الوفد الواحد: «حل عقدة» ويتبع...
بغض النظر عن الملاحظات والملابسات التي تخللت عملية تشكيل وفد واحد للمعارضة السورية، بعد اجتماع الرياض، إلا أن الخطوة وفي الأحوال كلها، تعتبر نقلة نوعية في مسار الحل السياسي، كونها حلحلت إحدى العقد الأساسية، وهي المفاوضات المباشرة، بالإضافة إلى أنها تؤكد مرة أخرى على إمكانية توافق السوريين، ليسقط رهان آخر من رهانات المتشددين..
التباينات بين أعضاء الوفد الواحد، مشكلة جدية لاشك، ولكن ما يخفف من تأثيرها، أنه كان واضحاً: أن البعض من جماعة الشروط المسبقة «كان يشتهي ويستحي» وبحاجة إلى من يتعكز عليه، لتجاوز المطبات والأفخاخ التي نصبها المتشددون، فكان لهم ما أرادوا... وتعكزوا على «أم الصبي» أي: أنصار الحل السياسي، وروّاده، وحماته، ورعاته، وسجلوا «انتصاراً» بالاستحواذ على أغلبية الأعضاء في قوام الوفد العتيد.. فكان لكل طرف «انتصاره» الخاص:
- انتصار سياسي لطرف بدفع العملية كلها إلى الأمام، مما يعني إمكانية حل العقد من خلال الحركة، مع إعلان تمايزه، أي: خوض معركة التوافق من خلال الاشتباك مع الآخر المختلف.
- انتصار عددي للطرف الآخر، ولكن دون أن يمتلك أي من مقومات الصمود أمام إصرار الراعي الدولي لدفع العملية السياسية إلى الأمام، وخصوصاً أن المباراة لن تجري على أرضه، وتحت ضغط صيحات «جمهوره» المزعوم.
ينطلق المراهنون البائسون على التباينات بين أعضاء وفد «الأمر الواقع» في إفشال الجولة القادمة، من إحداثيات باتت قديمة: إحداثيات ما قبل الغربلة التي حصلت في الائتلاف، وما قبل بيان سوتشي، وما قبل التجربة الغنية للمعركة التي خاضها أنصار الحل السياسي التوافقي عشية اجتماعات الرياض، وبعدها.
هذا الهوس الحاضر دائماً، بالتشكيك في أية خطوة على طريق الحل السياسي، وهذا البحث المجهري عن نقاط الخلاف، يعكس في العمق الموقف من الحل السياسي نفسه، ومن حيث المبدأ، ومن حيث كونه الحل الوحيد للازمة، فحتى لو رفع الـ 22 مليون سوري معاً راية الحل السياسي، سيبقى هؤلاء المشككون في مواقفهم، يمنون النفس باستمرار الأزمة، ويوهمون الناس بأنه لا حل لها..!