هل هناك إمكانية للحوار،الآن؟

كان الموقف السلبي من الحوارأحد أسباب الأزمة العميقة التي تمر بها البلاد، سواء كان من طرف النظام أو من طرف بعض قوى المعارضة، فالنظام ومن خلال سلوكه على الأرض نظر إلى الحوار على انه وسيلة للاحتواء وكسب الوقت للتحكم بمسار الازمة، وخنق الحركة الاحتجاجية، وما يدل على ذلك عدم تطبيق أي من بنود اللقاء التشاوري، لابل أن جملة من الممارسات على الارض عزز مواقع قوى المعارضة في موقفها من الحوار.

أما المعارضة وخصوصاً الخارجية منها فاتسم موقفها بالرفض المسبق لأية إمكانية للجلوس على طاولة الحوار، في الوقت الذي كان رموزها ينتقلون في جولات مكوكية بين اسطنبول، والرياض والدوحة، وواشنطن وباريس للنقاش في الوضع السوري، وتعدى الأمر ذلك بإرسال إشارات إلى إمكانية التفاوض مع إسرائيل في حال استلام زمام الأمور.
لاشك أن كلا الطرفين انطلق من وهم كاذب بإمكانية حسم الصراع لمصلحته، وهذا ما أكدت سنة من الأزمة بطلانه، ولاواقعيته.
والآن وبعد أن قاد سلوك الطرفين إلى تراجع النشاط السلمي، لمصلحة العمل المسلح والذي بات علنياً، دعماً وتمويلاً وتسليحاً، وأدخل بعض مناطق البلاد في دوامة دم عبثية، بعد كل هذا، هل هناك إمكانية للحوار كما تقول بعض قوى المعارضة، وكما «يطنش» النظام؟
نعتقد أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو: هل هناك بديل عن الحوار أصلاً؟
ففي ظل توازن القوى الحالي، وبعد عجز النظام عن ايقاف المد الشعبي، وبعد أن عجزت المعارضة الخارجية في استجرار التدخل الخارجي، لابديل عن الحوار، ولكن بشرط ان يقوم ضمن شرطيه النظاميّين، وهما:
رفض التدخل الخارجي الغربي الرجعي العربي، باعتباره يتناقض مع المصالح الوطنية السورية، ومع أهداف الحركة الشعبية نفسها.
الإقرار بضرورة التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل، كونه حقاً مشروعاً وضرورة تاريخية للرد الحقيقي على كل اشكال التدخل الخارجي.
مع النظر إليه على أنه شكل من أشكال الصراع، ولكنه صراع حضاري تستخدم فيه لغة العقل بدل لغة السلاح والقمع، وإنه إحدى أدوات التغيير السلمي ذات الأفق الوطني بعيداً عن أي شكل من أشكال تقاسم الحصص بين المعارضة والنظام.
كما أن من الضروري أن تشارك فيه الحركة الشعبية السلمية، باعتبارها اليوم قوة أساسية وفاعلة في الساحة السورية ولايمكن إنجاز أي شيء دون مشاركتها.
إن البديل الوحيد عن الحوار هو استمرار حالة الاستعصاء الحالية، وصولاً إلى السيناريوهات الخطيرة كالحرب الأهلية والتقسيم.