مؤتمر الحزب الشيوعي السوفييتي الـ 32 (الاستثنائي) المرتدون يسعون لتحويل الحزب إلى ناد للمصالح

«من أجل عدم القيام بأخطاء في السياسة، يجب أن يكون المرء ثورياً وليس إصلاحياً»

عقد مؤتمر الحزب الشيوعي السوفييتي الـ 32 (الاستثنائي) في 21 تموز الحالي في مدينة موسكو. حضره ممثلو ثمانية عشر حزباً شيوعياً في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وهم:

ـ الحزب الشيوعي الاتحادي الروسي البيلوروسي حزب العمال الشيوعي الروسي حزب العمال والفلاحين الشيوعي الأوكراييني الحزب الشيوعي الجيورجي الجديد اتحاد الشيوعيين الأوكرانيين الحزب الشيوعي الطاجيكي الحزب الشيوعي الأذربيجاني الحزب الشيوعي في لاتفيا الحزب الشيوعي في أوستونيا منظمات مناطق في الحزب الشيوعي البيلوروسي الحزب الشيوعي الأبخازي الحزب الشيوعي الكازاخي الحزب الشيوعي القرغيزي حزب الشيوعيين الروس الحزب الشيوعي في آسيتيا الجنوبية الحزب الاشتراكي الليتواني.. وغيرهم..

تركيبة المؤتمر

وكان عدد مندوبي المؤتمر المفوضين من قبل منظماتهم (176)مندوباً، يحضر منهم 35% المؤتمر على هذا المستوى لأول مرة، وهم يمثلون (19) قومية. وكان عمر أكثر من (60%) من المندوبين تحت الستين عاماً، منهم 86% يحملون شهادات جامعية عليا، ومنهم 23% مرشحو علوم وحملة شهادات دكتوراة وخمسة أكاديميين.

التقرير السياسي

افتتح المؤتمر الرفيق أوليغ شينين رئيس اتحاد الأحزاب الشيوعية، رئيس الحزب الشيوعي السوفييتي، الذي قدم تقريراً سياسياً بدأه بجملة مقتبسة من ستالين يقول فيها: «من أجل عدم القيام بأخطاء في السياسة، يجب أن يكون المرء ثورياً لا إصلاحياً». وقال إن المؤتمر يحمل صفة استثنائية، فالوضع في العالم وعلى أراضي الاتحاد السوفييتي خطر وحاد وكذلك في الحركة الشيوعية وتحاول السلطة اليوم في روسيا أن تقضي على البقايا المتبقية من مكتسبات الاشتراكية محولة الشعب إلى مجموعة بلا حقوق وبلا حول ولا قوة. وأشار إلى أن هذا واضح جداً في روسيا حيث يقوم بوتين بتغطية نفسه بحاجز دخاني من جمل كبيرة حول الوطن العظيم وحول تطوير الديمقراطية وحول توطيد الروح الوطنية والدولة. لكنه في الواقع يستمر في نهج نهب الشعب ومحاولة إخضاعه بشكل نهائي وغير قابل للرجعة للرأسمال الأجنبي.

الأصحاب الأجانب..

ويقوم هذا النظام بتنفيذ المطالب الأساسية لأصحابه الأجانب وهي:

خصخصة ما تبقى من الاحتكارات الطبيعية، أي الطاقة وسكك الحديد قوننة بيع الأرض وسن قانون جديد حول الأحزاب السياسية، والقيام بإصلاحات لصوصية في مجال السكن والتقاعد. وتابع يقول: في هذا الوضع الذي يتطلب، لصد القوى الرجعية، وحدة القوى اليسارية. ولكن مع الأسف فرض علينا صراع أكثر مأساوية خلال السنوات العشر الماضية لذلك نشعر أن واجبنا هو شكر كل القيادات والشيوعيين الذين بقوا مخلصين لأفكار الماركسية اللينينية وقضية أكتوبر وقاموا بالتحضير لهذا المؤتمر الاستثنائي.

