الافتتاحية الحل الآني والحل الجذري
يسعى متشددو المعارضة ومتشددو النظام لإقناع الناس بأن الحل الآني الذي يقدمه كل منهما والمتمثل من جهة بإسقاط النظام، ومن الجهة المقابلة بإسقاط «المؤامرة»، كفيل بنقل سورية آلياً إلى النموذج الجديد المفترض دون تقديم أية إيضاحات عن ذلك النموذج..
إن الطريقة والعقلية التي سيصاغ وفقها الحل الآني للأزمة السورية لن تتمكن من إنجاح هذا الحل إلا في حال أرست منصة الانطلاق لبناء نموذج لاحق يقطع جذرياً مع مسببات الأزمة الراهنة. بغير ذلك فإن أي خروج من الأزمة لن يكون إلا خروجاً وهمياً ومؤقتاً يعيد إنتاجها بأشكالٍ أكثر حدة وأكبر خطورة، ومن هنا يغدو جلياً أن برنامج اليوم الأول بعد الأزمة هو المعني بتحديد طريقة الخروج منها.. كما يتم تحديد عمق ونوعية الأساسات وفقاً لارتفاع ومساحة البناء المنشود، أي أن الخروج من الأزمة يقابل البند صفر في برنامج ما بعد الأزمة.
وبما أن على البرنامج اللاحق أن يقطع نهائياً مع أسباب الأزمة الاقتصادية- الاجتماعية والديمقراطية والوطنية، فإن لهذا البرنامج قواماً عاماً محدداً يتطلب أساساً محدداً، أي أنه يتطلب مخرجاً آمناً محدداً..
ملامح البرنامج المطلوب:
• اقتصاديا- اجتماعياً:
- تأمين موارد الاستثمار عبر ضرب الفساد الكبير، وتأميم شركات الاتصال الخليوي
- تطور اقتصادي يؤمن أعلى نمو وأعمق عدالة اجتماعية ويقطع نهائياً مع النموذج الليبرالي سيئ الصيت.
- مضاعفة الدخل الوطني كل 5- 7 سنوات.
- رفع الحد الأدنى للأجور ليطابق الحد الأدنى لمستوى المعيشة وحل مشكلة البطالة جذرياً خلال 5- 7 سنوات، مما يتطلب رفع وتائر النمو عن طريق رفع مستوى التراكم ورفع مستوى العائدية من 15% إلى 33% كحد أدنى بالاستفادة من الميزات المطلقة للاقتصاد السوري وبإقامة مشاريع عملاقة مركبة زراعية- صناعية..
- تأمين الضمان الصحي المجاني والتعليم المجاني بكل مراحله
- تأمين مجانية الشرائح الدنيا الضرورية من استهلاك الماء والكهرباء لذوي الدخل المحدود
- حل مشكلة السكن حلاً جذرياً وصولاً إلى تصفير العقارات
• وطنياً:
- وقف جميع أشكال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع العدو الصهيوني
- استفتاء الشعب السوري في الطريقة التي يراها مناسبة لتحرير الجولان السوري المحتل بما في ذلك المقاومة الشعبية المسلحة.
• ديمقراطياً:
أوسع الحريات السياسية التي تلبي مصالح غالبية الشعب السوري ضد الفاسدين والأعداء الخارجيين بما يتضمنه ذلك من تعديل قانون الانتخابات الحالي نحو دائرة واحدة نسبية
شكل الخروج الآمن الموافق:
يتطلب البرنامج السابق شكلاً محدداً للخروج من الأزمة الراهنة، يرتكز هذا الشكل إلى الحوار الوطني المعني بتحقيق خطوة إلى الأمام في فرز الشارع السوري أفقياً بين متضررين من الفساد الكبير وبين مستفيدين منه، بين وطنيين وغير وطنيين، ولذا يتطلب الخروج الآمن تحقيق بنود المصالحة الوطنية التي تتلخص بالآتي:
1- إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث ممن لم تتلوث أيديهم بالدم السوري.
2- التعويض الفوري على المتضررين من الأحداث ومعالجة ملف المهجرين والمفقودين الحاليين والسابقين.
3- محاسبة كل المسؤولين عن إراقة الدماء السورية وعن إيصال البلاد إلى ما وصلت إليه.
إن مسارات الأزمة الوطنية التي تعصف بالبلاد متداخلة بأبعادها الداخلية والخارجية سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ولذا لا يمكن إيجاد أي مخرج آني دون برنامج شامل لاحق والعكس صحيح. ومن هنا بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى أن تكف القوى السياسية المختلفة عن إخفاء برامجها «إن وجدت» والتذرع بالأزمة، وعليها أن تعلن أمام الشعب السوري عن نواياها اتجاه مستقبله وعن الآليات التفصيلية التي ستحقق له مراده من خلالها..
السوريون يريدون معرفة برامج القوى السياسية المختلفة، وضمناً النظام، لأنهم هم وحدهم من سيقرر في النهاية أية سورية يريدون..