الافتتاحية وذكّر.....
مع قرب انتهاء العام 2005، لا بأس من قيام «قاسيون» بجردة حساب لمواقفها ولرؤيتها التي كثفتها من خلال افتتاحياتها السابقة، كي يتبين ما لها وما عليها، وهذه بعض عناوينها ومضامينها..
■ البلاد بحاجة إلى أحزاب سياسية وطنية قوية... (238):
... والمؤسف أن القوى التي تشكلت منها الجبهة في السبعينات كانت قوى فاعلة على الأرض، ولكن معظمها اليوم لم يعد كذلك، أي أن أحزاب كثيرة منها خرجت عملياً من المجتمع والمطلوب عودتها إليه بأسرع وقت ممكن...
والسؤال هو: هل يمكن إنجاز هذه المهمة دون تطوير رؤية وخطاب وممارسة وبنية هذه الأحزاب؟ وهل تكفي المقرات والجرائد والسيارات مهما كثرت، وكذلك مختلف أشكال الدعم المادي لحل هذه القضية؟ التجربة الملموسة تفيد بالنفي
■ الشعب والحكومة.. الخيارات.. والضرورات... (239):
... من هنا بالذات يصبح ما يقال عن الضرورات الآنية للحكومة، والتي يغلب عليها طابع التجريب والمتأثر في أكثر الأحيان بضغط مراكز النفوذ المختلفة والتي لا علاقة لها بمصالح المجتمع الحقيقية، ليست حتماً خيارات الشعب الذي يدافع عن مصالحه، وسيصوب خطوات الدولة التي يجب أن تكون صياغاتها النهائية للقضايا الاقتصادية – الاجتماعية المطروحة هي محصلة التوازنات الحقيقية الموجودة في المجتمع والتي تشكل مصالح الشعب مركز ثقلها الأساسي...
■ ما العمل في الوقت المتبقي؟... (242):
... أحداث تؤكد أسوأ مما توقعناه بخصوص تسارع العدوان الأمريكي ـ الصهيوني على منطقتنا وبلادنا،........ عدم رؤية هذاالجوهرفي حينه، أو التأخر في اكتشافه، قد ضيّع وقتاً ثميناً كان يمكن استثماره في تعبئة كافة القوى الممكنة للمواجهة الحتمية القادمة، بدلاً من متابعة الرهان على دبلوماسية المناورات فقط التي لم تربحنا شيئاً، اللهم إلاّ زيادة أوهام البعض حول إمكانية إرضاء العدو، وهذا طبيعي، لأن منطق المناورة الأحادي الجانب يقول بتعطيل أي فعل حقيقي على الأرض للجماهير خوفاً من استفزاز العدو الهائج، الذي بينت التجربة استحالة إرضائه بأي شكل من الأشكال....
■ الآن.. الآن وليس غداً!... (244):
... السؤال الآن ليس التنجيم والتبصير حول قرب العدوان أو إمكانية تفاديه.. السؤال الآن وبصريح العبارة: كيف نواجه العدوان ولامهرب لأحد من المسؤولية، فالوطن في خطر ولاعذر لمتخاذل، ولامكان للقوى التي تتهيأ للمساهمة في تفتيت سورية وإخضاعها للغزاة.. وهذه القوى تتحصن في مراكز الفساد والنهب الكبير والتي كانت وستكون بوابة استجرار العدوان ومرتكزه الداخلي...
■ المؤتمر القطري ومتطلبات المرحلة... (246):
... صياغة دور جديد للحركة السياسية، ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي، التي لابد أن تستعيد دورها الوظيفي في حياة البلاد، بعد فترات اغتراب بينها وبين جماهيرها المفترضة، هذا الدور الذي لايمكن أن يتحقق دون فصل جهاز الدولة عن جهاز الحزب الحاكم وحلفائه ومنع تدخله بالشؤون الداخلية للأحزاب الأخرى، هذا الأمر الذي يجب أن يعكسه قانون أحزاب وقانون انتخاب جديد، ومجمل الإجراءات الديمقراطية الأخرى المطلوبة في المرحلة الحالية. وهكذا تتكون الأرضية الموضوعية كي يكون جهاز الدولة فعلاً تحت رقابة المجتمع الممثل بأحزابه السياسية وقواه الاجتماعية المختلفة....
