آخر محاولات الإعاقة
لم تدخر قوى الإعاقة جهداً، منذ بيان جنيف1 وحتى الآن لمنع الحل السياسي، ومع كل تقدم على طريق العملية السياسية، وكلما تهيأت الظرف لتحويل هذه العملية الى إجراءات ملموسة، كانت هذه القوى تلجأ إلى تصعيد متعدد الأشكال، عسكري أو دبلوماسي وسياسي وإعلامي، لإجهاض التقدم.
ضمن هذه الرؤية، يمكن تفسير التصعيد الذي حدث مؤخراً، في أكثر من موقع، وعلى أكثر من جبهة، وحيثما استطاعت قوى الإعاقة، حتى وصلت إلى حد اضطرار الكيان الصهيوني الدخول المباشر على خط الأزمة، وبمستوى عالٍ وغير مسبوق، ضمن محاولات الرد على التقدم الذي حصل في مسار الحل السياسي، وخصوصاً بعد نجاح سوتشي، وإمكانية إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة على أساس القرار 2254، والتصعيد العسكري الأخير، الذي هو بالدرجة الأساسية، امتداد لذلك التصعيد السياسي والدبلوماسي الذي سبق مؤتمر الحوار السوري – السوري، بهدف منع انعقاده، أو إفشاله، أو الالتفاف على نتائجه، وتأكيد على فشل تلك الحملة في تحقيق غايتها في الإعاقة.
إن اقتران التصعيد بتقدم الحل السياسي على مدى سنوات الأزمة، يؤكد مرة أخرى، بأن معركة الحل هي معركة وطنية بامتياز، وأن من أهم تجليات الموقف الوطني لأية قوة سورية اليوم، هو الموقف من الحل السياسي على أساس القرار 2254، طالما أن قوى العدوان تحاول بشتى الطرق، وتستخدم كل ما لديها من أوراق، لمنع هذا الحل، واستمرار حالة الاشتباك وإنهاك سورية.
إن تصاعد النشاط العدواني، يفرض على جميع الوطنيين السوريين
الإسراع بالحل السياسي، كونه الطريق الأقل كلفة لردع العدوان، سواء من جهة اضطرار هذه القوى للالتزام بالقرارات الدولية التي تنص على وحدة وسيادة الدولة السورية، أو من خلال تأمين أدوات المواجهة، وأولها توحيد بنادق السوريين، فلا تعارض بين الحل السياسي وخيار المقاومة، لا بل على العكس تماماً فإن الحل السياسي، والذي تشكل عملية التغيير الوطني الديمقراطي والشامل جزءاً منه، بات من ضرورات المقاومة بمعناها الشامل، والطريق الى بناء وحدة وطنية عميقة قادرة على إفشال كل المشاريع التي تستهدف سورية، والشعب السوري.
ومثل كل الاعاقات السابقة التي ارتدت على أصحابها، مزيداً من التراجع، فإن التصعيد الأخير، وبالدرجة الأولى العدوان الصهيوني، كأحد المعيقات، وإسقاط إحدى طائراته، والارتياح الشعبي العام العابر للاصطفافات المفروضة على الشعب السوري، وإصرار حلفاء سورية على الحل، يضع سورية أمام زخم جديد باتجاه الحل السياسي، الذي شق طريقه وإن كان بصعوبة، رغم كل العقبات، كونه ترجمة لعملية التوازن الدولي الجديد، ودور ووزن قواه الصاعدة التي تتحكم بالاتجاه العام لسير الأحداث، والملفات الساخنة على الساحة الدولية، ومنها الأزمة السورية، وكون هذا الحل هو التعبير الأمثل عن مصالح الاغلبية الساحقة من الشعب السوري.