المهجّرون في وطنهم؟!
تعتبر ظاهرة المهجرين السوريين من أماكن إقامتهم مثل حمص وغيرها،إحدى تجليات الأزمة السورية ونتيجة حتمية للتوتر الأمني بسبب استخدام القمع والعنف، والعنف المضاد، الأمر الذي يؤكد أن توسيع دائرة العنف، يعقد الأزمة ويعطيها أبعاداً جديدة، وخصوصاً أن عملية التهجير تأخذ شكلاً طائفياً ودينيا في بعض الأحيان، مما يهدد في حال استمرارها بتفكك النسيج الاجتماعي، وتعريض وحدة البلاد للخطر.
وما يعقد الموقف أكثر أن العملية تترافق أحياناً بالاعتداء على الأملاك الخاصة، وحرمات المنازل، وهدم البيوت أحياناً، مما يؤدي إلى ترك جراح عميقة في الضمير الوطني السوري، وتؤسس لاحتقانات تستلزم وقتاً طويلاً لحلها.
وما يثير الاستفزاز هو إهمال مؤسسات الدولة المختلفة لمساعدة هؤلاء الضحايا، وغض الطرف عن وجودها اصلاً، لا بل إن البعض يتشفى منهم، ويسجل لأبناء شعبنا كعادته حالات التضامن الوطني والإغاثة في الكثير من مناطق البلاد، بسلوك يعبر عن روح وطنية وإنسانية سامية.
إن وجود مجموعات مسلحة هنا وهناك لايبرر تعميم استخدام السلاح والقمع المبالغ به وغير المبرر من النظام، فالوقائع تشير أن اغلب المتضررين هم أولئك الذين لاعلاقة لهم بالأعمال المسلحة، والأغلبية الساحقة ممن يدفع الثمن هم من الأبرياء. لا بل إن ذلك يقوي مواقع تلك المجموعات ويهيئ لها التربة لتصعيد اعمالها المشبوهة، ومشروع حلفائها الدوليين والاقليميين.
لا شك أن حل هذه المشكلة بشكل حقيقي لا بد أن يأتي في اطار تأمين مخرج آمن من الازمة، الامر الذي لايمكن أن يتم دون لجم القوى المتشددة من الطرفين أولاً، لانهما وجهان لعملة واحدة، وسلوكهما يقود الى النتيجة نفسها.
مع ضرورة التمييز بين حق ابداء الرأي بما فيه التظاهر السلمي كحق مشروع، وبين الأعمال المسلحة التي تحتاج إلى معالجة خاصة واستثنائية، ولكن حسب الظرف الملموس..