كراكوز لن يذهب إلى سوتشي!
انتهت عملياً «الحملة الشعبية» الرافضة لسوتشي. استغرق الموضوع حوالي الأسبوعين، وتمثلت الحملة بمجموعة من الوسائل: (بيانات، هاشتاغات على مواقع التواصل، عرائض، مقابلات وتقارير تلفزيونية يومية، سيل عارم من المقالات، «اعتصامات» و«مظاهرات شعبية»)...
الوسيلتان الأكثر أهمية في هذه الحملة، واللتان تمنحانها «الشرعية»، وفقاً لأصحابها، هما: «الاعتصامات» و«المظاهرات الشعبية»؛ ذلك أن أصحاب الحملة، خاصة الكتاب والإعلاميين والسياسيين، يعلمون ألّا شرعية لهم، ولا حق لهم بالتكلم باسم الشعب، لذا لا بد من تحصيل الشرعية بطريقة أو بأخرى.
الطريف في الأمر، هو: أنّ مجموع المشاركين في هذه الاعتصامات والمظاهرات (المصورة بالفيديو جميعها، لأن الكاميرا هي المتظاهر رقم واحد في أيامنا هذه، بل والمتظاهر الأهم الذي لا قيمة للمظاهرة دونه) مجموع المشاركين لا يصل إلى عدد المشاركين في مظاهرة واحدة خرجت منذ أيام في يلدا وببيلا ضد جيش الإسلام!
الجانب الإعلامي في هذه الحملة، واستخدام الناس فيه للحصول على الشرعية، يعيد إلى الأذهان التقرير التلفزيوني الذي أعدته إحدى القنوات الرسمية السورية قبل أيام قليلة من رفع سعر الخبز من 15 إلى 25 ليرة. في ذلك التقرير التقت الكاميرا مع «الشعب» الذي طالب برفع سعر الخبز لأن سبب أزمة الخبز هو رخص سعره الذي يدفع بالتجار لاستخدامه علفاً للحيوانات.
بكلام آخر، فإنّ دور «الشعب» بالنسبة لهؤلاء وهؤلاء، أي للفاسدين والمتشددين في الطرفين، هو كراكوز، ضمن مسرحية مستمرة من أربعة فصول:
أولاً: تقوم الجهة السياسية (نظام أو معارضة) باتخاذ قرارها تجاه حدث أو شأن معين، ولكن دون إعلان.
ثانياً: تعطى التوجيهات لمن يلزم من إعلام وأجهزة مختصة للتعبئة بهذا الاتجاه وصناعة مظاهر «حملة شعبية».
ثالثاً: يقوم الإعلام بتغطية هذه الحملة وتضخيمها، ويبدأ السياسيون بعرض موقف «الشارع».
رابعاً: تستجيب الجهة السياسية لـ»نبض الشارع» وتعلن قرارها الذي أخذته مسبقاً، وبالنيابة عن الناس، ولكن تعلنه باسمهم!
ولكن من ينظر لما تغير منذ سبع سنوات وحتى الآن، فإنه سيجد أن التكرار السمج لهذه المسرحية، وبشكل يومي، ليس وحده ما يؤدي إلى درجة الابتذال والسخف الذي وصلت إليه، بل وأهم من ذلك أن عدد «الكراكوزات» هو بانخفاض مستمر...