شوارع اسطنبول تغلق أبوابها في وجه الناتو، وتفتح صدرها للحركة الشيوعية العالمية الشيوعيون السوريون يتصدرون التظاهرة.. والمشاركون يهتفون ضد الإمبريالية والصهيونية
في الساعة السادسة صباحاً من يوم السبت 26 / 6 / 2004 اجتمع بضع عشرات من الشيوعيين السوريين وبعض أصدقائهم من محافظات عدة في مدينة حلب.. صعدوا الحافلة وهم مستعدون لأكثر من أربع وعشرين ساعة من السفر المجهد حتى يصلوا إلى اسطنبول...
احتالوا على أنفسهم ليؤمنوا مصاريف الرحلة.. واحتالوا على شرطة الحدود «ليهربوا» الأعلام الوطنية السورية والأعلام الحمراء وغيرها من عدة التظاهر...
فإذا قيل ما الهدف؟ قيل التضامن مع الشيوعيين الأتراك في إغلاق أبواب اسطنبول في وجه حلف الناتو.
ولم يسأل أحد من الركب: أيحتاج هذا الهدف إلى كل هذا العناء؟..
في معظم المحطات «الاستراحات» التي توقفت فيها الحافلة كان الشيوعيون السوريون يلتقون بحافلات أخرى تتقاطر من كل أنحاء تركيا قاصدة المآل والهدف نفسه... حيناً كان التواصل يجري باللغة الانكليزية، وحيناً آخر بالعربية التي يتقنها بعض من أتى من لواء اسكندرون، وأحياناً بلغة الإشارة والأعلام الحمراء…
بحفاوة بالغة التف من يقصد التظاهر من اليساريين الأتراك حول رفاقهم الشيوعيين السوريين، مبدين سعادتهم الكبرى بمن آلى على نفسه أن يقطع آلاف الكيلومترات لكي يتضامن معهم.
ولم يكن تضامن اليساريين الأتراك مع الشيوعيين السوريين بأقل من تضامن الشيوعيين السوريين معهم؛ فلم يخل لقاء على الطريق من إعلان الشيوعيين واليساريين الأتراك دعمهم لسورية ضد التهديدات الأمريكية، ومن إعلانهم الدعم للمقاومة الفلسطينية والعراقية، وتنديدهم بالسياسة الأمريكية والصهيونية، ولم تخل محطة «استراحة» من هتافات مشتركة ضد الناتو، وضد الامبريالية، وضد الصهيونية.
في الساعة العاشرة من صباح الأحد 7/6/2004 وصل الشيوعيون السوريون إلى أبواب اسطنبول، وكان في استقبالهم رفاقهم الأتراك الذين ما لبثوا أن قادوا الحافلة إلى وسط المدينة، ليترجل من فيها وليبدأوا تظاهرهم في الحال، يتقدمهم العلم الوطني السوري ويرتدون القبعات المزينة به، رافعين الأعلام الحمراء واليافطات الداعية لمقاومة السياسة الهمجية للولايات المتحدة ولإسرائيل الصهيونية.
وما هي إلا دقائق حتى غدا هذا الوفد محط أنظار جميع المتظاهرين، الأتراك منهم والأجانب.. الأمر الذي دفع الشيوعيين الأتراك إلى دعوة الشيوعيين السوريين ليكونوا في مقدمة التظاهرة وعلى رأس المسير، لتتهافت بعد ذلك عليهم معظم وسائل الإعلام العالمية، المرئية والمسموعة والمكتوبة، - وإن قاطعوا وقاطعتهم وسائل الإعلام النفطية (الجزيرة).
خمسون ألفاً من الشيوعيين الأتراك وحلفائهم وأنصارهم وأصدقائهم احتشدوا في الساحة الرئيسية لمدينة اسطنبول ففاضت بهم، ليملؤوا بعدها الشوارع المتفرعة عنها. . ولم يرهبهم آلاف الجنود المدججين بشتى أنواع الأسلحة الذين أحاطوا بالمظاهرة واعتلوا أسطح المباني المجاورة... فكانت التظاهرة الأكبر في تاريخ التظاهرات المناهضة لاجتماعات حلف الناتو...
غضب عارم ارتسم على وجوه المتظاهرين من السياسة العدوانية الشرسة للامبريالية الأمريكية وخاصة تجاه شعوب المنطقة فارتفعت الحناجر والأيدي هاتفة بصوت واحد ضد جورج بوش وتوني بلير وأريئيل شارون وضد الناتو...
