نداء نعم للوحدة الوطنية، لا للفتنة
كنا قد أكدنا مراراً أن وطننا الحبيب سورية أمام مخاطر عدوان جدي ومتسارع في زمن يتناقص مع اشتداد الهجمة الإمبريالية ـ الصهيونية على المنطقة ككل بعد احتلال العراق واستمرار المذابح ضد الشعب الفلسطيني.
فمنذ إقرار ما يُسمى بقانون محاسبة سورية في الكونغرس الأمريكي، إلى «الطلبات» الأمريكية المباشرة من سورية للتخلي عن المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، وعدم التدخل في شؤون العراق، برزت إلى العلن فكرة التدخل الخارجي ضد سورية على أرضية الاستفادة من قوى السوق والسوء التي تنهب الدولة والمجتمع معاً في الداخل، والتي تهيئ لمناخ خطير من الاستياء الشعبي العام وصولاً إلى إضعاف مناعة الوطن في مواجهة الخطر الخارجي.
نقولها صراحة لجميع المستهينين بالتدخل الخارجي وما يُخطط ضد سورية بعد احتلال العراق، «أن الاحتلال لا يمكن أن يكون الأب الشرعي للديمقراطية أو للحريات العامة، أو لحماية الوحدة الوطنية ومعها الثروة الوطنية من النهب»، ومن هنا ترفض جماهير شعبنا بشكل مطلق أفكار التدخل الخارجي الإجرامية في شؤون سورية الداخلية، سواءً تحت مسميات «الإصلاح»، أو عبر زرع أية فتنة داخلية من أي نوع كانت بهدف ضرب السيادة الوطنية، والاستقلال الوطني ككل.
إن أول ما تقتضيه مواجهة خطر التدخل الخارجي، تعزيز الوحدة الوطنية وتلبية مصالح الجماهير المعيشية، والرهان فقط على الشعب وإطلاق طاقاته الجبارة دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن وصولاً إلى أوسع تحالف وطني يكون خط الفصل فيه الموقف المعادي للإمبريالية والصهيونية وضد قوى البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية اللتين تتهيئان لجر عربة العولمة المتوحشة إلى بلادنا مثل أولئك الذين جرّوا عربة غورو إلى دمشق بعد استشهاد البطل يوسف العظمة في ميسلون.
بعيداً عن كل ما تطرحه الدوائر الأجنبية وبعض القوى المتجاوبة معها حول مفهوم «الديمقراطية والإصلاح»، من حق الشعب السوري أن يطرح مفهومه الوطني الخالص حول الديمقراطية وإطلاق الحريات السياسية وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ واستقلال القضاء واجتثاث قوى النهب، وإلغاء قانون الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة الصادر عام 1962 وإعادة الجنسية لمن حرموا منها وهم سوريون أباً عن جد، وعدم التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات والمواطنة، لأن الاستمرار في ذلك، كما في السابق، يُلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية ويعطي الحجة لمن يريد الإساءة لها.
إن ما حدث في القامشلي يوم أمس وانتشر في محافظة الحسكة اليوم، خطير جداً، ويجب محاسبة المسؤولين عنه أينما كانوا وفي أية جهة وقفوا، بمن فيهم من أعطى الأوامر لإطلاق الرصاصة الأولى على الجماهير وتسبب في وقوع الضحايا، لأن نزع فتيل الفتنة وتفويت الفرصة على قوى الخارج وبعض قوى الداخل، يتطلب صلابة الأعصاب ورباطة الجأش والحكمة والتروي وعدم الاستقواء لا بقانون الطوارئ ولا بقوة القبضة الأمنية ولا بقوى خارجية، بل في معالجة الوضع على أرضية تعزيز الوحدة الوطنية وحل المشاكل القائمة «وهي ليست صعبة إذا توفرت النوايا الطيبة»، وعدم خلق أية فرصة تسهل على القوى الخارجية الوصول إلى أهدافها الإجرامية ضد وطننا الحبيب سورية.
الوطن للجميع، ويجب ألاّ تكون الجماهير هي الضحية، وفي نهاية المطاف المخطط الإمبريالي ـ الصهيوني «سياسياً واقتصادياً وعسكرياً» يهدد وجودنا جميعاً، حاضراً أو مستقبلاً، ولا خيار أمامنا إلاّ خيار المقاومة ضد العدوان الخارجي المرتقب، وهذا يكفل عدم الوقوع في محذورات الصراع والفتنة الداخلية.
دمشق في 13/3/2004
اللجنة الوطنية
لوحدة الشيوعيين السوريين