لن تمروا!

لن تمروا!

شهد الأسبوع الفائت حراكاً سياسياً ودبلوماسياً غير مسبوق، كماً ونوعاً في سياق دفع عملية الحل السياسي للأزمة السورية إلى الأمام، فمن لقاء قادة الترويكا: «روسيا – تركيا - إيران»، إلى اجتماعات المعارضة في الرياض، وصولاً إلى التحضيرات الجارية لعقد الحوار السوري في سوتشي، مع ردود الأفعال الدولية، والإقليمية المختلفة، والزيارات المكوكية للمبعوث الدولي، كلها تشكل حزمة متكاملة، تؤكد على بداية تحول نوعي في مسار الوضع السوري ككل.

جاء اتفاق سوتشي، والتنسيق بين الدول الثلاث الضامنة، فيما يتعلق بعقد مؤتمر الحوار السوري، وبحث تفاصيل الوضع الميداني، وتجاوز بعض العقد المزمنة، كالتمثيل الكردي، وصولاً إلى بحث عملية إعادة الإعمار، استكمالاً لمسار أستانا الذي انطلق بعد بيان موسكو الثلاثي، وإذا كان هذا المسار قد أدى في بداياته إلى إضعاف النفوذ الأمريكي، بعد تنصل الولايات المتحدة من اتفاقها مع الروس حول وقف الأعمال العدائية، فإن ما جرى في سوتشي مؤخراً، والحديث الملموس عن إعادة الإعمار، يشكل بداية تحجيم أوسع لنفوذ القوى الإقليمية - ومن يقف خلفها من قوى الحرب في المراكز الغربية - والتي أخذت أدواراً تفوق حجمها الطبيعي، في غفلة من الزمن.
وبالتوازي مع ذلك، كان مؤتمر الرياض لتشكيل وفد واحد لقوى المعارضة، الذي تحول إلى مواجهة مفتوحة بين أنصار الحل السياسي، ومن يحاول الالتفاف عليه، ساعياً إلى إجهاض التقدم الحاصل في هذا المسار، لعرقلة تحوله إلى إجراءات ملموسة، وتحديداً موضوع المفاوضات المباشرة بين النظام والمعارضة. وقد ظهر هذا من خلال التلكؤ المفتعل في عملية تشكيل الوفد، فرغم الحالة البائسة التي يمر بها ما يسمى «الائتلاف» بعد سلسلة الاستقالات، أو الإقالات، والتصفيات التي طالت أبرز رموزه، حاولت بعض القوى المتهالكة، الإقليمية، والسورية، تمرير فكرة احتواء قوى المعارضة الوطنية، والتعامل معها بعقلية الضم والإلحاق، التي لم تمر، ولن تمر، ليس لأنها بذلك تخالف القرار الدولي فقط، بل لأن قوى المعارضة الوطنية، مستقلة في قرارها، وعصية على التدجين، وليست مستعدة لتقديم تنازلات لأحد، أعداءً أو حتى حلفاء، إلا بما يؤمن تشكيل وفد واحد، لا وصاية فيه لأحد، ولا إقصاء لأحد، وبما ينهي عملية التخادم بين متشددي النظام والمعارضة، من خلال الشروط المسبقة، والوصول الى حل سياسي توافقي مشرف، وفق القرار 2254، بمفرداته المعروفة: إيقاف الكارثة الانسانية، والقضاء على الارهاب، والتغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.
لقد كانت السجالات الإعلامية بين قوى المعارضة، التي واكبت اجتماع الرياض، دليلاً واضحاً على أن هناك قوى معارضة تحمل مشروعاً وطنياً سورياً، مبدئياً ومرناً وواقعياً، لديه من التجربة والأدوات التي تمكنه من إيصال المركب السوري، إلى بر الحل السياسي، رغم كل التعقيدات، والعراقيل التي تصنّعها القوى المرتهنة للنفوذ الإقليمي، فهذه القوى التي هزمت في المعركة الاستراتيجية، لم يعد في جعبتها إلا الشغب من خلال التفاصيل والجوانب الاجرائية المتعلقة بالحل السياسي، والتي ستفشل كما فشلت كل العراقيل السابقة، وستمتثل لما هو حق...!

معلومات إضافية

العدد رقم:
838