الحل الحقيقي.. والحل الملغوم
رغم محاولات خصوم الحل السياسي خلط الأوراق مجدداً في الأزمة السورية، بعد تفجير الأوضاع في الشمال السوري والعدوان التركي على عفرين، و«لاورقة» الدول الخمس، رغم ذلك كله، فإن تقييماً موضوعياً، للحراك الدولي والإقليمي، خلال الأسبوع الفائت، من لقاء قوى المعارضة في الرياض، وزيارة وفد هيئة التفاوض إلى موسكو، إلى الاجتماعات الخاصة في جنيف، إلى «لا ورقة» الدول الخمس، إلى مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، إن كل ذلك، يقودنا إلى استنتاج أساسي، وهو أن الصراع اليوم، لم يعد على الحل السياسي بحد ذاته، على الأقل شكلاً، بل يجري الصراع على ماهية الحل، واتجاهاته، أي أن الصراع يجري اليوم بين أنصار الحل الحقيقي، وأنصار الحلول الملغومة، بمعنى آخر، أن الحل السياسي بات خياراً ثابتاً، وبمعنى أوضح، أن خيار طرف فرض نفسه على الخيار الآخر، فلأول مرة تضطر الدول الخمس، إلى طرح ورقة عن «الحل السياسي».
إن ثبات خيار الحل السياسي، والتراكم الهام الذي حدث في مساره، خلال الأشهر القليلة الماضية، وتساقط الأدوات السابقة، العسكرية والسياسية للقوى المعادية للحل، الواحدة بعد الأخرى، وضع على جدول أعمال واشنطن وحلفائها – كما يبدو - مهمة تلغيم الحل السياسي، والسعي إلى إنتاج «حل» ممسوخ، ومشوّه، بعد العجز الواضح عن إيقافه، حيث يتضح بأن «لا ورقة» الخماسية تتناقض شكلاً ومضموناً مع مسار الحل، والقرارات الدولية كلها، وخصوصاً القرار 2254، لابل أن هذه «اللاورقة» بجوهرها، ليست إلا أداة شرعنة النفوذ الإقليمي والدولي في سورية، من خلال «الحل» نفسه، أي تثبيت وتجميد الأمر الواقع الراهن، الذي يعني عملياً دفع سورية إلى التقسيم.
يعتبر الإجماع الذي حصل حول الحل السياسي، والقرار 2254 كخريطة طريق، بعد جهد مضن من القوى الدولية الحليفة، والقوى السورية الجادة، مكسباً تاريخياً للشعب السوري، من غير المسموح التفريط به، ومن أي طرف كان، وتحت أية ذريعة كانت، وهو بجوهره ووظيفته النهائية، أداة إعادة القرار إلى السوريين، ليقرروا مصيرهم، دون وصاية من أحد، ودون السعي إلى البحث عن مسارات بديلة، أو الاجتهادات التي تفرغ القرار من محتواه.
ضمن هذه الرؤية يجب التعاطي، مع جميع المبادرات التي يتم طرحها لحل الأزمة، سواء كانت المبادرات المشبوهة التي يتم طرحها من قبل حلف الحرب المأزوم والمتراجع، أو مبادرات حلفاء الشعب السوري، بما فيه مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، فهو ليس مساراً بديلاً، وليس المطلوب منه أن يكون كذلك، بل ينبغي التعاطي معه، وكما أكد الداعون إليه مراراً على أنه مسار داعم لجنيف، و أداة لدفعه إلى الأمام، وجاء قرار الأمين العام للأمم المتحدة بالمشاركة تأكيداً إضافياً على الوظيفة المحددة لهذا لمؤتمر، وعدم تناقضه مع القرارات الدولية.