منبر النقاش حول: «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين»
تتابع «قاسيون» النقاش حول «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين». ويمكن للراغبين بالمشاركة إرسال آرائهم على عنوان الصحيفة، أو عبر البريد الالكتروني..
نلفت النظر إلى أن الآراء المنشورة في هذه الصفحة لا تعبر بالضرورة عن رأي «قاسيون» ، بل تعبر عن آراء أصحابها في كل الأحوال.
ميثاق شرف كي لا يطغى الولاء الشخصي على الانتماء المبدئي
إن من دواعي التفاؤل أن نلحظ بدايات جدية للبحث عن طريق لوحدة الحركة الشيوعية في سورية وهي، إن نجحت، ستفتح الطريق لوحدة الحركة الوطنية والديمقراطية التي تشظت لأسباب لا مبدئية في غالبها، بالرغم من تقنعها المظهري بسياسات متمايزة نتجت على الغالب من الطبيعة السياسية لشرائح المثقفين، والتي تُفْرط في تضخيم الثانوي على حساب الأساسي وترفع التكتيكي إلى مستوى المبدئي. وتحدث تفارقاً عجيباً بين ما تطرحه من شعارات وما تمارسه من أفعال وتسيء تقدير عواقب الفرقة والانقسام.
وما ورد أعلاه لا يعني أن التمايز في الحركة الشيوعية دونما أسباب موضوعية وأن خلافات لا مبدئية بالإطلاق أدت إلى التشرذم القبلي بل إن هناك ما يجب الاعتراف له بدءاً من الفهم المختلف للمنهج انتهاء بالتمايز في المواقف السياسية والبرامج وصولاً إلى تفارق التحالفات إلا أن ما يجب ملاحظته هو السعي المحموم، وعند أول تمايز، برنامجي إلى محاولة المبالغة في الخلاف والإصرار على تحطيم المشترك ومحاولة تأسيس حالة تهديم للجسور واجتثاث لجذور القربى.وبالرغم من أن المنهج الديالكتيكي المادي يشكل قاسماً معرفياً مشتركاً بين جميع هذه المجموعات وهو أيضاً تستطيع إذا اعتمدته موضوعياً ومعرفياً دراسة ظاهرة الانقسامات ومعرفة أسبابها وجذورها ومشروعية التمايز وكيفية حل الخلافات إلا أنني أشعر أن سعار العصبيات التقليدية تقسر المجموعات المختلفة على تقويل المنهج استنتاجات غير صحيحة.
إن البنية الطبيعية لجميع هذه المجموعات متقاربة إن لم تكن تحتوي نفس الشرائح الطبقية وحتى مع الأحزاب الوطنية والديمقراطية الأخرى، ومن حيث المنهج من المفترض أن يكون واحداً فيها، أما البرامج السياسية والأساليب التكتيكية فكان من الأجدى أن تترك الخيارات فيها لآلية الحوار والنقاش الديمقراطي وأن يكون الحسم فيها للمؤسسات المنتخبة ديمقراطياً
ولسوء الحظ أن الديمقراطية كانت سبة كبرى. علماً أن غيابها كلياً وجزئياً تامة أو محدودة استشارية أم اختيارية، أقول إن غيابها أدى إلى تدمير آليات التصويب الطبيعي للانحرافات وإلى تعطيل آلية التغيير الطبيعي فأصبحت الظواهر الجديدة والاجتهادات زندقة في مواجهة القيادات السلفية الماركسية وخروجاً ومروقاً للذات الإلهية وبالتالي فإن أية ظاهرة جديدة طبيعية كانت تواجَه بحمى اللفظ التعسفي خارجاً وبدلاً من أن نقراً ونقرب الدور المحدد للفرد في التاريخ أصبحنا نقرأ التاريخ كدور للأفراد وأصبح الولاء للحزب وللمبادئ والمنهج والبرنامج حتى لا يساوي شيئاً إن لم يمهر بخاتم القائد الأعلى للحزب وينال تبريكاته.
والأسوأ أن عدوى الملكية الوراثية وكان من الطبيعي أن يكون جسم أي تنظيم شيوعي أو ديمقراطي عصياً عليه أصبح ناموساً في أحزاب الجبهة والمعارضة.
إن كل ما ذكرته أدى إلى وجود مجموعات تحوي داخلها أقارب وأعداء وصنوفاً تراها متشابهة في كل مجموعة، فالكثيرون بعد أن تبرد عصبيات الخلاف يجدون رفاقهم خلف الأسوار وأعداءهم أحياناً بين جنباتهم.
