا من الدخول بسحب الذريعة، وإعادة المنطقة لتتصل مع مناطق البلاد بشكل طبيعي، وإنهاء حالة الانعزال، ودخول قوات الجيش السوري إليها.
الأمر الذي يقف دونه الوجود العسكري الأمريكي، والذي يتطلب حراكاً سورياً وطنياً، وسياسياً دولياً، بل وعسكرياً لإخراجها، وإعادة الجزيرة السورية جزءاً من سورية، مع كل ما يتطلبه هذا من إبقاء الإدارة المدنية الذاتية لأهالي الجزيرة على منطقتهم، ودخول القوى السياسية الكردية إلى ملف التسوية السياسية السورية الشاملة، لتأخذ القضية الكردية حقّها من الاهتمام، وتخرج من يد الأمريكيين كأداة استخدام.
الاحتلال التركي لأراضٍ سوريةٍ لن يستمر، وستفرض وقائع التسوية السياسية وميزان القوى الدولي، خروجهم كما خروج كل القوات، وفي مقدمتها الأمريكيون.

معلومات إضافية

العدد رقم:
890
آخر تعديل على السبت, 10 شباط/فبراير 2024 12:05