ودهشة كبرى ارتسمت على وجوه المتظاهرين والمارة برؤيتهم وفداً عربياً يرفع العلم الوطني السوري والأعلام الحمراء واليافطات المكتوبة بالعربية والانكليزية الداعية لمحاربة الامبريالية والصهيونية والداعمة للمقاومة الفلسطينية والعراقية، والمطالبة برحيل قطعان الجيش الأمريكي من العراق فورا
ً ولعل أكثر ماميَّز شعارات الوفد السوري أن ركَّز هتافاته ضد الصهيونية، ولم يقصرها على التنديد بحلف الناتو، فغدت هتافاته تكثيفاً لسياسة الحزب في القضايا الوطنية.
وما أن اكتظت الساحة بعشرات الآلاف من المتظاهرين حتى بدأ المهرجان الخطابي..
ولئن أثلج صدور الوفد السوري ذلك الترحاب المميَّز من الخطباء بهم ؛ فإن ما أثلج صدورهم أكثر ذلك التصفيق الحار والمتواصل من عشرات الآلاف من المتظاهرين أثناء ترحيب الخطباء بهم، والأهم من هذا وذاك، ذلك التأييد والتضامن معهم من الخطباء لقضايا التهديدات الأمريكية لسورية وقضية فلسطين وقضية العراق.
وخلال هذا الاعتصام امتزج وفد اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين بشيوعيين آخرين من بقاع شتى من أنحاء المعمورة، فهذا شيوعي أردني. وتلك شيوعية أتت من مدينة السويدية في لواء اسكندرون.. وهذا شيوعي بلغاري، وتلك شيوعية أتت من هولندة... وآخرون أتوا من اليونان، وآخرون... وآخرون...
والجميع متفقون على مبادئ واحدة، الجميع ضد همجية السياسة الأمريكية، والجميع ضد الصهيونية وضد العدوان الإسرائيلي وضد الغزو الأمريكي للمنطقة... والجميع الجميع ضد الرأسمالية كنظام ويسعون لتحطيمها.
وكم كانت سعادة الوفد غامرة عندما كان يُسأل من المتظاهرين عن وجود مشاركين فلسطينيين؟. ولم تكن إجابة الوفد بالنفي لتحبطه، إذ يكفي هذا التساؤل وهذا الافتقاد ليزيد غبطته غبطةً، واعتزازه بنضال الشعب الفلسطيني تمسُّكاً. فما نضال الشعب الفلسطيني إلا رأس حربة في مواجهة قطب الشر والعدوان على شعوب العالم / أمريكا وإسرائيل الصهيونية.
توقفت هتافات الوفد أثناء الاعتصام، ولم يتوقف نشاطه إذ أصبح قبلة للوفود الأجنبية وللشيوعيين الأتراك وللمراسلين الإعلاميين، فالتف حول كل عضو من أعضاء الوفد ثلة من المتظاهرين وقد حاول كل عضو أن ينقل سياسة الحزب وفكره إلى المحيطين به.
انفضت التظاهرة في الساعة الثالثة ظهراً لأسباب أمنية بعد أن كان مقرراً لها أن تنفض في الساعة الخامسة عصراً…
وما أن خرج الشيوعيون السوريون من وسط الساحة حتى عادوا إلى التظاهر في شوارع اسطنبول وساروا وهم يهتفون شعاراتهم ويحملون العلم الوطني والأعلام الحمراء واليافطات حتى وصلوا إلى مكان الحافلة التي تقلهم. والجدير بالذكر أن الشيوعيين الأتراك قد أنشأوا سوراً بشرياً محيطاً بالشيوعيين السوريين من الجهات الأربع لحمايتهم خلال هذا المسير.
بعد هذا الاستعراض المكثف للتظاهرة يتوجب علينا ذكر الملاحظات التي استوقفتنا:
1- هذه هي المظاهرة الأولى التي يسافر فيها شيوعيون سوريون بل مواطنون سوريون للمشاركة بها.
2- وفد اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين هو أكبر الوفود الأجنبية المشاركة.
3- عدد كبير من المتظاهرين قطع آلاف الكيلومترات بهدف المشاركة، سواء من داخل تركيا أو من خارجها.
4- استطاع الشيوعيون الأتراك حشد أكثر من خمسين ألف متظاهر، علماً أنهم لا يمارسون العمل العلني إلا منذ سنتين فقط .
5- الغالبية العظمى من المشاركين هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 - 30 عاماً .
6- وما يلفت الانتباه ذلك الانضباط الصارم لهؤلاء الشباب واستجابتهم الفورية لتعليمات قيادتهم .