الأسباب الحقيقية للأزمة

ما هي الأسباب الحقيقية للأزمة، ما هي القوى التي كانت سببها وقوتها المحركة، ما هي دروس ما جرى، ما هي مهمات اتحاد الأحزاب الشيوعية (الحزب الشيوعي السوفييتي) في الوضع الحالي ولاحقاً؟!... لذلك اجتمعنا لبحث ذلك وإيجاد الأجوبة.

إن المؤتمر الماضي الـ 31 الذي عقد في خريف 1998 جرى من الناحية الشكلية بشكل هادئ مع أنه كان متوتراً جدا ًفي العمق، وكان من نتائج هذا المؤتمر الموافقة الإجماعية على بيان سياسي، تضمن كل ما كان ضرورياً من أجل الوصول إلى وحدة عمل، إذا كنا لا نستطيع الوصول إلى وحدة تنظيمية، وهذا كان سيساعد على حل المسائل الملموسة المطروحة أمامنا.

حاولت قيادة الحزب أن تطبق قرارات المؤتمر بكل جهدها، واتخذت قرارات مختلفة تنفيذية بهذا الاتجاه، وعدد الرفيق شينين هذه القرارات، أولها في 28 شباط 1999 حول تطبيق المؤتمر الـ 31 بتشكيل كتلة انتخابية واحدة للشيوعيين لانتخابات الدوما الذي لم ينفذه الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية، مما أضر بنتائج الانتخابات وتطور الحركة اللاحق. وفي 18 حزيران تم التأكيد في اجتماع مجلس الأحزاب الشيوعية على ضرورة توحيد القوى الشيوعية والوطنية، وأن تأخير هذه العملية يضر بمجمل النضال الجاري. وفي 2 تشرين أول قررت قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي توجيه كل الأحزاب على أراضي الاتحاد السوفييتي إلى ضرورة توحيد كل القوى الممكنة خلال الحملات الانتخابية، مما لم يتحقق أيضاً، وكان رأي القيادة آنذاك عما جرى خطأ، نتائجه ستكون أليمة وجدية. وتم التشخيص حين ذاك أن الحركة الشيوعية على أراضي الاتحاد السوفييتي تعاني من أزمة حادة مما يتطلب أخذ إجراءات حاسمة لتنفيذ قرارات المؤتمر الـ 31 التي لا تنفذها قيادات بعض لأحزاب.

أسباب الاخفاقات

وقام الاجتماع الموسع لمجلس الاتحاد في 29 كانون ثاني 2000 بالخروج بنتيجة تقول: إن الإخفاقات التي تعرضت لها الحركة في الانتخابات المختلفة سببها عدم تنفيذ قرارات المؤتمر الـ 31 حول وحدة عمل جميع الشيوعيين والوطنيين خلال الحملات الانتخابية. ومع ذلك تقرر تأييد ترشيح الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية لانتخابات الرئاسة. وعندما تقرر إقامة الحزب الشيوعي الروسي البيلوروسي الموحد بقرار من قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي، رأى قادة الحزب الشيوعي الروسي في قيام الحزب الموحد خطراً عليهم، لأن ذلك سيحد من قاعدتهم الحزبية، وسيمنع تحقيق مخططاتهم في البقاء في المعارضة غير المتهاودة والمرتاحة ضمن جدران دوما الدولة تحت غطاء شعارات اشتراكية مزيفة. وبما أن هذه القيادة لم تستطع أن تشرح أسباب هزائمها المتكررة في الانتخابات النيابية والرئاسية تقرر من أجل إبعاد الانتباه عن القضية الرئيسية إيجاد عدو وهمي داخلي متمثلاً في قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي، وتقرر فتح النار عليه وتحطيمه، وانضم إلى محاولات إفساد عقد المؤتمر التأسيسي أجهزة السلطة نفسها ، وفي آخر لحظة انضم إليهم المعادون للمؤتمر ضمن الحزب الشيوعي البيلوروسي نفسه ولكنهم لم ينجحوا في ذلك. وعقد المؤتمر في موعده وأيد نتائجه أكثرية أعضاء الحزب الشيوعي السوفييتي.

بعد التجهيز المدفعي الثقيل ضد الحزب الشيوعي الاتحادي وقيادته، بدأت قيادة الحزب الشيوعي الروسي بإلقاء سيل من القاذورات من على صفحات جرائدهم عليهم.

