أقدم حزب حي.. في أقدم عاصمة حية
إذا كانت دمشق التاريخ والحضارة عاصمة سورية هي أقدم عاصمةٍ موجودة ومسكونة على الكرةِ الأرضية، ويحق لنا كسوريين أن نفتخر بذلك، فيحقّ لنا كشيوعيين سوريين تحديداً أن نفتخر بأننا من أقدم الأحزاب في الحركة الوطنية التقدمية السورية، ومن أقدم الأحزاب في الحركة الشيوعية العالمية، والمهم هنا، أن هذا الحزب مازال موجوداً ومسكوناً بهموم العمال والفلاحين وسائر الكادحين بأيديهم وأدمغتهم. وإذا كنّا نفتخر بتاريخ شعبنا المقاوم للاستعمار، وتاريخ حزبنا الوطني الذي استحق على أساسه بحق لقب حزب الجلاء، وتابع نضاله بعد الاستقلال ضد الأحلاف والمشاريع الاستعمارية وضد الدكتاتوريات المتعاقبة، فيحق لنا أن نفتخر أيضاً بتاريخ النضال الطبقي لحزبنا ضدّ الاستغلال والظلم والاضطهاد الإقطاعي والبرجوازي، وهذا أمر لا يمكن لأحد أن يتجاهله أو يتجاوزه، كما لا يمكن لأحد أن يحتكره له، فهو ملك للشعب كله.
فالتحية لكل الشيوعيين السوريين الذين يستلهمون من هذا التاريخ وهذا الحزب أفكارهم الماركسية اللينينية، ورؤاهم ومواقفهم الوطنية والطبقية الحالية والمستقبلية، ويجب التأكيد هنا أن مناسبة الذكرى 85 لتأسيس حزبنا، يجب أن تكون وقفة مراجعة جدية من كل الشيوعيين المخلصين أنى كان موقعهم لتاريخ الحزب ومبادئه وقيمه!!
إن ما حصل في العقود الماضية من تراجع كان نتيجة ظروف موضوعية عامة تتعلق بتراجع الحركة الثورية العالمية، ونتيجة ظروف ذاتية كان يمكن تجاوز أغلبها لو توفرت روح التضحيةِ ونكران الذات لدى البعض، فلولا كلا العاملين السابقين لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه حالياً من تشرذم وانقسام، ولما خسرنا قاعدتنا الاجتماعية، ولما تراجعنا عن أداء دورنا الوظيفي في المجتمع، ولما وصلنا لأن تُقام ثلاثة احتفالات منفصلة لمناسبةٍ عزيزةٍ كهذه المناسبة، ولعل ذلك من المآسي التي نشهدها بألمٍ في هذه الأيام!! وإذا كنا نتفهم ظروف المرحلة في العقود الماضية، فإننا لا نقبل ذلك في الظروف الحالية من حيث انفتاح الأفق أمام الحركة الثورية العالمية، ولا نقبل أي تبرير في عرقلة أو تأخير لوحدة الشيوعيين السوريين وقيامهم بدورهم تجاه الشعب والوطن .
وهنا نتساءل: كيف يمكن أن تتحقق الوحدة الوطنية باسم التحالف كما ينادي البعض، دون أن نتوحد كشيوعيين؟ أو كيف يمكن أن تتحقق وحدة اليسار دون أن نتوحد كشيوعيين، كما ينادي البعض الآخر، إن الاحتمال الأول هو هروبٌ إلى الخلف، أما الاحتمال الثاني فهو هروبٌ إلى الأمام!؟ ومن لا يقبل باحتفال مشترك بهذه المناسبة أو تنسيق وأعمال مشتركة ومواقف أو غيرها .. كيف سيقبل بوحدة إلاّ إذا فرضت عليه فرضاً من الشيوعيين المخلصين!؟
إن الظروف الحالية، سواء على مستوى التحديات الخارجية التي تُهدد الشعب والوطن، أو على مستوى التحديات الداخلية الاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، باتت تتطلب وحدة الشيوعيين، بل أصبحت هذه الوحدة ضرورةً موضوعية لا يمكن لأحد تجاوزها أو عرقلتها، لأنها ستتجاوز كلّ الأوهام القاصرة، وكل الذاتيات، مهما أغلقت الأبواب على نفسها، ومهما عرقلت ووضعت من عقبات ونسجت من أسوار، فهي أوهى من خيوط العنكبوت. ويمكن القول: إن الشيوعي القوي خيرٌ وأحبّ إلى الناس من الشيوعي الضعيف!! كما أن وحدتنا تساهم أيضاً في تحقيق وحدة وطنية حقيقية تضمن مشاركةً فعّالةً للشعب لمقاومة كل الاستهداف الخارجي والداخلي لمصالح الشعب والوطن.. فحركة التاريخ تسير إلى الأمام، ومن يحاول إيقافها أو عرقلتها ستتجاوزه عجلة التاريخ وسينساه الناس مع الزمن.
ومن هنا أيضاً: على الشيوعيين المخلصين لتاريخ الحزب الشيوعي والمتمسكين به وبالماركسية اللينينية، أن يعملوا لتحقيق وحدة الشيوعيين، وأن يأخذوا زمام المبادرة ليتمكنوا من أداء دورهم التاريخي وتحقيق كرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كل اعتبار.
مرةً أخرى كل الحب لكم أيها الرفاق الشيوعيون أينما كنتم، ولنعمل أن تحل الذكرى القادمة ونحن متوحدون.