7- بعد التظاهرة وأثناء الحوارات التي جرت مع الشيوعيين الأتراك لوحظ ما يلي :
أ- القناعة الراسخة لدى الشيوعيين الأتراك بالماركسية - اللينينية .
ب- تأكيدهم أن من أهم مهامهم الحالية هي توحيد الشيوعيين الأتراك .
ت- الامبريالية لا تحمل سوى الشر لشعوب العالم .
ث- الهجوم الحالي للهمجية الأمريكية والصهيونية توحِّد شعوب المنطقة في مواجهتها.
ج- الصهيونية عدوة الشعوب، والعدو رقم واحد للحركة الشيوعية العالمية .
ح- القناعة الراسخة بحتمية انتصار الاشتراكية .
خ- رغم النفوذ الجماهيري الواسع لهم فهم لا يراهنون على الديمقراطية البرجوازية في حل المهمات الرئيسية، ويرون أن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا من خلال الرؤية الثورية لمهام الحزب الشيوعي، وهذه الرؤية لا تمنعهم من العمل على الاستفادة القصوى من إيجابيات الديمقراطية البرجوازية .
د- لا يمكن تحقيق الاشتراكية إلا من خلال سلطة الطبقة العاملة التي تمثل أوسع ديمقراطية ممكنة في ظل أي مجتمع طبقي.
ذ- خروتشوف ليس شيوعياً، وأهم التراجعات للثورة الاشتراكية العالمية حدثت في الفترة التي قاد فيها الحزب الشيوعي السوفييتي .
ر- غيفارا أحد الرموز الهامة للحركة الثورية العالمية .
ز- التضامن الكامل مع المقاومة الفلسطينية والعراقية وضد التهديدات الأمريكية لسورية.
ولعل هذا الاستعراض المكثف للتظاهرة وهذه الملاحظات التي استوقفتنا تدفعنا دفعاً إلى الوصول للاستنتاجات العاجلة التالية:
1- ما يجري في تركيا هو نهوض عارم للحركة الشيوعية التركية، إذ استطاع الحزب الشيوعي التركي حشد أكثر من خمسين ألف متظاهر من أعضائه وحلفائه وأنصاره ولم يمض على علانيته أكثر من عامين.
2- فإذا أضفنا إلى ذلك أن الغالبية العظمى من الشيوعيين الأتراك ومن أنصارهم هم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً والذين لم يعايشوا تجربة الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، لوجدنا أن هذا النهوض هو نهوض أصيل ناتج بالأساس عن عجز النظام الرأسمالي عن حل أية مشكلة حقيقية لهؤلاء الشباب، الأمر الذي دفعهم للبحث عن النظام البديل له، ولم يجدوا الحل إلا في تحطيمه عبر وعي الثورة الذي يقدمه المنهج الماركسي - اللينيني، وبذلك فقط يمكننا فهم ذلك التمسك بالمنهج الماركسي - اللينيني وقوانينه.
3- هذا التمسك لم يوقعهم في الجمود، إذ ما كان لهم أن يحققوا هذا النجاح دون الأخذ بمعطيات الواقع المعاصر ونتائج علوم السلوك الإنساني وعلم النفس الجمعي.
4- إن الاستنتاج الذي توصل إليه المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري في تشخيصه للوضع الدولي من كون العالم يشهد الآن الملامح الأولى لنهوض الحركة الشيوعية العالمية من جديد، هو استنتاج واقعي وصحيح، ولعل تظاهرات اسطنبول خير تجلٍّ لهذا الاستنتاج. كما أن عمل الشيوعيين الأتراك على وحدتهم وكذلك الشيوعيين السوريين، كل على حدة، وبدون تنسيق مسبق، لهو خير دليل على صحة استنتاج المؤتمر الاستثنائي في ربطه الانقسامات بحالة التراجع والوحدة بحالة النهوض.
5- إن ذهاب العشرات من المواطنين السوريين كتجربة أولى، وفعاليتهم المميزة خلال التظاهرة، وتحملهم الأعباء المادية والجسدية لهو مؤشر هام على حجم الغضب الشعبي من السياسة الهمجية للولايات المتحدة وإسرائيل الصهيونية.
6- الحفاوة والترحاب المميزان اللذان لقيهما الشيوعيون السوريون من عشرات الآلاف من المتظاهرين، مثلت مؤشراً هاماً لحجم الدعم والتأييد للقضايا الوطنية السورية.
وأخيراً:
لا يسعنا القول سوى أن الهزيمة التي لحقت بالحركة الشيوعية العالمية هي هزيمة مؤقتة، وقد شارفت على الانتهاء، وما على الشيوعيين واليساريين في العالم إلا التوحد لإلحاق الهزيمة بأعدائهم.
