عرفات: ما يجري ليس اتفاق «سايكس بيكو» جديد..!
أجرت إذاعة «ميلوديFM» يوم الأحد 11/9/2016، حواراً حول آخر المستجدات على الساحة السورية، ولاسيما بعد الاتفاق الروسي الأمريكي حول الملف السوري، مع أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة «التغيير والتحرير»، علاء عرفات.
وحول هذا الاتفاق أكد عرفات أن ما يجري هو «توافق في مستوى جديد، أعلى من المستوى السابق.. الاتفاق الروسي- الأميركي الذي جرى قبل يومين عملياً هو تعبير عن الجهد الدولي الذي بنهاية المطاف يعكس ميزان قوى على النطاق الدولي. التعبير عن ميزان القوى هذا صدّر هذا الاتفاق بصعوبة.. كلنا رأينا أن المباحثات حول هذا الاتفاق أخذت فترة طويلة، وكانت الجلسات ماراثونية وصعبة، وتدقق على ما يبدو بتفاصيل التفاصيل، ولكن أخيراً تم الوصول إلى هذا الاتفاق..
الذي يقرأ التفاصيل المعلنة ينتبه إلى أنه كان هنالك تراجعاً أمريكياً واضحاً. فالولايات المتحدة وضعت جبهة النصرة سابقاً على قائمة الإرهاب، ولكن في هذا الاتفاق عملياً تعهدوا بتوجيه ضربات إليها وضربات مشتركة مع روسيا, وهو ما كانت ترفضه منذ سنة تقريباً».
السري والعلني.. والاتجاه الروسي الثابت
حول «البنود السرية والعلنية» في هذا الاتفاق، أكد عرفات: «غير المعروف يصبح معروفاً بعد قليل, كما قالوا هم، إن البنود لم تعلن لأنه يمكن أن يكون لها تداعيات إقليمية ومحلية. ماذا تعني تداعيات؟ تعني إذا كانوا قد اتفقوا على توجيه ضربات للنصرة فهذا يعني أنهم صنفوا المجموعات المسلحة. وبالتالي إطلاق هذه التصنيفات الآن، وإذا عرفنا أن هناك الكثير من المجموعات المسلحة أو الكثير الكثير منها مرتبطة بدول إقليمية فهذا سيكون له تداعيات ليس محلية فحسب، بل إقليمية أيضاً. وبالتالي الظاهر أنهم يتجنبون الكثير من العقبات قبل الذهاب إلى التنفيذ».
وحول إذا ما كانت روسيا هي المنتصر جراء الاتفاق الأخير، قال عرفات: «الأمريكيون يتراجعون، وهنا لا نريد أن نقول منتصر ومهزوم. ولنتابع ما يقوله الروس- خاصة وزير الخارجية لافروف- بمقابلاته المختلفة وتأكيده أن الاتجاه العام عند الروس هو السعي لفرض القانون الدولي في العلاقات الدولية، والسعي لحل الأزمات سلماً.. هذا النهج الروسي في التعامل مع الأزمات الدولية.. الأمريكيون يعملون غير ذلك. هم طوال الوقت يحاولون تفجير الأوضاع هنا وهناك ويغذون الصراعات وينعشوها لإشعال الحرائق في العالم، وهذا موضوع له علاقة بالأزمة الاقتصادية للولايات المتحدة وللغرب عموماً، الأزمة الاقتصادية الرأسمالية عموماً».
مستويات العرقلة سوف تنخفض
ولفت عرفات إلى أن: «هنالك عمل كثير من أجل أن يصبح هناك هدنة أو ما يسمونه هم، نظام وقف الأعمال العدائية، بمعنى إيجاد كل ما يمكن، كل ما هو ضروري، من أجل تثبيت هذا النظام، ومن أجل تثبيت الهدنة، وهذه الهدنة إذا ثبتت عملياً تفتح باب الحل السياسي. دعونا نتذكر ماذا حصل في الهدنة الماضية.. كانت هنالك جولة أولى لجنيف، وجولة ثانية، وكانت هذه الجولات عملياً تحصل والصدامات تحدث هنا وهناك. وبعدها تفجرت الأمور بشكل واسع نسبياً. لم تنفجر في المناطق كلها ولكن مستوى التفجير والعودة للقتال أعطى ذريعة لأحد الأطراف لينسحب في حينه، والذي هو «الهيئة العليا للمفاوضات»».
وأكد عرفات أن «الروس والأمريكيين قادمون بطيرانهم، وليس بقواتهم البرّية، وبالتالي الذي سوف ينهي الإرهاب على الأرض هم السوريّون، سواء الجيش العربي السوري، أو تلك القوى التي توافق على محاربة الإرهاب والانخراط بحل سياسي، والتي يمكن أن تقاتل إلى جانب الجيش السوري في مجابهة القوى الإرهابية على أساس إمكانية بناء حل سياسي توافقي بين السوريين برمّتهم».
وعن مدى تماسك الهدنة وربطها بالمفاوضات السورية- السورية، قال عرفات: «من كان يريد أن ينسف المباحثات كان ينسفها عن طريق نسف الهدنة.. الآن سوف نذهب إلى هدنة بمستوى أعلى وأكثر ثباتاً وأكثر وضوحاً. وأكثر من هذا، يبدو أن هنالك إجراءات ستتخذ في مواجهة من سيخرق الهدنة، لأنه من بين المقررات أنه سيكون هنالك مركز مراقبة مشترك. المرة الماضية كان مركز حميميم يراقب، ومركز بالأردن يراقب، والمراقبة في الأردن على الأقل شكلية، أما الآن فهناك مركز موحّد».
