سورية في المشهد السياسي - الاقتصادي المتحول

 إن أكثر ما يؤثر بعمق في التحولات السياسية والاجتماعية في عالمنا وخاصة في منطقتنا، هو تواتر الحلقات والثنائيات الوهمية التي تحاول أمريكا أن ترعاها وتطورها لتصل إلى تلك المجتمعات الفوضوية التي تمسك هي بخيوط لعبتها لكي تصل إلى مفهوم امتلاك النفط وليس السيطرة عليه لأن مفهوم السيطرة أصبح من المفاهيم الكلاسيكية على تطور أزمتها،

فتحاول أن تصور المشروع الإيراني بأنه مشروع فارسي صفوي ولهذه الغاية يسعى لامتلاك السلاح النووي وتحاول أن توجه الأنظار للخطر الذي تشكله إيران على مستقبل العرب وتنسينا إسرائيل وموقف الثورة الإسلامية منها تحت أهم شعاراتها (الموت لأمريكا ـ الموت لإسرائيل) وفي أحسن الأحوال تجعل من إسرائيل ضحية مثلها مثل العرب فتجمعنا في سلة واحدة ضد الخطر الإيراني.

ـ وفي العراق تجعل من المقاومة الموجهة ضرباتها تحديداً للاحتلال الأمريكي تجعل منها إرهاباً يطال الدولة والمجتمع العراقي الذي نصبت نفسها بأنها ضحية مثل العراقيين ونسبت فرق الموت والموقف الداعم لقوى الإرهاب الحقيقية التي تنال من كل العراقيين بكل تلوانيهم الدينية والقومية والطائفية من الـ «سي أي ايه» والموساد الإسرائيلي والمخابرات العربية الداعمة.

ـ وفي لبنان تحاول أن تجعل من الصراعات السياسية الديمقراطية بين المعارضة والنظام أو السلطة صراعاً سنياً ـ شيعياً عبر تحالفها مع قوى الرأسمال المتمثلة بالحريري وقوى التحالف التقليدي مع إسرائيل مثل جعجع وبعض القوى الحالمة بدور سياسي واقتصادي في المستقبل المتغير أمريكياً كما يظنون.

ـ وفي فلسطين أيضاً تحاول عبر الوعود الكاذبة وبعض الامتيازات تارة وعبر الترهيب تارةً شرخ المجتمع الفلسطيني من مقاومة للاحتلال الإسرائيلي إلى تقاتل داخلي دون مبررات منطقية سوى الحلم بالسلطة والمال وإدارة البلاد وتعمل كل ذلك بالتنسيق مع أزلامها داخل السلطة وتحاول أن تخلق من الوضع الاجتماعي المتدهور والوضع السياسي الناجم عن الاحتلال بإحلاله محل الصراع السياسي بين الفصائل وكأنه هو الناظم الوحيد للقضية الفلسطينية.

ـ أما في سورية فمن أبرز المستجدات السياسية ذات التأثير العميق على واقع ومستقبل البلاد والعباد هو الوضع الاقتصادي الاجتماعي الذي مباشرة سيطال أوسع شريحة اجتماعية متأثرة به بشكل مباشر ويومي بل ولحظي أيضاً وخاصة أن حالات استعصاء كثيرة على مختلف الميادين الداخلية السياسية والديمقراطية والاجتماعية الاقتصادية ولأن القضية الاقتصادية الاجتماعية أصبحت ترتقي إلى سوية القضية الوطنية والديمقراطية فنقاشها يعني في جوهره ملامسة الهم الوطني من سيادة واستقلال والهم الديمقراطي من حرية الحركة والتعبير لضرورة التغيير فمن المستجدات السياسية الهامة على الصعيد الداخلي وهو ما أود أن أتوقف عنده حول ارتفاع الأسعار الأخير الذي جعل الحكومة تخرج عن وصمتها وتناولته في الصحف وفي التلفاز وبما أنني غير معني كثيراً بالحكومة لأنني لست مسؤولاًَ فيها فأريد أن أطرح من موقعي في المجتمع بعض الأسئلة على ضوء المستجدات السياسية والاقتصادية الاجتماعية والوطنية.

ـ لمصلحة من تتعامى الحكومة الحقائق الاقتصادية في البلاد؟.

ـ هل السياسات الليبرالية التي تنتهجها تخدم الوطن والمواطن؟.

ـ ما هي قدرتها على الحد من ارتفاع الأسعار الدائم؟.

ـ هل هي المتحكمة بارتفاعات الأسعار أم هناك قوى داخلها وخارجها تعمل بشكل منسجم؟.

ـ هل ارتفاعات الأسعار تطال المستوى المعاشي المتدهور أصلاً أم أنها أصبحت تطال بنية الاقتصاد الوطني وبنية الوطن (دولة ومجتمع) من خلال إفقادها للدور المعنوي والمادي لليرة السورية؟.

ـ من هو المستفيد من إيصال البلاد والعباد للهاوية أو لحافة الهاوية؟.

ـ كيف نبني اقتصاد مقاومة في ظل سياسيات اقتصادية لا تستطيع أن تواجه وتقاوم نفسها على الأقل؟.

ـ ألا يشكل الاقتصاد اليوم إحدى الجبهات الهامة التي يلجأ إليها الأعداء لكي يتم الاختراق الأكبر من خلالها؟.

ـ هل يمكن أن نقول اليوم إنه بدأ الأعداء من الداخل والخارج تفعيل هذه الجبهة للانقضاض على المجتمع والانقضاض على الوطن؟.

ـ أما آن الأوان لكي نقف جميعاً موحدين لنسقط سياسات هذه الحكومة الليبرالية التي آخر همها على ما يبدو الوطن والمواطن؟.

ألا تشكل مجموعة الإجابات المتضمنة للتساؤلات التي طرحت ورقة عمل وطنية لكي تتوحد حولها مختلف قطاعات الشعب السوري من نقابات وجمعيات ومنظمات وأحزاب سياسية وطنية ليس دفاعاً عن الوضع المعاشي للمواطن السوري فحسب، بل دفاعاً عن سيادة البلاد وعزتها واستكمال استقلالها عبر تحرير جولاننا؟؟

إن النضال الاقتصادي الاجتماعي في جوهره اليوم هو نضال وطني وديمقراطي، وهذه معركة يجب أن نخوضها لنتمكن أن يكون لنا دور فاعل في المعركة المقبلة حتماً مع الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل وأعوانها في الداخل من قوى الفساد والنهب الكبير، التي تمهد الطريق للتغيرات السياسية والجغرافية السياسية أمريكياً كما يظنون، فبوحدتنا الوطنية الشاملة ذات العمق الديمقراطي الاجتماعي نحقق ونضمن كرامة الوطن والمواطن.

■  مأمون رضوان

آخر تعديل على السبت, 12 تشرين2/نوفمبر 2016 13:16