فالشيوعية حقيقة..
والحقيقة هي الحقيقة..
وكفى...
٭ ماهر حجار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
انطباعات
في حديث لـ «قاسيون» مع بعض المشاركين في تظاهرة استانبول.. سجلت اللقاءات التالية:
٭ علاء عرفات: إن أهم ماشاهدناه في تظاهرة استانبول هو التأكيد على مسألة النهوض الذي تعيشه الحركة، والقادرة على استقطاب الشرائح الشبابية بشكل خاص، وهذا يؤكد تحول القناعات إلى واقع ملموس.
إن وجودنا مع هذا الكم الكبير من المتظاهرين يشعرنا بوجودنا وبالاهتمام المجسد بشعارات وممارسات وسياسات على أرض الواقع.. إضافة للروح الأممية الكبيرة لدى الشيوعيين الأتراك..
٭ سهيل قوطرش: أهم انطباع تكون لدي من خلال مشاركتي في التظاهرة الأممية في استانبول، هو أن خصمنا موحد الصفوف ولديه القوى الكفيلة بالتصدي لإرادة الشعوب.. وبالتالي يطرح ذلك علينا حتمية توحيد جهود حركة الشعوب القادرة على مواجهة هذا الخصم المعادي للبشرية وللحياة..
٭ ميس ابراهيم: كانت تجربة كبيرة وغنية تركت في نفسي أثراً كبيراً.. والملفت للنظر أن غالبية المتظاهرين من مختلف الاتجاهات هم من فئة الشباب..
أتمنى لكل إنسان أن يخوض مثل هذه التجربة لما لها من فوائد على جميع الأصعدة ولما تعطيه من فرص لطرح مشاكلنا وقضايانا وإيصالها بالشكل المناسب للعالم..
٭ عصام محسن: لقد أخذنا دفعة معنوية عالية وكبيرة للعمل، وخبرة في المظاهرات وقيادتها والتأثير في المتظاهرين.. وغالبية المشاركين كانوا من الشباب والهتافات كانت شاملة لكل القضايا من دعم لنضال الشعب الفلسطيني والشعب العراقي وشعارات معادية للصهيونية والناتو ومعادية للسياسة الامبريالية الأمريكية في العالم..
تميزت التظاهرة بالتنظيم الكبير.. وساهمت مشاركة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين بتفعيل المظاهرة وتجاوب الجميع معنا...
٭ حبيب الضعضي: إن ذلك المنظر لعشرات الآلاف من الزنود المرتفعة الغاضبة بين الرايات الحمراء.. وتلك الحشود المتمترسة لآولئك المساكين من يسمونهم بـ «شرطة حفظ النظام» أو «شرطة مكافحة الشغب» المحصنين بدروعهم ومدرعاتهم وأسلحتهم لمنع مد المتظاهرين العزّل إلاّ من أجسادهم وحناجرهم... إن كل هذا يزيد القناعة بأن الشعوب قوة لاتقهر وترعب أصحاب الثروات والعروش... وأن المستقبل للبشرية وللفكر الإنساني، والسقوط وشيك للامبريالية الأمريكية والصهيونية وحلفائهما وجميع المجرمين بحق الشعوب...
٭ سهى صالح: كان لفكرة المشاركة بمظاهرة استانبول وقع خاص منذ طرحها وحتى نهاية التجربة.. وحققت لي الكثير على الصعيد الشخصي والعملي.. وأتمنى أن تتكرر التجربة لما تكسبه من خبرة في العمل وإيصال قضايانا إلى العالم..
٭ أحمد نيعو: إن أهم ما لاحظناه في هذه المشاركة التنظيم العالي للمظاهرة الضخمة من قبل رفاقنا الأتراك. واللافت للنظر النسبة العظمى للشباب في الحزب والمظاهرة والذين لعبوا الدور الأكبر في تنظيم المظاهرة ميدانيا وحفظ أمنها. وما علمناه من رفاقنا أن ما يقارب نصف عدد المتظاهرين(عشرات الألوف) قد انضم من الشارع وهذا يعكس هيبة الحزب الشيوعي التركي وجماهيريته.
٭ جورج الدروبي: إن ما أسعدنا بالحوار مع رفاقنا الأتراك الشباب تقارب وجهات النظر حول مدى خطورة حلف الناتو، والفهم المشترك لمدى التداخل بين قوى التحالف الإمبريالي- الصهيوني ودورها الأكبر في حلف الناتو فالنضال ضد الناتو هو نضال ضد الإمبريالية الأمريكية بطبيعة الحال فالجميع كانوا يهتفون (YANKEE GO HOME)، (أيها اليانكي: عودوا إلى بلادكم)!