واشنطن تغامر بسمعتها
وأكد عرفات أن «الرد على الخروقات سيكون سريعاً وآنياً لحظياً، وهذا يمكن أن يمنع الخروقات من التطور. المهم أن هذا بحد ذاته أنجز، وبالتالي دعني أقول أن نمط الاتفاق ونمط الهدنة الحالي يسمح بتثبيتها، ويسمح بالتالي بأن تحصل مفاوضات بدون أن يجري تهديدها من خارقي الهدنة على الأرض، خاصة أنه سيتم أخذ إجراءات بحق خارقي الهدنة وتوجيه ضربات لغير المعنيين بالهدنة الذين هم داعش والنصرة وأشباههما وهؤلاء يوجد بحقهم قرار تصفية».
وشدد عرفات على أن «من يحاول أن يستفيد من النصرة اليوم أصبح مكشوفاً يغامر بسمعته السياسية، وبالتالي يغامر بأن تكون هنالك إجراءات ضده. لم يعد هنالك مجال للعب بهذه المسألة، لقد ضاق مجال المناورة في هذه القضايا، وبالتالي الأمور ذاهبة على الأرجح لتوجيه ضربات واضحة وتحديد المواقف تماماً من هذه التنظيمات».
وحول موعد الجولة القادمة من محادثات جنيف، قال عرفات: «إذا أخذنا البرنامج الموضوع بعين الاعتبار، الآن الهدنة يفترض أن تبدأ لمدة 48 ساعة، ويقيّموا النتائج وسوف يمددوها لأسبوع، وبعدها سوف يستحدثوا مركز مراقبة حسب مافهمت، وبعدها يمكن أن تبدأ العمليات المشتركة ضد جبهة النصرة وداعش. أما ما يتعلق بمجريات الحل، فهناك جلسة لمجلس الأمن يوم 21 من الشهر الجاري أعلن عن أنها ستناقش الوضع السوري، حسب دي مستورا الذي يقول أنها ستكون جولة أو اجتماع مهم يدفع الأمور فيما يتعلق بالأزمة السورية باتجاه الحل».
وفيما يتعلق بموقف «الهيئة العليا للمفاوضات»، قال عرفات: «هم فعلاً يغيّرون مواقفهم، وتغيير المواقف بهذا الشكل ينعكس تراجعات وأضراراً. بمعنى أن تغيير المواقف حتى وإن كان جيداً ولكنه يعكس أن طرفاً يقول للناس ويظهر على الإعلام ليعلن: أنا لا أقبل إلا بشرط كذا وكذا، وبعد أيام عدة يأتي ويتخلى عن هذه الشروط، فوزنه بالمعنى السياسي أمام أهل بلده وأمام القوى الدولية، أمام القوى السياسية، ينخفض».
وحول إمكانية تشكيل وفد واحد للمعارضة السورية، أكد عرفات: «نحن متفائلون ونطالب بذلك، لكن ليست هنالك مؤشرات تقول بأن هذا سيحدث حالياً، وبالتالي سيكون عندنا أكثر من وفد للمعارضة حكماً، وستسير المفاوضات بشيء يشبه المرة الماضية، أو مع تعديلات إضافية، لأن نتائج الجولات السابقة ليست صفراً، يعني يمكن الاستناد إليها عملياً بالمباحثات المقبلة».
ليس هناك «سايكس بيكو»
عن الادعاء بأن «سورية سوق كبيرة للسلاح الروسي»، أجاب عرفات: «كلا سورية ليست سوقاً روسية. لمعلوماتك حين انهار الاتحاد السوفييتي سورية كانت مدينة للاتحاد السوفييتي بـ12 مليار دولار، وجرى عليها تسوية، إلى ثلاثة مليارات دولار فقط، وسدد جزء منها. وبالتالي إذا أردنا الحديث عن تجارة سلاح، فالاتحاد السوفييتي كان خاسراً مع سورية بالسلاح».
وحول المصالح الروسية الجيوسياسية في سورية، أكد عرفات: «هي مصالح جيوسياسية نعم. سورية مهمة بالنسبة لروسيا، هذا الكلام قلناه وكررناه وسنكرره دائماً. اليوم الأمريكيون إذا وضعوا أيديهم على سورية، فهذا يعني أنهم أصبحوا على عتبة باب روسيا من ناحية الجنوب، وأغلقوا البحر الأبيض المتوسط بوجه الروس، وبالتالي هذا الوضع الذي لا يمكن أن يقبل به الروس».
أما عن تشبيه الاتفاق الروسي الأمريكي باتفاق «سايكس بيكو»، فشدد عرفات: «سايكس بيكو كان يعني أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، والتي كانت جيوشها موجودة في هذه البلدان، جلست ورسمت خرائط النفوذ التي رسمتها جيوشهم المنتصرة في ذلك الحين. اليوم هنالك وضع مختلف، الولايات المتحدة وروسيا يبحثان حل الأزمة السورية ضمن إطار قرار مجلس أمن واضح وصريح، وينص بالحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً. ثانياً: الطرف الذي عنده نزعة تقسيمية والذي هو الطرف الأمريكي ليس اليوم في وضع قادر على أن يفرض ما يريد. هنالك طرف يقف في وجهه، بدأ بالوقوف بشكل واضح منذ 2012 بأول وثاني وثالث ورابع فيتو، كانوا كلهم مزدوجين، أي روسيا والصين، لمنع تنفيذ المطالب والسياسات الأمريكية في المنطقة».