ضمانة تحقيق أي إصلاح

صدر مشروع قانون الإصلاح الاقتصادي، وطرح للمناقشة العامة، وهذا الأمر بحد ذاته إيجابي. ولكن بغض النظر عن محتواه الحالي والمستقبلي فإن السؤال الأساسي يبقى قائماً وهو: ما الذي يضمن تنفيذ برنامج جيد للإصلاح، وهل يكفي لذلك أي قانون مهما كان قوياً؟!

إن التجارب أثبتت أن الشرط الضروري لأي نجاح في هذا المجال هو تلبية مصالح أكثرية الناس والاعتماد عليها بالدرجة الأولى في عملية التنفيذ نفسها، إذ أن إبقاء الأمر محصوراً بجهاز الدولة فقط محفوف بمخاطر جدية. فالحياة تؤكد أن أي جهاز للدولة لديه ميل دائم لتحقيق مصالحه الخاصة، وعلى حساب المجتمع وخاصة إذا كان خارج إطار الرقابة الصارمة للمجتمع التي لايمكن أن يوفرها إلا التوسيع المضطرد للديمقراطية فيه.

لقد أصبح السير السريع في طريق حل القضايا الاجتماعية ـ الاقتصادية واجباً تمليه المصلحة الوطنية العليا، مصلحة استمرارية مقاومة بلادنا  للمخططات الأمريكية ـ الصهيونية في  المنطقة، وخاصة بعد التهديدات الأخيرة في الخطاب الارهابي لبوش، وهو أمر لايمكن تحقيقه أصلاً دون الاعتماد على الجماهير الشعبية الواسعة.
وإن حل هذه القضايا أصبح غير ممكن بل مستحيل بالاعتماد على جهاز الدولة الإداري فقط، الذي استشرى فيه الفساد إلى حد كبير،  لدرجة أصبحت لاتنفع فيه أية وسيلة زجرية، بل العكس هو الصحيح، فالقسم المتنفذ فيه قادر مع التطبيل والتزمير لأية سياسة معلنة على عرقلتها ومنع تنفيذها على أرض الواقع، بل تنفيذ نقيضها إذا كانت لاتتناسب مع مصالحه الخاصة المتناقضة مع مصلحة المجتمع.

ويمكن القول أيضاً أن حل هذا التناقض إيجابياً بالاعتماد على القوى النظيفة في جهاز الدولة الإداري غير ممكن دون الاعتماد على حركة نشيطة في المجتمع تدعم هذا الاتجاه وتعطيه المد المطلوب لتحقيق النجاح.
إن منطق معالجة هذا الموضوع (من جوا لجوا)، أثبت عدم فعاليته على أرض الواقع، بل إنه اليوم يعطي الوقت والفرصة للقوى الفاسدة في جهاز الدولة الإداري لإعادة تنظيم صفوفها وإعادة النظر بآليات عملها باتجاه تكييفها وتطويرها لتتناسب مع الظروف الجديدة.
إن توسيع الديمقراطية في المجتمع اليوم، هو الضمانة الرئيسية لتحقيق أي نجاح لأية خطوة إصلاحية، وهذا التوسيع له عناوينه الأساسية وهي:
ـ  إصدار قانون الأحزاب ـ تفعيل قانون المطبوعات ـ إعادة النظر بنظام الانتخابات لمجلس الشعب ـ رفع الأحكام العرفية، أو على الأقل تضييق دائرة فعلها إلى الحد الأدنى الممكن ـ حل قضية جميع المعتقلين السياسيين.
إن خطوات كهذه ستخلق أجواء إيجابية تسمح بالتغيير اللاحق لميزان القوى في المجتمع والدولة لصالح الإصلاح الاقتصادي المطلوب الذي يلبي مصالح الأكثرية الساحقة من الشعب، ويدّعم الموقف الوطني للبلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
178
آخر تعديل على الإثنين, 19 كانون1/ديسمبر 2016 12:30