جردة حساب جوهرية..!

جردة حساب جوهرية..!

كثرت التحليلات والقراءات لحصيلة عام من الدخول العسكري الروسي إلى سورية أو ما يعرف اصطلاحاً بـ«عمليات المساعدة الفنية الجوية الروسية المقدمة للجمهورية العربية السورية» التي بدأت في 30 أيلول 2015.

 

 

بعيداً عن استطرادات المديح أو الهجاء، أو تفصيل نتائج الدخول الروسي، كل من منظوره وعلى قياس حساباته الضيقة الخاصة المسبقة، يمكن تثبيت النجاحات الجوهرية التالية التي ترتبت على العمليات العسكرية الروسية في سورية:

- منع الانهيار الكلي في بنية الدولة السورية، ووضع مسألة تقسيم سورية خلف الظهر تماماً، بعدما كان أمراء الحرب عشية هذا الدخول يطرحون، بقوة وصفاقة، التقسيم «حلاً للمعضلة السورية»..! 

- وضع مسألة المناطق أو الشرائط الآمنة في شمال البلاد أو جنوبها خارج معادلة علاج الوضع السوري.

- إثبات زيف ادعاءات واشنطن بمحاربة الإرهاب، المتمثل في حينه بتنظيم داعش، حيث أحدثت الضربات الجوية الروسية انكفاءً جدياً للتنظيم الإرهابي وحررت مساحات كان قد احتلها، وأسهمت في تجفيف موارده القائمة مثلاً على سرقة النفط السوري وتهريبه. وهو ما أضعف داعش في سورية، وفي العراق أيضاً، ليتأكد للجميع أنه «نمر من ورق»، وليضطر الأمريكيون لإحداث تخفيض دراماتيكي في الآجال الزمنية التي سوقوها إعلامياً للتخلص منه. 

- تبديد أوهام متشددي الصراع بديمومة الحل العسكري. فالروس ربطوا دخولهم الميداني بتسريع وتشريع الوصول إلى الحل السياسي، وإلزام مختلف الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية بهذا المسار. وهو ما تمت ترجمته بعد عام ونيّف من جمود جنيف2 بجملة نشاط دبلوماسي دولي مستمر بدفع روسي، مثل: بيانات فيينا وميونيخ للمجموعة الدولية لدعم سورية، والقرار 2254، وعقد مفاوضات جنيف3، والاتفاق الأخير المعلّق مع واشنطن بخصوص قضايا عدة تمهد لحل الأزمة تبدأ من تثبيت نظام وقف الأعمال العدائية.

- تثبيت ضرورة إحداث الفرز المطلوب في صفوف المسلحين السوريين بين من هو قابل للانضمام للعملية السياسية بأفق تغييري وبين الإرهابيين الواجبة مواجهتهم واجتثاثهم، وفي مقدمتهم داعش والنصرة.

- لجم الابتزاز السياسي في مسألة تمثيل المعارضات السورية في جنيف، وتثبيت حق الأكراد في هذا التمثيل، مع تأكيد أن إقرار المستقبل السياسي لسورية هو من حق السوريين حصراً، عبر عملية الانتقال السياسي الواردة في القرار 2254، مع تثبيت ضرورة وجود سورية دولة ذات سيادة وموحدة أرضاً وشعباً.   

- الارتفاع الملحوظ في عدد ووتيرة انضمام قرى وبلدات سورية للهدنة بالضمانة الروسية حصراً.

- لجم الصدام السوري- السوري العبثي الحاصل في عدد من المناطق السورية، ولاسيما في محافظة الحسكة.

- توثيق وعرض الضربات المنفذة روسياً استهدافاً للإرهاب، وإظهار القرائن في عمليات التحالف الدولي غير المشروع بقيادة البنتاغون الأمريكي بحق بنى الدولة السورية والمواطنين السوريين.

- الدخول في مواجهة شرسة مستمرة، دبلوماسياً وميدانياً وإعلامياً، مع فريق واشنطن بامتداداته الإقليمية والمحلية، المناهض والمعرقل للحل السياسي في سورية.

إن الموقف من روسيا، يحدده موقفها من الحل السياسي للأزمة السورية وطبيعة ووتيرة التغيير والانتقال المطلوبين، الواردة في 2254. وإن روسيا ثابتة على موقفها الضاغط بهذا الاتجاه. وإن وضع أية إشارة مساواة بينها وبين الولايات المتحدة، العدو التاريخي للشعوب والمتقهقر حالياً، هو تشويش لا طائل منه سوى إطالة أمد معاناة السوريين. وإن جملة النشاط الروسي، بما فيه العسكري في سورية، يسهم في تعميق التصدع والانقسام الحاصل داخل أوساط النخب الغربية (وخاصة الرأسمالية الأمريكية) بين داعمي الفاشية والمتخوفين منها، وهو ما ينعكس باشتداد الصراع العلني والمخفي في هذه الأوساط وتخبطها واستمرار تراجعها العام والخلافات السياسية بداخلها على خلفية حتمية التعاون مع روسيا من عدمه.

آخر تعديل على الإثنين, 03 تشرين1/أكتوير 2016 17:41