حكومة «فَلَت»..
سألني أحد الأصدقاء، ممن يتابعون قاسيون باهتمام: لماذا تكثرون الحديث عن أخطاء الحكومة؟! قلت: قبل أن أجيبك عن سؤالك سأحكي لك حكاية تاريخية يعرفها أغلب أهل دير الزور.
في قديم الزمان، وتحديداً في عام 1918 هرب المحتل العثماني السيء الصيت والسمعة بعد أن عاث فساداً في بلادنا.. ونهب خيراتنا وأعادنا إلى الوراء سنين طويلة!!
(أيام تنذكر.. ولا تنعاد..) كما يقول الأجداد، وكانت قوات الحكومة العربية «لمّا» تصل بعد، وصارت الأمور «شوربة».. لصوص وقطاع الطرق فتنادى وجهاء المدينة.. وشيوخ العشائر في الريف وبعض رجال الدين، وشكلوا حكومة لضبط الأمور، ويسميها أهل الدير «حكومة الفلت» أي (غير الرسمية) تعبيراً عن المرحلة التاريخية.. وقد أدت دورها مشكورة.
في الإجابة عن سؤالك: هناك في الحكومة من يعمل العكس أي «فلتان» وإليك الأمثلة: وزير يضرب أحد العاملين! وأخر ينقل عاملاً لأنه كشف فساداً ، وثالث يفرض الضرائب على الشعب ويتناسى كبار التجار ذوي الأرباح الكبيرة ورابع يقول: إن الأجور زادت أكثر من الأسعار؟! وخامس يريد أن يبيع «هواءنا»... لتخصيص الاتصالات الرابحة، وإذا تعمقنا نجد نائباً لرئيس الوزراء ويقود السياسة الاقتصادية تهمه الشركات الاستثمارية دون النظر إلى انعكاسات عملها على سياسة الوطن.. ووضع الشعب، وفوضى الأسعار وارتفاعها... هل يكفيك هذا... أم أكمل؟؟
قال: لا... يكفيني، قصدك صارت مثل: «حارة كل من إيدو إلو»؟
قلت: نعم.. وأيضاً «حارة كل من له إيد»!!
قال: كأنك «بقلبي» ولكن أليس هناك مخلصون؟
قلت: بلى.. هناك من يريد المحافظة على «الدولة» ويتمسك باستقلالية الوطن، ويدعو لمقاومة مشاريع الهيمنة، ومحاربة الفساد والمفسدين..
قال: سؤال آخر: أنتم الشيوعيون تحبون اللون الأحمر.. هل عندكم خطوط حمراء؟!
أجبت: نعم نحب اللون الأحمر لأنه لون دم الشهداء.. ولون دم أبناء الوطن مهما اختلفت انتماءاتهم، ونحن منهم ولدينا خط أحمر عريض لا تتجاوزه..
قال: شوقتني.. ما هو؟!
قلت: كرامة الوطن.. والمواطن!
قال: سؤال أخير: من أين جاءتكم هذه الصلابة؟!
قلت مختتماً حوارنا الهادئ: من صلابة «قاسيون» وأبطال «ميسلون» .