ماذا تريد الطبقة العاملة من مؤتمراتها النقابية؟

تقترب الانتخابات النقابية، وهي تشكل محطة هامة في تدقيق الدور الذي يجب أن تلعبه النقابات في حياة البلاد وفي زيادة فعاليته.

إن بلادنا ومجتمعنا بحاجة الى حركة نقابية قوية ومؤثرة، تدافع عن مصالح الطبقة العاملة بجرأة وجدية، وهذا مطلب جميع الوطنيين والتقدميين لأنهم يعون تماماً أنه في مواجهة قوى السوق المنفلتة من عقالها والتي أضحى لها ممثلوها الرسميون ومطالبها الواضحة، لابد من حركة شعبية عمالية عالية التنظيم لمواجهة الضغوطات التي تمارسها قوى السوق المحلية. وبطبيعة الحال فالنقابات مرشحة لأن تلعب هذا الدور لأنها تملك الخبرة والتجربة والتقاليد والكادر الذي يسمح بذلك.

وللحقيقة يجب أن يقال أنه رغم كل الملاحظات الانتقادية التي يمكن أن توضع على عمل النقابات خلال الفترة الماضية بشكل عام، إلا أنه ظلت تعبر في برامجها وطروحاتها عن برنامج القوى الشعبية الجماهيرية المتناقض مع برنامج قوى السوق المدعومة من قبل قوى العولمة المتوحشة، حتى ولو بقيت هذه البرامج في معظمها قاصرة في مجال الممارسة والتطبيق على أن تحقق نفسها.

إن هذا الخلل يمكن تصحيحه، وإذا تم ذلك، فستزداد فعالية النقابات وستبرز على الساحة السياسية في البلاد قوّة هامة لايستهان بها، لها رأيها المتميز الذي يمكن أن يشكل قاسماً مشتركاً بين قوى وطنية وتقدمية كثيرة.

ولتصحيح هذا الخلل، لابد من أمور عديدة.. أمور يجب تثبيتها وتأكيدها، وأمور يجب الانطلاق نحوها بشجاعة!!

■ فوحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية هي رصيد هام تم تحقيقه تاريخياً بفضل جهود مخلصة لقوى عديدة وهامة، وهو أمر لايمكن ولايجوز التفريط به مهما جرى. فهذه الوحدة هي ضمانة الانتصارات اللاحقة التي يجب أن تحققها الطبقة العاملة وحركتها النقابية.

■ ولضمان هذه الوحدة لاحقاً لابد من توسيع الديمقراطية في التمثيل النقابي، الأمر الذي سيسمح باختيار أفضل المناضلين النقابيين  إلى المواقع القيادية، بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية، لذلك لابد من الابتعاد عن بعض الممارسات السابقة المرتبطة بالقائمة المغلقة وبالضغوطات التي تمارس على بعض المرشحين لسحب ترشيحاتهم في آخر  لحظة، كما أن الحياة أثبتت أن الانتماء السياسي للمرشح النقابي ليس شرطاً كافياً لاختياره إلى موقع قيادي بغض النظر عن مواصفاته الشخصية وعن درجة ثقة القواعد العمالية به.

■ ولاشك أن هذه الوحدة ستتعزز كلما عبرت النقابات بشكل أوسع عن المصالح الحيوية للطبقة العاملة خاصة، في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تتميز في السنين الأخيرة بزيادة غنى الأغنياء وزيادة فقر الفقراء، وكلما استخدمت أساليب أجرأ في الدفاع عن هذه المطالب بما فيها استخدام حق الإضراب حين يلزم الأمر.

■ لذلك فإن التعبير عن المصالح الحيوية للطبقة العاملة لايمكن أن يتفق وبأي شكل من الأشكال، مع ما كان يقال سابقاً ويروَّج له بأن النقابات والحكومة فريق عمل واحد، فإذا كان هذا الكلام يصح على القضية الوطنية مثلاً، فإنه لايمكن أن يصح على القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية، إذ إن وجود فريقين يمثلان مصالح ورؤى مختلفة في هذا المجال هو ضمان لتأمين مسار صحيح للتناقض الموضوعي بين رب العمل والعامل.

إن الحركة النقابية في سورية لها تاريخ مجيد، وهي قادرة رغم كل الصعوبات وتعقيدات الوضع أن تجد الحلول المناسبة للمشكلات التي تنتصب أمامها، بما يخدم المصلحة الوطنية المرتبطة ارتباطاً عميقاً بمصالح الطبقة العاملة الآنية و المستقبلية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
179