الحل والثوابت السورية
تعتبر استعادة السيادة السورية والحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً، نقطة الاستناد الأساسية التي تنطلق منها، وتتفرع عنها كل القضايا الاخرى. وهي التي يجب أن تكون النتيجة النهائية والمنطقية لأي حل، في الأزمة السورية.
كما أن الدور الإقليمي التاريخي بدوره معطى ثابت ، منذ تشكل الدولة السورية، لم يرتبط لا بنظام أو معارضة، فهذا الدور يكاد يكون من المكونات الموضوعية لوجود سورية نفسها كدولة، وخصوصاً في الموقف من القضية الفلسطينية، وتحرير الأراضي السورية المحتلة، وهو ما جعلها تقليداً وطنياً سورياً عبر التاريخ وأحد مكونات الهوية الوطنية السورية، وأحد أركان وجود الدولة السورية، وعليه لامجال لحياد السورية في المعادلة الإقليمية، وعلى الرغم من حالة المد والجزر، في فعالية هذا الدور خلال المراحل التاريخية السابقة، إلّا أنه بقي حاضراً تبعاً للتوازنات الإقليمية والدولية.
وفي ظل الترتيبات المعلنة التي تُسوّق حول أوضاع بلدان المنطقة، فإن إحدى المهام الجدية أمام الوطنيين السوريين الحفاظ على هذه الميزة المطلقة، لا بل وتعميقه وزيادة دوره، وهو ما لن يكون إلّا من خلال الانخراط في الحل السياسي التوافقي على أساس القرار 2254 الذي يستند على كل عناصر استمرار هذا الدور، وتعميقه، وزيادة فعاليته حسب منطوق القرار نفسه، وبنفس الوقت يشكل امتداداً لتيار دولي صاعد يعزز مواقعه باستمرار في سياق الصراع على آفاق تطور الوضع الدولي.
فالقطب الدولي الصاعد، من حيث كونه يحارب على جبهة الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والالتزام بالاتفاقات والمواثيق الدولية، والحفاظ على سيادة البلدان والدول، فإنه موضوعياً يصبح عاملاً مساعداً في الحفاظ على الثوابت الوطنية الموضوعية لعموم بلدان الأطراف ومنها: سورية.
من هنا، يمكن القول: بأن المصالح الوطنية السورية، تتقاطع تماماً مع اتجاه تطور الوضع الدولي عبر زيادة دور القوى الصاعدة، رغم كل المشاريع المطروحة، لذا فإن الانخراط الكلي في هذه العملية التاريخية أي: مشروع القوى الدولية الصاعدة، إحدى الضرورات الوطنية السورية، مع الإشارة إلى أن الثوابت الوطنية واستعادة السيادة كاملة غير منقوصة، مع العلم أنها في عالم اليوم وتحديداً في الظرف السوري، لم تعد مجرد سياسات وشعارات عامة، بل هي قبل ذلك إجراءات ملموسة مضادة لمشروع الفوضى الأمريكي بالمعنى العسكري والسياسي عبر الهجوم على جبهة الحل السياسي، وإستراتيجياته، واستكمال محاربة الإرهاب، الانفكاك عن السياسات الاقتصادية الليبرالية المدمرة، والتغيير الوطني الديمقراطي.
عنصر الزمن
إن تشابك القضايا الدولية، ومستوى التدخل الإقليمي والدولي في البلاد، ودرجة التعقيد الداخلي واستخدام الولايات المتحدة سياسة الابتزاز تجاه القوى الدولية كلها، بما فيها مع حلفائها، يساعد على بقاء الأزمة السورية باستمرار ساحة للمساومة، لاسيما وأنّ الإدارة الأمريكية قررت مؤخراً الانفتاح على موسكو، وبحث الملفات العالقة كلها حسب تصريحات دبلوماسيي الطرفين، فرغم أن الاتجاه العام في سير الأزمة السورية، بات محدداً، ولا يخدم سياسات الفوضى الخلاقة، إلّا أن ذلك لا يلغي قدرة قوى العالم القديم ولو بشكل مؤقت على اللعب، من خلال ما تبقى من أدوات لديها، وخلط الأوراق مجدداً، والاستفادة من التراكم الذي شكلته حالة العرقلة المزمنة، ومن هنا، فإن الإقدام على تنفيذ القرارات الدولية، والإسراع بهذا الاتجاه، واختصار الزمن بات عنصراً أساساً في تجاوز الأزمة، التي لا تحتمل التأجيل في ظل اضطرار واشنطن إلى العودة إلى حلبة التفاوض.