لقد بحثت قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي في 28 تشرين أول 2001 الوضع وقررت أنه على أراضي الاتحاد السوفييتي تكوّن في الحركة الشيوعية المعاصرة جناحان على لأقل، أحدهما توفيقي إصلاحي انتهازي قريب بجوهره من الاشتراكية الديمقراطية المعاصرة في أوروبا الغربية، والآخر ماركسي لينيني يقف على أرضية طبقية بشكل صلب، أي شيوعي.

تحويل الحزب إلى ناد

إن المرتدين في الحركة الشيوعية لم يخفوا هدفهم، لقد كانوا يريدون بأي ثمن إبعاد قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي التي يحقدون عليها لكي يحولوا اتحاد الأحزاب إلى ناد مصالح لا حدود له تحت السيطرة الكاملة لقيادة الحزب الشيوعي الروسي.

إن خط الفصل في الحركة الشيوعية المعاصرة هو الموقف من الوحدة، إننا نريد وحدة على أساس ماركسي لينيني، وهم يخافون من الاعتراف برفضهم ذلك، ويتحدثون كثيراً عن الانقسام.

وأضاف شينين: وحول سؤال كيف وضعت العراقيل لمنع إقامة الحزب الموحد؟، أجاب الرفيق شكولينكوف حين قال: لماذا لم تأت قيادة الحزب الشيوعي البيلوروسي إلى المؤتمر الموحد؟.. لأن زيوغانوف عبر علاقاته بإدارة الرئيس بوتين، ضغط على إدارة الرئيس لوكاشينكو لمنع قيادة الحزب الشيوعي البيلوروسي من حضور المؤتمر الموحد.

وتابع شينين: وقد اعترف زيوغانوف نفسه بكل ذلك، ولم تفلح محاولات إقالة رئيس اتحاد الأحزاب الشيوعي من منصبه بشكل قانوني، لذلك تقرر القيام بانقلاب. حيث قام اجتماع يمثل أقلية مجلس الاتحاد بإعفائه من منصبه.

إن الهدف الحقيقي لهؤلاء التحريفيين في النظرية، والانتهازيين في الممارسة، هو تجميع كل القوى الممكنة تحت جناح الحزب الشيوعي الروسي من أجل حذف كل ما يمكن أن يذّكر الشيوعية من وثائق الحزب ا لشيوعي السوفييتي (اتحاد الأحزاب الشيوعية) وتحويل هذا الاتحاد إلى منظمة هلامية مهلهلة، وبذلك يجري حل المسألة الرئيسية : وهي خنق الحركة الشيوعية والعمالية على أراضي الاتحاد السوفييتي من خلال العناق الحار لبعض رفاق الأمس في اتحاد الأحزاب.

وأضاف الرفيق شينين: أن الإصلاحيين والتوفيقيين ينفون الصراع الطبقي حتى بعد النجاح الذي حققته الثورة المضادة البرجوازية البيروقراطية، وهم يريدون الاعتراف بالملكية الخاصة، ويدعون إلى المشاركة الاجتماعية، وبذلك يؤيدون اتجاه الحكام الحاليين لجعل هيمنة الرأسمالية لا رجعة عنها. مع أنهم يسمون أنفسهم شيوعيين حذفوا من شعاراتهم «يا عمال العالم، اتحدوا»! وينتقدون بشكل عام العولمة الإمبريالية، ويؤكدون فكرة التنمية المستدامة ، و يجلسون في هدوء في البرلمان الأوروبي مشاركين فعلياً في هذه العولمة نفسها. يقولون أن حدود الثورة في روسيا قد استنفدت. عندما تحت وطأة الأنظمة الكومبرادورية الحاكمة يزداد فقر وجوع وأمراض الأكثرية الساحقة من السكان. إن تشابك قيادة الحزب الشيوعي الروسي والأوكراييني والأحزاب الأخرى مع السلطات البرجوازية خلق وهماً عند الأوساط الشعبية حول إمكانية حدوث تغييرات إيجابية، ولكن ذلك لم يحمل في طياته إلا الانتظار بلا طائل، وانفضحت بذلك خيانة الانتهازيين لمصالح الشغيلة.

