استقطابات إدلب
بدءاً من الاتفاق حول المنطقة منزوعة السلاح في إدلب الذي تم إبرامه الشهر الماضي بين روسيا وتركيا، بدأ نشاط المجموعة المصغرة بشأن سورية (التي تضم فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردنّ) في محاولة لتمييع الحلول التي أتى بها الاتفاق عسكرياً، عن طريق سياسي.
حيث تعتبر ورقة المجموعة الصغرة تدخُّلاً فاضحاً في الدستور السوري وهي بهذا تشابه (لا ورقة تيلرسون) التي قدمها في بداية العام الحالي، وطريقة مباشرة لإعاقة عمل اللجنة الدستورية القادم بفرض شروط مسبقة عليها، وإعاقة عمل الترويكا (روسيا- ايران- تركيا) أو في أقل التقديرات إعاقة توسع الترويكا مستقبلياً إلى منظومة إقليمية تخرج الأمريكان و)الإسرائيليين)، دون أن ننسى محاولات تشكيل (الناتو العربي التي تصب في الاتجاه نفسه.
ولا تعدو الجهود التركية في عقد الاجتماع الرباعي كونها محاولة لدمج الترويكا مع جزء من المجموعة المصغرة (وهذا نوع من التوفيق الصعب)، بحيث تجمع (روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا) حيث الدافع وراء ذلك هو محاولة إرضاء الأوروبيين وخاصة الألمان.
وإذا كانت ورقة المجموعة المصغرة قد أشعلت الأمل في استعادة الولايات المتحدة لدورها في المنطقة في نفوس البعض وجعلت الاعتقاد (بسياسة أمريكية جديدة) قابلاً للتصديق لديهم، فإن الوقائع- وحتى ما يصدقه حلفاء الأمريكان في المنطقة- هي في واد آخر، فالتغيرات الدولية لم تعد تخفى على أحد وليست الأماني بعودة حليمة إلّا قبضٍ ريح.
وإن كانت تصريحات أردوغان حول الخروج من إدلب (سنغادر سورية ونتركها لأهلها بعد أن يجري شعبها انتخاباته)، والتصريحات النارية لجاويش أوغلو حول الأكراد قد عززت الروح (الثورية) لدى البعض، فإنها لن تغير شيئاً من تطبيق الاتفاق حول المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، والتي بدأت أولى خطواته من خلال سحب الأسلحة الثقيلة مثل: قاذفات الصواريخ والمدافع الميدانية والعربات المدفعية.. من خطوط التماس.
وتشدد الدبلوماسية الروسية على أن (اتفاقيات إدلب مؤقتة)، وهدفها النهائي هو (القضاء على بؤرة الإرهاب في سورية بشكل عام، وفي منطقة إدلب على وجه الخصوص، واستعادة وحدة وسيادة الدولة السورية).