الحل السياسي.. ميسلون 2018!
تشكل معركة ميسلون بغض النظر عن النتيجة العسكرية لها، واحتلال البلاد من قبل قوات الاحتلال الفرنسي، ظاهرة نوعية في التاريخ السوري، وإحدى العلامات الفارقة في تشكيل الدولة السورية، وتبلور الوعي الوطني السوري.
تكتسب هذه الذكرى في ظروف البلاد اليوم إلى جانب أهميتها الوطنية التاريخية، معنى استثنائياً، فاستعادة هذه الذكرى، ليست مجرد طقس احتفالي، أو تغنٍ بالأمجاد على مشروعية ذلك، ولكن الأهم من ذلك، الاستناد إلى الإرث الكفاحي لذلك الرعيل من السوريين لإنجاز مهام الحاضر، والانطلاق من الوعي الوطني بمعناه المعاصر، حسب المهام التي يضعها الواقع الموضوعي أمام السوريين في الظرف الحالي، وإذا كان ذلك الجيل بقيادة يوسف العظمة قد قام بالدور المطلوب منه، وأسس من خلال ميسلون لاستقلال البلاد، فإن الجيل الحالي من الوطنيين السوريين وفي ظل الأزمة وما نتج عنه، مدعوٌ إلى فعل يرتقي إلى مستوى ذاك الفعل النوعي لميسلون.
من نافل القول: يأتي على رأس المهام الوطنية العامة اليوم، مسألة الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدتها، وخروج القوات الأجنبية، لذا فإن إيجاد الطريق الأنسب إلى ذلك، هو مهمة وطنية من الدرجة الأولى.. ومن نافل القول أيضاً: أن الحل السياسي هو الممر الإلزامي الوحيد الذي سيؤدي إلى إنجاز هذه المهمة، وبالتالي فإن العمل من أجل الحل السياسي هو عملياً ميسلون 2018 ، رغم أنّ موازين القوى لم تكن لصالح الوطنيين السوريين في معركة ميسلون إلّا أن الخيار الصحيح أي: الخيار الوطني سرعان ما أصبح خياراً شعبياً عاماً.. وبالقياس فإن خيار الحل السياسي بمعناه الشامل والعميق، أي القضاء على ما تبقى من قوى الإرهاب، وإيقاف الكارثة الإنسانية والتغيير الوطني الديمقراطي الشامل. كلها تعتبر مقدمات لاستعادة الوحدة الوطنية العميقة، التي ستكون جوهرة العقد فيها استعادة الجولان الحبيب.
إنّ البعد الوطني في عالم اليوم، لا يقتصر على الجغرافيا فحسب، بل هو بالإضافة إلى ذلك له محتوى اقتصادي اجتماعي وديمقراطي شامل، فجميع هذه المهام هي مهام وطنية في ظروف اليوم، وهي مهام متكاملة ومترابطة لدرجة لا يمكن إنجاز إحداها دون الأخرى.