إننا نحيي انتصار حزب الشيوعيين في مولدافيا، ولكن عندما يقول قائدهم: «إن رجال الأعمال هم القسم الأنشط والأكثر فعالية في البلاد، ونحن سنعتمد على رجال الأعمال الشرفاء في الانبعاث الاقتصادي لمولدافيا». عند ذلك يصبح السؤال مشروعاً: مصالح من تمثل السلطة الجديدة؟! إن هذه الصفقة مع «أصدقاء الشعب» يمكن أن تكلف غالياً الشغيلة في مولدافيا.

إن الجماهير الواسعة تطالب بوحدة الشيوعيين، لكن مرة أخرى نكرر ما قاله لينين: « قبل التوحيد، و من أجل التوحيد، يجب أن نتمايز بشكل حاسم وواضح وإلاّ كانت وحدتنا وهماً».

الخيار

إن تطور الأحداث يضع المسألة بالشكل التالي: إما أن يفرض على شعوب بلادنا المستنقع الرأسمالي بالتواطؤ مع الخونة والمرتدين والجهلة. وإما أن نحطم الانتهازية فكرياً وتنظيمياً ونخرج شعوبنا إلى الطريق المؤدي إلى السلطة السوفييتية وإعادة توحيد وطننا والاشتراكية.

ومن ثم بحث التقرير في أقسامه التالية موضوع مرحلة ستالين ودروسها التاريخية. ومن ثم بحث التقرير مهام الشيوعيين في المرحلة الحالية الذي أكد فيه بشكل واضح وموسع ضرورة فضح النظريات العنصرية المختلفة في عالمنا الحالي، وأهمها وأخطرها على الإطلاق الصهيونية التي تشكل خليطاً من الأفكار والممارسات المبنية على التفوق الأثني والديني. وقال: أنه حتى الآن لم يقم أحد بدراسة جدية لهذه الظاهرة الخطيرة، لذلك تنتصب أمام العلماء الماركسيين وكل الحركة الشيوعية مهمة كبيرة وهي: كشف جذور القوة الضاربة للإمبريالية العالمية والقيام بتحليل تاريخي معمق لأساليب وأدوات العمل التخريبي الرجعي لعدو الإنسان والإنسانية، والقيام ببناء استراتيجية النضال ضده وتحقيقه على أرض الواقع.

وقد أقر المؤتمر التقرير السياسي وتقرير الرفيق كاسالابوف حول المؤتمر الـ 20 والـ 22 للحزب الشيوعي السوفييتي، واتخذ قراراً حول هذا الموضوع. كما أقر المؤتمر قراراً حول وضع الحركة الشيوعية وضرورة توطيد صفوفها على أساس الماركسية اللينينية. كما اتخذ قراراً خاصاً حول نشاط الأحزاب الشيوعية أكد فيه على ضرورة تطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية كاملاً في حياتها. وتطوير أشكال عمل قيادة الحزب، كما أقر بياناً سياسياً حول المهمات الملحة في الحركة الشيوعية.

انتخاب شينين رئيساً للحزب

 

انتخب المؤتمر في نهاية أعماله هيئاته القيادية التي أعادت انتخاب الرفيق أوليغ شينين رئيساً للحزب الشيوعي السوفييتي (اتحاد الأحزاب الشيوعية). ومن أهم الشخصيات في القيادة الجديدة الرفاق: أركادي تيولكين، الأمين الأول لحزب العمال الشيوعي الروسي، وريتشارد كاسالابوف، رئيس تحرير «البرافدا» ومجلة «الشيوعي» سابقاً، والفريد روبيكس، عضو مكتب سياسي حتى آب 1991، واعتقل حتى عام 1997 بعد أحداث آب، أحد قادة الشيوعيين في البلطيق، وبكلانوف، عضو مكتب سياسي قبل أب 1991، مسؤول المجمع الصناعي العسكري وأحد المعتقلين بعد أحداث أب 1991 بتهمة الانقلاب على غورباتشوف، إيزونوف، رئيس تحرير جريدة «غلاسنست»الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوفييتي، وكذلك الرفاق نيكولايف باجيمسكي، لاباتين، وغيرهم....