«فتح الإسلام» وبداية الفوضى العمياء!!
عيداً عن حرب المواقع في لبنان التي بدأها «تنظيم فتح الإسلام»، وهو على أية حال تنظيم خارجي لتعدد الجنسيات لا يمت بصلة لا للقضية الفلسطينية ولا لجوهر الإسلام ولا لجوهر القضية اللبنانية، يجب النظر بعمق إلى خطورة انتقال وتوسع مسلسل حرب التفتيت والفوضى العمياء من العراق إلى كل لبنان ليكون مقراً وممراً له سيتوسع لاحقاً باتجاه سورية إن استطاع من هم خلف هذا «التنظيم ـ الواجهة» إلى ذلك سبيلا.
وإذا كانت الحرب استمرارا للسياسة ولكن بوسائل أخرى، علينا التذكر بأن التحالف الإمبريالي الأمريكي ـ الصهيوني لم يسلم بانتصار المقاومة اللبنانية على العدوان الصهيوني في تموز الماضي، ذلك الانتصار الذي جاء بنتائج عكسية لما كانت تخطط له واشنطن وتل أبيب على صعيد المنطقة ككل.
وإذا كان الجيش اللبناني قد تحول بعد عدوان تموز إلى ضامن للوحدة الوطنية اللبنانية بعيداً عن الاستقطاب الطائفي، واستعصى على كل محاولات فريق 14 شباط الرامية إلى جعله جيشاً لفريق السلطة الحاكمة يخدم أجندتها السياسية، ضد المقاومة وسلاحها الذي لم يستخدم يوماً إلا ضد الكيان الصهيوني، يصبح واضحاً لماذا بدأ مجرمو «تنظيم فتح الإسلام» بغدر الجيش اللبناني وتنفيذ مجزرة بحق عناصره على مداخل مخيم نهر البارد، توقعاً ممن هم خلف هذا التنظيم أن ضرب الجيش سيفضي إلى زعزعة بنيته وضرب وحدته الداخلية خصوصاًَ إذا توسعت دائرة النار إلى مواقع المخيمات الفلسطينية الأخرى والتي يوجد في بعضها تنظيمات مشابهة في التوجه التكفيري «لتنظيم فتح الإسلام»، خصوصاً إذا أدركنا أن الأوضاع الاجتماعية في المخيمات تنذر بتحويل لبنان كله إلى وضع المخيمات الجاهزة للانفجار بأية لحظة..
إذاً هناك حاجة أمريكية ـ صهيونية ومن والاهما لتوسيع مشروع حرب التفتيت في المنطقة عن طريق خلق عراق جديد على المتوسط (أي في لبنان) عبر متطوعين غير لبنانيين يعملون على نحره وتفتيته عبر ضرب وحدة الجيش لتكون الحرب الأهلية أولى نتائج هذا المخطط الجهنمي. وعند ذاك سيدخل كل لبنان في المحنة والفوضى العمياء والتي من بين تفاصيلها أيضاً خلق حالة اقتتال لبناني ـ فلسطيني مرة أخرى «بحيث تتجدد حرب الضحايا مع الضحايا، حيث لا منتصر بل الكل مهزوم قطعاً»!
... لعل أخطر ما يواجهه الرأي العام اللبناني هو سيل التحركات والتصريحات القادمة من واشنطن، وباريس والاتحاد الأوربي والتي تؤيد حكومة السنيورة وفريق 14 شباط باتجاهين:
الأول، اقتصار معالجة ما يجري في الشمال اللبناني على الإجراءات الأمنية والضربات العسكرية والتي تضع السكان المدنيين بين «نارين» وتدفع بهم نحو الانفجار وعدم القدرة على تحديد العدو الحقيقي، وهذا ما تريده واشنطن وتل أبيب.
الثاني، الإصرار على الاستئثار بالسلطة والمكابرة في رفض دعوات الوحدة الوطنية والاستقواء بالخارج دولياً وإقليمياً وسط تحريض مكشوف ضد المقاومة ووعود لن ينفذ منها إلا ما يخدم المشروع الإمبريالي الصهيوني في المنطقة.
... ومن هنا سيكتشف الشعب اللبناني ـ وعسى ألا يكون ذلك قبل فوات الأوان ـ أنه أمام حكم هش، وأن الأمن لا يصنع سياسة ولا يبتدع حلولاً للمشاكل الاجماعية- الاقتصادية، فكيف بمواجهة المخطط الإرهابي الإمبريالي ـ الصهيوني بالأساس. وسيكتشف الشعب اللبناني وشعوب المنطقة أن واشنطن وتل أبيب تمنعان مجلس الأمن والاتحاد الأوربي حتى من مجرد التعبير عن التضامن مع الضحايا الفلسطينيين الذين يسقطون كل يوم في غزة والضفة الغربية من جراء الجرائم الصهيونية الوحشية، في حين تنهال برقيات التأييد والاتصالات الهاتفية على حكومة السنيورة من واشنطن وباريس والعواصم الغربية الامبريالية الأخرى، لتوهم الشعب اللبناني وكأن التعجيل بإقرار «المحكمة الدولية» سيحل الأزمة اللبنانية!!
إذا كانت الامبريالية الأمريكية تفرض على شعوبنا مواجهة مباشرة أو عبر عملائها، فليس أمامنا إلا المواجهة والمقاومة, وفي لحظة الخطر التي نواجهها اليوم ليس هناك ما يوحد صفوفنا أكثر من التزام خيار المقاومة الشاملة وليس استجداء الحلول من واشنطن وتل أبيب على طريقة ما يفعل النظام الرسمي العربي بعد قمة الرياض ومؤتمر شرم الشيخ.