أحداث الأشهر الأخيرة في البلدان العربية بما فيها سورية..

 أثبتت حقيقة جديدة تدخل مسرح الأحداث بقوة لا يجوز القفز فوقها ولا التعامل معها باستخفاف ولا تجاهلها ولا الخوف منها.. ألا وهي الحركة المتصاعدة المستقلة نسبياً للنشاط السياسي للجماهير الشعبية الواسعة

وهذه الحالة تتكرر في التاريخ بشكل دوري تقريباً، وهي ليست جديدة، ولكن تفصل بين دورة وأخرى فترات زمنية طويلة، من 50 إلى 100 عام كما لاحظ الباحثون، ما يجعل الأمر مفاجئاً وغير معتاد بالنسبة لمن يعاصر موجة كهذه.. وتعقبها بعد انتهائها فترة هدوء ما هي في نهاية المطاف إلاّ فترة كمون لنهوض ونشاط سياسي واسع جديد للجماهير..

وخلال فترة الهدوء والكمون، تتراكم المشكلات التي تتطلب الحل، وتتراكم المطالب التي تبقى دون حل، وتتراكم درجة شحن المجتمع لانفجاره اللاحق، وكل ذلك يخلق سراباً ووهماً بأن كل شيء بخير ويتعود أولو الأمر على التعاطي بعدم جدية، وباستخفاف مع مطالب المجتمع، وتزداد ثقتهم بأنفسهم مقتنعين أن جهاز دولتهم القمعي القوي قادر على حل كل المشكلات..

ولكن عندما تأتي الموجة الجارفة التي يعبر عنها النشاط السياسي المستقل للجماهير، المستقل عن جهاز الدولة، والمستقل عن البنى السياسية التقليدية، فإذا بها لا تبقي ولا تذر، لأن طاقتها المخزونة خلال الكمون تكون هائلةً وقادرةً على صنع المعجزات.

وهي بجوهرها تعبيرٌ عن نضج موضوعي لضرورة إحداث تغييرات عميقة في المجتمع وفي بناه الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية..

إن وعي هذه الحقيقة، في هذه اللحظة بالذات، يرتدي أهمية كبيرة لفهم ما يجري في طول العالم وعرضه، وخاصةً في العالم العربي، وفي بلدنا سورية.

• افتتاحية قاسيون

 

 العدد496 انيسان 2011

معلومات إضافية

العدد رقم:
544