■ المؤتمر الوطني بين رؤيتين... (247):
... لابد من إنجاز الحوار الوطني الشامل دون إبطاء بين جميع القوى الوطنية من أحزاب وتجمعات وشخصيات وصولاً إلى مؤتمر وطني على مستوى البلاد، ليس لأن سورية تقع في حالة فراغ، وليس مطلوباً منه الاتفاق على برنامج حكم أو تقاسم المغانم، أو القبول بمنطق الذين يطالبون بمؤتمر وطني على أساس «أعراق ومذاهب وطوائف..»، بل الوصول إلى برنامج مواجهة يؤسس لقيام جبهة شعبية وطنية....
■ مكافحة الفساد.. كيف ومن أين؟!... (250):
ـ... ولكن هل يكفي ضرب رموز الفساد الكبير لاجتثاثه، أم أن العملية هي أعقد من ذلك وتتطلب كسر آلية الفساد عبر اكتشاف خريطته ومفاصل تموضعه، وخاصة في قطاعات الاتصالات والكهرباء والنفط؟ إن ضرب رموز الفساد من دون كسر آلياته، سيسمح بإعادة إنتاج الفساد عبر رموز جديدة، لذلك فإن هذه العملية هي أعقد وأصعب مما نظن لأول وهلة، وتتطلب لنجاحها دمج كل قوى المجتمع النظيفة في هذه العملية....
■ حول مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي... (251):
... أحسن المصطلحات والشعارات لاتعني شيئاً، إذا لم تؤكد الممارسة مصداقيتها. فالاقتصاد السوري كان يوصّف خلال عقود، في النصوص القانونية وفي الوثائق الرسمية على أنه اشتراكي، بينما كان في واقع الحال رأسمالياً مشوهاً ومتخلفاً، إذن فقوة النص أو المفهوم تأتي من الواقع وليس العكس....
■ لا خيار إلاّ الاستقواء بالداخل... (252):
... وهنا يبرز اتجاهان خاطئان: الأول يهوّن والثاني يهوّل، فالأول يعتبر أن الأخطار ليست كبيرة إلى الدرجة التي تتطلب إجراءات استثنائية لاستنهاض قوى الشعب، والثاني يعتبر أن الأخطار هي قدر لا مرد له ويجب الانحناء أمامها والانصياع لها....
من هنا يرتدي أهمية كبرى سؤال: الوحدة الوطنية مع من ولماذا؟!.
■ الغلاء الزاحف.. بين التصريحات المتدفقة والحل المستعصي!... (253):
... إن القضية الأجرية هي جوهر القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية وهدفها، والسير نحو حلها هو شرط ضروري لتأمين كرامة الوطن والمواطن، وتراجعها سيلعب دوراً سلبياً في تعزيز الوحدة الوطنية، لذلك يجب أن تكون على رأس سلم أولويات القوى الوطنية المناهضة للمخططات الأمريكية ـ الصهيونية التي تستهدف سيادة الوطن ووحدته....
■ الخصخصة أعلى مراحل الفساد... (254):
... للخصخصة أشكال وللفساد درجات، الفساد سبب للخصخصة وهي سبب لمرحلة أعلى من الفساد.
وتبقى الخصخصة خصخصة مهما سميت: إلغاء للتأميم، أو تأجير للشركات العامة، أو تحرير لبعض القطاعات....
■ العدوان يطرق الأبواب.... الوقت المتناقص ينتهي... (255):
... إن النظام في سورية أمام استحقاق تاريخي داهم، فإما أن يجد في نفسه القدرة والقوة على الدفاع عن بنية الدولة والمجتمع بالاعتماد على القوى الحية والنظيفة فيهما، وإما أن يترك الأمور للتقادير وهذا أسوأ الحلول وأخطرها على الإطلاق....
