«داعش» أداة فاشيي الادارة الأمريكية

«داعش» أداة فاشيي الادارة الأمريكية

عمدت الإدارة الأمريكية، منتهية الولاية والصلاحية، خلال الأشهر الأخيرة من عام 2016 إلى تعزيز إمكانات «داعش» في الداخل السوري عبر عدّة محاور. لعلَّ أهمُّها على الإطلاق تلك الضربة المباشرة التي وجهتها القوات الأمريكية إلى مواقع الجيش السوري على تلال الثردة المشرفة على مطار دير الزور، وذلك في أيلول 2016، والتي قالت في حينها بأنها حدثت بطريق الخطأ، ما فسح المجال مباشرة أمام «داعش» للتقدم على هذا المحور الاستراتيجي والهام.

بالإضافة إلى تمهيد الطريق أمام «داعش» عبر فتح ممر عبور آمن للفارين من قواته المندحرة في مدينة الموصل باتجاه دير الزور، على أثر المعارك الضارية التي يخوضها الجيش العراقي بمواجهة التنظيم الإرهابي هناك، ما ساعد على زيادة التحشيد الداعشي بمحيط المدينة بنهاية المطاف، بانتظار إشارة القرار الأمريكي بشن الهجوم على المدينة، في اللحظة التي ترتئيها مناسبة.
كما يجب ألا يغيب عن أذهاننا التغافل الأمريكي المتعمد لكل تحركات «داعش» في المنطقة الممتدة بين سورية والعراق، والتي من المفترض أنها تحت الرصد الأمريكي خاصة، وقوات التحالف عامة.
ولعلنا ما زلنا نذكر اعتراف أوباما وكيري عن الدور الأمريكي بالسماح لـ «داعش» بالتوسع والانتشار والتضخم في كل من سورية والعراق.
كل ذلك يشير إلى أن «داعش» يمارس حربه وارهابه بناء على رغبة الإدارة الأمريكية السابقة ومصلحتها، وبالنيابة عنها عملياً، كما يؤكد بالآن نفسه بأن هذه الإدارة لم توفر أي جهد يؤدي لعرقلة الجهود الرامية لإنهاء الأزمة السورية، والكارثة الإنسانية التي يعاني منها السوريين منذ ستة أعوام.
والحال كذلك فإن كل صاحب عقل وبصيرة يدرك أن تقدم الارهاب الداعشي بمحيط دير الزور وداخل بعض أحيائها مؤخراً، لم يكن إلّا نتيجة لما أعدّته ومهدت له الإدارة الأمريكية السابقة، بمحاولة يائسة منها لتسجيل بعض النقاط السياسية لصالحها، بعد التراجع المطرد لوزنها على خارطة الفعل السياسي والميداني في سورية، وخاصة بعد هزيمة مشروعها في مدينة حلب، بالإضافة إلى مساعيها من أجل عرقلة الجهود الرامية لإنجاح مؤتمر الأستانا الدولي، من قبل كل من روسيا وتركيا وإيران، الضامنين الدوليين لتثبيت وقف إطلاق النار في سورية، والمضي باتجاه الحل السياسي النهائي عبر جنيف وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، في إبعاد مباشر ومقصود لهذه الإدارة عن أي دور على هذا الصعيد.
ما سبق ذكره يشير ويؤكد على حدة الصراع في الداخل الأمريكي نفسه، بين الطرف الفاشي ذي النزعة العدوانية، والطرف «العقلاني» الذي يسعى للإنكفاء بأقل الخسائر الممكنة، بظل التغير العميق بموازين القوى الدولية، حيث لم يحسم هذا الصراع حتى الآن، على الرغم من كل التداعيات المتلاحقة التي تؤكد تعزيز قوة التوازنات الدولية الجديدة الناشئة، ومنها خصوصاً ما يجري على الساحة السورية من تقدم باتجاه إنهاء الحرب والأزمة والمضي بالحل السياسي، بعيداً عن رغبات فاشيي الإدارة الأمريكية وأدواتها المباشرة وغير المباشرة محلياً واقليمياً ودولياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
795