٭ عمر حصني: إنها المرة الأولى التي نشهد فيها(كشباب شيوعيين) هذا الشكل من أشكال التنسيق والنضال الأممي ضد الإمبريالية العالمية لذلك أصبح من الواضح تماما أنه قد بدأت مرحلة نهوض الحركة الشيوعية العالمية. وقد أدركنا معنى الربط بين النضال الوطني والنضال الأممي عندما رفعنا علم وطننا سورية وهتفنا بشعاراتنا الوطنية في مظاهرة اسطنبول.
٭ عبدو نفَّاخ: إنه شعور عظيم يتناسب مع المسافات الطويلة التي قطعناها، لاسيما وأن وراءه هدفاً نبيلاً تزداد عظمته ونبله باتساع رقعة المحتشدين، شباناً وشابات، كباراً وصغاراً.
ومع اختلاف الشعارات، وتنوع الأعلام والرايات واللغات والجغرافية؛ ترى جلياً وبوضوح التقاءهم ووحدتهم على النضال المشترك لإنقاذ الإنسانية من ألد أعدائها المتمثلين بحلف الناتو، وعلى رأسهم الامبريالية الأمريكية، بلد الإجرام والإرهاب الأول بامتياز.
٭ رستم رستم: بدون شك، لقد عبَّرت التظاهرة عن الغضب الشعبي العارم من الامبريالية وحلفها، حلف الناتو. واتسمت مشاركتنا بأهمية كبيرة، حيث ترجمنا بالملموس تضامننا الأممي الذي يجب أن يعمق ويدعم ويتطور أكثر فأكثر.
وقد لاحظت في تظاهرة اسطنبول : التواجد الكبير للوجوه الشابة والحناجر القوية المعبرة عن الثقة بالمستقبل والإحساس بالرابطة الأممية القوية والنهوض الكبير للحركة الشيوعية واليسارية بشكل عام رغم الانتكاسات وعلى عكس ما يُروج له في الإعلام المضاد.
٭ ممدوح حاج شيخو: تظاهرة اسطنبول كانت تظاهرة ضد الطغيان والظلم. وكانت دهشتي كبيرة عندما التقينا بشرائح المجتمع المختلفة وهم ينادون للوطن وللشعب وللعدالة الاجتماعية، وأغرت منهم كثيراً، وشعرت عندئذ أننا بحاجة ماسة إلى الحوار معهم وعلى كافة المستويات الرسمية والشعبية والحزبية، كيف يبنون هذا البلد؟
وفي أثناء العودة شعرت بنعاس من التعب الشديد، وبدأت أحلم وأتساءل وأقول في قرارة نفسي : ألا يمكن أن نبني سورية الحبيبة أفضل من تركيا الجارة ؟؟؟ «على مبدأ الكل للوطن، والوطن للجميع».
٭ سليم يوسف: كنا نصادف الكثير من الوفود من مختلف المدن التركية المسافرة إلى اسطنبول أيضا، وقد صادفنا العديد من أهالي اسكندرونة والسويدية ومرسين وكانوا يتحدثون معنا بلغة عربية عامية مع بعض الكلمات التركية وقد كانوا متلهفين جداً للقائنا.
إن الحماس كان أقوى بكثير من تعب السفر الطويل الذي أحسسنا به في نهاية ذلك اليوم، تم توجيه تحيات من المنصة الرئيسية للمظاهرة إلى شعب فلسطين وإلى الشعب العراقي وللشعب السوري ولوفدنا، وكان الشعار الأكثر شهرة هو BUSH GO HOME وكذلك NO NATO وBUSH KATEL.
٭ غسان حاج حسين: يمكنني القول مع أنني لست منظماً في عداد اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وإنما مازلت عضواً في فصيل «صوت الشعب»، أن القائمين على رحلة الذهاب إلى اسطنبول كان لهم هدف وطني نبيل، وهو المشاركة في النضال الوطني ضد أحد أقطاب العولمة وأدواته، ألا وهو حلف الناتو، وقد امتاز الوفد السوري المشارك بأنه كان على مستوى عالٍ من الوعي.
والمشاركة كانت ناجحة، ولها صدى أممي كبير.
وقد فوجئت بهذا الانتشار الواسع للقوى الشيوعية واليسارية في بلد كنا نعتبر السيطرة الكاملة فيه للقوى القومية والليبرالية والأصولية.