■ ميليس... حِلس مِلس..... (256):
... ولأننا ندرك حقيقة نوايا واشنطن العدوانية ضد بلدنا وشعوبنا ومنطقتنا، لذلك لا يجوز لأحد أن يطمئن لما يمكن أن تسفر عنه نتائج لجنة التحقيق الدولية برئاسة ميليس لان حلها سيكون حتماً (حِلس مِلس... ) وكلنا ثقة بالقدرة الكامنة في شعبنا إذا ما أحسن استخدامها للدفاع عن كرامة الوطن المواطن....
■ ضمانات نجاح حملة مكافحة الفساد... (257):
... ويبقى الضمان الأساسي لنجاح حملة مكافحة الفساد، هو انعكاس هذه العملية على مستوى معيشة الشعب وعلى وتيرة تطور الاقتصاد الوطني، فعندما يشعر المجتمع وبشكل ملموس أنه مستفيد من هذه العملية، فإنه سيدعمها بكل قواه، ولن تستطيع أية قوة حينذاك أن تعرقل هذه الحملة وفي ذلك أفضل تحقيق لكرامة الوطن والمواطن....
■ عاصفة أم مخطط لاستبدال المناخ؟... (259):
... يروج البعض، وبخاصة في الفترة الأخيرة لموضوعة جد خطيرة وهي: ضرورة إحناء الرأس أمام العاصفة، غاضَين البصر جهلاً أو تجاهلاً عن أن ما يجري في منطقتنا اليوم وحول بلادنا، هو ليس عاصفة بل هو مخطط مدروس بعيد المدى، يعكس تبدل المناخ الدولي بعد اختلال ميزان القوى، ولو مؤقتاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، هذا التبدل الذي له برنامجه وجدوله الزمني وصولاً لهدفه النهائي ألا وهو الشرق الأوسط الكبير بما يعنيه من تفتيت المفتت في بنى المنطقة، بنى المجتمعات والدول....
■ اقتصاد المواجهة... (260):
... تتحول الجبهة الاقتصادية في البلاد وبخاصة من خلال محاولة زعزعة استقرار الليرة السورية إلى عنصر أساسي من عناصر الهجوم المركب الذي تعتمده الإدارة الأمريكية في هجومها الشامل على سورية، استكمالاً لمخطط الشرق الأوسط الكبير، هذا الهجوم الذي يستخدم – في آن واحد - أدوات عديدة: إعلامية، دبلوماسية، سياسية وحتى عسكرية إذا لزم الأمر....
■ الليرة السورية اليوم خط المواجهة الأول... (261):
... إذن، لابد من تسمية الأمور بمسمياتها ووضعها في نصابها الصحيح: ليس بسياسة اقتصادية كهذه، وليس بإجراءات مالية نقدية كالتي يجري اتخاذها الآن تدار معركة المواجهة، والتي أصبحت أمراً واقعاً، بل إن هذه الإجراءات وقياساً على نتائجها تسير في الاتجاه المعاكس لخط المواجهة السياسي الذي أعلنته القيادة السياسية، ولهذا لابد من اتخاذ إجراءات سريعة لإحداث قطيعة مع الممارسة الاقتصادية الجارية حالياً، نهجاً وأداءً ،وإعادة ترتيبها لتتحول إلى صخرة تتحطم عليها مخططات الأعداء وفي ذلك كل الضمانة لكرامة الوطن والمواطن....
هذه حصيلة رؤيتنا خلال عام، وإذا كنا قد أصبنا في كثير من الأحيان، فإن الفضل في ذلك يعود إلى أرضيتنا العلمية والطبقية في تحليل الظواهر والأحداث التي تعلمنا إياها مرجعيتنا الماركسية اللينينية، وفي هذا لا يتملكنا أي شعور بالرضا عن النفس،س لأن الطريق لتحويل الرؤية إلى واقع يتطلب جهداً إضافياً كبيراً بقدر المسافة التي تفصل بين الرؤية والممارسة، والتي يصبح تدقيقها وتطويرها همنا الأساسي، وهي مهمة سيتوقف عندها بلا شك طويلاً مؤتمرنا القادم الذي تنتهي الاستعدادات له حسب قرار هيئة رئاسة مؤتمر الشيوعيين السوريين.