2254 والشروط المسبقة!
جاء قرار مجلس الأمن الدولي 2254، ثمرة نشاط دبلوماسي وميداني عسكري للطرف الروسي في سياق العمل على دفع العملية السياسية إلى الأمام، و من أجل إيجاد مرجعية دولية تنفيذية للحل السياسي للأزمة السورية.
السمة الأساسية في هذا القرار أنه يقوم على مبدأ التوافق، عبر التفاوض، و هو قرار مرن يراعي مواقف الأطراف كلها، بدلالة أن الأطراف جميعها قد وافقت عليه، وبالتالي، فإن الشروط المسبقة على عملية التفاوض تخالف القرار نصاً وروحاً، وتعتبر خروجاً عنه. إن بدعة الشروط المسبقة، تعني العودة إلى مفهوم «الحسم والإسقاط» الذي من المفروض أنه أصبح وراءنا مع قبول الأطراف كلها بالحل السياسي كحل وحيدٍ للأزمة السورية، كما أنها تعني حكماً استفزاز الطرف الآخر، ودفعه هو أيضاً إلى محاولة فرض شروط مسبقة، وقي الوقت نفسه، فإن مثل هذه الشروط تخالف مبدأ بحث السلال الأربع بالتزامن والتوازي، وتعتبر تفريطاً بالتقدم الذي حصل في هذا المجال، وبعبارة أوضح، إن أي شرط مسبق - ومن أي طرف كان- يعني وأد عملية التفاوض، ويعني بالنتيجة إعادة الأزمة إلى المربع الأول.
لا يحق لأحد أن يمنع أحداً آخر من بحث ما يراه مناسباً على طاولة التفاوض، لا بل من الطبيعي في ظل الصراع أن تطرح جميع القضايا، وأن يكون لكل طرف أولوياته الخاصة به، ولكن دائماً بما لا يعيق الحل السياسي وإطاره التنفيذي أي القرار 2254، ومن هنا، فإن المكان الأنسب لطرح جميع القضايا هي طاولة التفاوض نفسها، وفي هذا السياق، فإن المقترح الإجرائي الذي قدمته رئاسة منصة موسكو بعد الجولة السابعة من مفاوضات جنيف، والقاضي بعدم بحث الشروط المسبقة من خلال وسائل الإعلام، يعتبر حلاً إبداعياً لحل هذه الإشكالية، لا سيما وأن وسائل الإعلام لعبت على الدوام دوراً سلبياً باتجاه توتير الأوضاع، وتعميق الشرخ بين السوريين، وبالدرجة الأولى، وتحديداً في هذه القضية.
إن مقترح «الصمت الإعلامي» فيما يخص الشروط المسبقة لكل طرف، ليست مسألة شكلية، بل يعني قطع الطريق على القوى المتشددة، وترحيل القضايا الإشكالية إلى المكان الذي يمكن من خلاله التفاهم حولها، والوصول إلى توافقات بشأنها، وكي لا تبقى لغماً قابلاً للانفجار تتم من خلاله عرقلة العملية التفاوضية.
إن اللحظة التاريخية الراهنة، تعتبر لحظة مفصلية في اتجاه تطور الأزمة السورية، ودفع الحل السياسي إلى الأمام، فانحسار قوى الإرهاب، والأزمة المستفحلة بين دول مجلس التعاون الخليجي، واتفاق خفض التوتر الامريكي - الروسي، وبداية الاختراق الجديد الذي حدث في الجولة السابعة، والتقدم المستمر للدور الروسي على المستوى الدولي، كلها تعتبر مؤشرات هامة، وفرصة تاريخية لإحداث اختراق آخر في جولة جنيف القادمة، وإجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، والوصول إلى توافقات على أساس القرارات 2254، وتمكين السوريين من تقرير مصيرهم بأنفسهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 820