«جيب التحالف الداعشي» في دير الزور
«حرر» التحالف الدولي الرقة، منذ عام مضى، بعد أن ردمها فوق سكانها، ولم يسمح بإقامة ممرات آمنة لخروج المدنيين. وبعد عمليات «التحرير» التي امتدت على طول الشريط الحدودي السوري مع العراق، والتي قامت بها قوات سورية الديمقراطية، بقيت منطقة لا تتجاوز طولاً 60 كم، على الضفة الشرقية للنهر... «مستعصية على التحرير» بل بقيت قوات داعش فيها محافظة على قدراتها الهجومية!
المنطقة التي تضم مجموعة من البلدات الأساسية: هجين، والشعفة، والسوسة، والباغوز. منطقة محاصرة من كل الجهات، وتشن فيها قوات سورية الديمقراطية حملة عسكرية منذ فترة قريبة. تدعمها شكلياً قوات التحالف، ولكن نتائج هذا الدعم على المنطقة، وعلى قوات «قسد» بحد ذاتها، سلبية.
فمنذ أن بدأت الحملة، تكررت الأخبار من مصادرها السورية، والدولية التي أكدتها منظمة العفو الدولية، متحدثة عن ضربات التحالف: منها بالأسلحة المحرمة دولياً، كالفوسفور الأبيض، ومنها بمجازر الضربات التي أودت بحياة عائلات بأكملها، وحتى الضربات التي استهدفت قوات سورية الديمقراطية ذاتها! حيث بعد أن حررت القوات قرية هجين، والقريتين الجنوبيتين من المنطقة: السوسة والباغوز. استطاعت داعش استعادة المناطق المحررة بكاملها تقريباً بعد أن أوقف التحالف ضرباته العسكرية! هذا عدا عن هجوم داعش في بداية المعركة، على مخيم للنازحين في قرية هجين، واختطافه لقرابة 100 عائلة...
المصادر السورية، كررت تأكيدها بأن قوات التحالف، ومروحياته تحديداً، تخلي قياديين من التنظيم من المنطقة، وهو ما عادت تصريحات الخارجية الروسية، لتشير إليه، ضمن حديثها عن عمليات حماية الإرهابيين في هذه المنطقة، ونقلهم إلى مناطق أخرى في العراق وأفغانستان، وحتى صرح وزير الدفاع الروسي بأن هذه القوات يتم نقلها إلى مناطق آسيا وحتى حدود المحيط الهادئ.
لا يخفى على أحد، أن هذا الجيب الداعشي، هو الذريعة والشماعة اللتين تعلق القوات الأمريكية بهما، وجودها العسكري في منطقة شرق الفرات.
فالجيب المتروك يسمح بشن هجمات على المناطق التي سيطرت عليها القوات الحكومية، ويسمح بإعاقة فتح الطرق بين سورية والعراق. ويسمح أيضاً بحماية بقايا التنظيم، وإعطائه مساحة أمان، كما أنه يسمح بإبقاء الربط الأمريكي مع قوات سورية الديمقراطية.
ولكن الولايات المتحدة لا تستطيع المماطلة طويلاً في إبقاء هذه المنطقة، وتحديداً مع الضغوطات الداخلية، والتجاذبات الأمريكية، حول بقاء القوات في سورية، والخطر المحيط بها. ومع اقتراب فتح ملف منطقة شرق الفرات، بعد أن أصبح اتفاق إدلب ساري المفعول، ومساره مسألة وقت.
إنهاء جيب داعش هذا، قد يكلف المنطقة غالياً، وقد يتم أو لا يتم. ولكن الأمريكيين يعلمون أن تركه، سيعني مبادرة الآخرين لحل وضعه. وتحديداً بعد أن تحدث الروس حول هذه المسألة، وضرورة إنهاء الوجود الإرهابي في هذه المنطقة.
الأمريكان مضطرون أن يتخلصوا من ذريعتهم، وإلا فإن الآخرين سيتصدون لهذه المهمة...