ومن أجل أن يكون الاصطفاف سليماً والأطر تحتوي كوادر منسجمة منهجاً وبرنامجاً كان يجب أن يطرح مشروع ميثاق الشرف وكنت أتمنى لو أنه ميثاق شرف لكل القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية ليس في سورية بل في الوطن العربي.
والميثاق هو في مضمونه ومقاصده دعوة لرفض الاحتراب والتشاتم ولحصر الخلاف بالنطاق المعرفي وليبذل جميع الشيوعيين كامل جهودهم لتحليل أسباب الانقسام ومعالجته بروح علمية موضوعية تحدد نقاط الخلاف وتثبت عوامل الاتفاق تترك الحرية في الاختيار لما هو خلافي وتحترم ذلك وتعطيه مشروعيته، إنما تخضعه للنقاش غير ناسية ما هو مشترك وموحد ومبدئي.
ومن أجل ذلك تكون على عاتقها أن تتعهد برفض الاحتراب ورفض التحالف مع أية جهة كانت ضد أي من أطرافها. إن ذلك يلزم بإيجاد مناخ للحوار مليء بروح التسامح المبدئي واحترام الآراء المختلفة وفتح المجال على مصراعيه لبروز آراء المجموعات المختلفة في منابر جميع الأطراف والصبر على الشطط وتلمس طريق الوحدة. والشيء الذي يثير الدهشة هو هذه الطريقة المثيرة للإشمئزاز في التعامل مع رفاق الأمس، فمع كل تمايز يصبح مناضلو الأمس ومن جميع المستويات قيادية أو قاعدية مشبوهين ومرذولين. ويصبح الهم الأساسي للجهات الانتهازية خلع الالقاب السيئة على رفاق كان لهم كامل التقدير وكان لهم الدور الكبير وتسنموا بجدارة مواقع قيادية.
إن في ذلك انحطاط أخلاقي وسياسي ولو أردت فعلاً أن تعرف من هو الشيوعي الحقيقي فإنك تسأله عن تقييم أعدائه فإن لم يتحلَّ بالدقة والموضوعية في تقييمهم في لجة الخصام فإنه لن يكون شيوعياً بحال من الأحوال. إن ذلك يدل دلالة قاطعة على خلل أخلاقي ونفسي يتغلب فيه الغضب على الحق، والانفعال على الموضوعية.
ومن هنا فإننا نرى أن القذف والشتم الذي تعرضت له مجموعة قاسيون ووصفها بتجمع «المال السياسي» والذي لم نسمع به إلا بعد أن تم دفعها تعسفاً خارج إطار الحزب، يأتي ضمن سياق الرد على الرأي بالشتائم.
إن مناقشة ميثاق الشرف الذي بعد أن أعلن صار ملكاً لجميع الشيوعيين وليس براءة اختراع لأصحابه والهدف منه هو رغبة صريحة لتوحيد جهودهم من أجل الإسهام في العمل الوطني في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة والتي يتعرض فيها مصير الوطن والعالم إلى ما هو أشد من الخطر النازي والفاشي والذي يستلزم تحالفاً عريضاً لايستثني مواطناً ولا مناضلاً واحداً ويستثير لدى القوى الوطنية والجماهير حمية الدفاع عن البقاء الوطني والإنساني.
والأمر الأهم هو الأخذ على جماعة قاسيون بعدم وجود برنامج خاص بهم وهذا أيها السادة ميزة وضرورة، فهو ميزة لأنكم تعرفون أن برنامجهم رغم تحفظاتنا عليه هو برنامج الحزب الشيوعي السوري.. أي برنامجكم..! وهم قد شاركوا فيه إلا إذا كان من حقكم احتكاره.
وهو ضرورة لأنه يفسح المجال لمناقشة تمايز البرامج إن وجدت وطرحها للحوار وصولاً لتمايز على أساس البرنامج لا على أساس الولاء الشخصي أو المنصبي أو المالي.
وأخيراً، أحب أن أشكر نبيل الملحم الذي أعرفه قليلاً لأنه قام بأعمال الدعاية لميثاق الشرف وأدعو جميع الذين لديهم الحد الأدنى من الشرف تلمس الطريق الذي يحشد التقدميين والوطنيين وجماهير الشعب في مواجهة الأمركة والصهيونية أعلى أشكال القهر والظلم والإذلال.
أيها الرفاق ندعوكم للتحرر من «عقدة أوديب» و «رهاب الطوطم» ومن الوثنية إسألوا أنفسكم ومنهجكم.
على أي أساس تتحالفون مع الأبعد ضد الأقرب؟.
فميثاق الشرف إذاً هو تعهد لبذل جهد صادق ودؤوب لتحقيق شعار: أيها الوطنيون والديمقراطيون وفي البداية أيها الشيوعيون اتحدوا..!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 178