الافتتاحية الوحدة الوطنية تحضيراً للمجابهة القادمة

يخطىء من يستهين بنوايا الإمبريالية الأمريكية وحليفتها إسرائيل الصهيونية فيما يخص مستقبل المنطقة وبلادنا، فهي محكومة بتوسيع رقعة مواجهاتها عبر الحرب والهيمنة هروباً من أزمتها المستعصية التي لا مخرج منها إلا باستخدام القوة على مساحة الأرض كلها.

وإذا كان قدرنا أن نكون أحد خطوط المواجهة الرئيسية مع هذه المخططات العدوانية، فإن أخذ سورية ليس بالقضية البسيطة فهي ليست العراق كما أنها ليست مصر. فإذا تم توجيه الضربة الأخيرة للعراق عسكرياً من الخارج، وإذا تم أخذ مصر باكراً بضربة قاضية وأخيرة من الداخل على يد السادات، فإن سورية نتيجة لظروفها التاريخية والجغرافية والسياسية، سيتطلب أخذها عملية معقدة ومركبة تجمع العناصر التي أخذت بها مصر والعراق وبشكل تصعيدي وتدريجي.

من هنا كنا قد أكدنا دائماً على أهمية الوضع الداخلي في المواجهة القادمة مستنتجين أن تعميق الوحدة الوطنية كفيل بتحطيم كل المخططات والنوايا العدوانية تجاه بلادنا، ولكن لتعزيز الوحدة الوطنية شروط ومتطلبات تفضي إلى إطلاق طاقات المجتمع الجبارة، وأهمها الالتفات الجدي والسريع لتلبية حاجات الناس والمجتمع.

على أساس وعي هذه المخاطر، وانطلاقاً من روح المسؤولية لدى قوى وطنية عديدة، يمكن القول أن عملية حوار وطني واسع قد بدأت فعلاً منذ فترة، ولو لم تأخذ هذه العملية إطاراً رسمياَ بعد يسرع الوصول إلى نتائج ملموسة.

وانطلاقاً من خطورة اللحظة الراهنة، يمكننا القول إن إنجاز الحوار الوطني اليوم هو أهم قضية أمام جميع القوى السياسية الجدية لأن ذلك سيؤمن الشرط الضروري للمواجهة الناجحة للمخاطر التي اقتربت كثيراً.

فما هو المطلوب لذلك؟

■ إذا كان الحوار الوطني قضية موضوعة على جدول الأعمال، إلا أن تأطيره وإطلاقه رسمياً من قبل جميع القوى صاحبة العلاقة أصبح مهمة ملحة ومستعجلة.

■ لا شك ولا نقاش بأن القضية التي ستجمع كل من يشارك في هذا الحوار هي كيفية تأمين كرامة الوطن عبر تحقيق السبل الأنجع لمواجهة الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل الصهيونية.

■ والأرجح أن المشارك في هذا الحوار يجب أن يكون كل الأحزاب والقوى والمجموعات والشخصيات الوطنية التي ترى في الحفاظ على الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية والكرامة الوطنية في وجه البربرية الأمريكية - الإسرائيلية مبرراً لوجودها. 

■ وأهم شيء هو أن هذا الحوار يجب أن يفضي إلى ميثاق وطني جديد تتوافق عليه جميع القوى السياسية الوطنية وجوهره تشكيل جبهة شعبية للمواجهة والمقاومة، على أن يقوم كل طرف من موقعه بتأمين شروط ومناخ ومستلزمات قيام هكذا حالة وتطورها اللاحق، وإذا كان لهذا الميثاق وظيفة تاريخية محددة فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الأطراف المشاركة فيه مضطرة لتعديل أو تغيير تحالفاتها السابقة فهذا أمر يجب أن يعتبر من الأمور السيادية لكل قوة مشاركة في الحوار وصولاً إلى الميثاق الوطني، الذي يجب أن يكون أداة تعبئة وتنظيم قوى المجتمع على الأرض، لأن المواجهة قادمة والاستهانة بها تفضي إلى التفريط بالسيادة الوطنية.

 

■ إن الوصول إلى ميثاق وطني يستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية هو مهمة وطنية من الدرجة الأولى، وهو يتحول إلى شرط ضروري لابد منه لتأمين كرامة الوطن والمواطن.