سيرك عسكري يستبق اللجنة الدستورية

سيرك عسكري يستبق اللجنة الدستورية

في الوقت الذي تدير موسكو حراكاً سياسياً ودبلوماسياً واسعاً متعدد الاتجاهات من أجل أن يلتمّ شمل اللجنة الدستورية، عاد بعض الساسة الغربيين إلى الحديث بلغة التهديد والحرب والتدخل، حيث أفادت تقارير إعلامية عن تحضيرات عسكرية أمريكية فعلية من أجل ذلك، وذلك بالتوازي مع تحضير جوكر اللعبة الكيماوية «الخوذ البيضاء» لتقديم عرض جديد في إدلب، كما تشير تقارير روسية، حيث تجري التحضيرات العسكرية والدبلوماسية لتطبيع الوضع هناك، من خلال تصفية جبهة النصرة وتحييد الجماعات المعتدلة.


تدرك قوى الحرب في الإدارة الأمريكية ومعها حلف الحرب عموماً، بأن حسم الموقف مع جبهة النصرة في إدلب، وتشكيل اللجنة الدستورية، وانطلاق عملها يعني فقدانهم لأحد أهم أدوات العرقلة... ليتضح أكثر فأكثر الفارق بين من يريد تطبيع الأوضاع في البلاد ضمن عملية سياسية شاملة، وليقرر السوريون مصير بلادهم، وبين من يريد خلط الأوراق وإيجاد الذرائع مع أي تقدم على طريق التسوية السياسية.
وإذا كانت محاولات الفاشست الأمريكان في منع تقدم الخيارات الروسية مفهوماً، من خلال التهديد والاستعراض العسكري، الذي لم يغيّر شيئاً من الاتجاه العام في تطور الأوضاع، فإن ما يدعو إلى الاستغراب هي الرهانات الخاسرة المتكررة والمستمرة على «سياسة أمريكية حازمة» جديدة بخصوص سورية، وإمكانية الاستفادة منها، رغم كل التخبط والتردد والتراجع الذي تعاني منه واشنطن، ورغم تقدم خيارات موسكو وتعزيز مواقع روسيا على النطاق الدولي.
إن الهجوم الاستباقي المضاد الذي تقوده موسكو، ضد التهديدات الغربية من خلال فضح التحضيرات الجارية للعدوان، والدعوة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الوضع في إدلب، أو من خلال السعي إلى استكمال ما لم ينجز فيما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية، من شأنها أن تشلّ فعالية أي «سيرك» عسكري غربي قد تلجأ إليه الرؤوس الحامية حفاظاً على ماء وجهها، فالاتجاه العام، اتجاه الوصول إلى حل سياسي على أساس القرار 2254 لم يعد واضحاً فقط، بل بات ثابتاً ووحيداً لا تنفع معه الدسائس والألاعيب العسكرية والاستخباراتية.

موقع قاسيون الالكتروني