كيف أصبحت شيوعياً؟ «صلة الوصل»
قراءنا الأعزاء.. مر زمن ليس بالقليل على بدء كتابة زاوية «كيف أصبحت شيوعياً» هذه الزاوية التي جاءت نتيجة محصلة حفزنا إليها مضمون كتاب الأديب الراحل الرفيق عبد المعين الملوحي الذي يحمل العنوان ذاته، وبالفعل كان للزاوية مسوغ لوجودها، بدليل أنها استحوذت على متابعة جدية من مئات الرفاق الذين لم يبخلوا بملاحظاتهم الهامة على اللقاءات الغنية التي أجريناها مع عدد من الرفاق الذين لعبوا أدواراً إيجابية ضمن نضال الحزب في كل الميادين السياسية والمطلبية والجماهيرية الحافلة وبشكل مؤثر، خصوصاً ضد الاحتلال الفرنسي وفي عهود الديكتاتوريات العسكرية وضد الأحلاف الاستعمارية وضد الاعتداءات الصهيونية على بلادنا. وبكلمة أدق، في جميع نضالات شعبنا ووطننا وذلك منذ تأسيس الحزب عام 1924 وحتى يومنا الحاضر.
وإننا إذ نعبر عن اعتزازنا بكل ما وصلنا كتابة أو مشافهة من تشجيع وآراء وملاحظات دقيقة، دفعتنا إلى مواصلة لقاءاتنا بالرفاق على تعدد فصائلهم ووجودهم داخل أو خارج التنظيمات الحزبية في جميع محافظات الوطن، فإننا على قناعة أكيدة بأن العدد الأكبر للرفاق هو عدد من تركوا التنظيم لأسباب كثيرة ومتنوعة، ومنها – وهذا ما عبر عنه الرفاق أنفسهم - شعورهم أن ما كانوا يحملونه من قناعات بقرب انتصار قضية الكادحين قد تعرض لهزة قوية إثر انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وقد آلمهم وأغضبهم ما ظهر وبشكل مستهجن وصارخ من تناقض بين توقعاتهم وآمالهم، وبين ما يحصل وما يجري على أرض الواقع. لقد هالهم انحسار القيم المبدئية وغياب تلك الأخلاق الشيوعية التي شحنتهم فيما مضى بروح الإقدام والتضحية، حيث كانت الجرأة والإخلاص والصدق والتواضع ونكران الذات ألف باء حياتهم، ورأوا بالعين المجردة مظاهر الانتهازية والسعي وراء الامتيازات والمنفعة الشخصية، ومن تحول البعض من مدافعين عن الكادحين إلى موظفين تتحكم بهم مراكزهم ومناصبهم، ولا عجب عندها أن يتسلل شعور اليأس والخيبة إلى نفوس عدد كبير من الرفاق، وهذا ما عبروا عنه وهم يتحدثون عن حياتهم الحزبية وعن الواقع الذي يحيط بمجمل المجال السياسي، وبخاصة النشاط المحدود والضعيف للفصائل المتواجدة على الساحة الرسمية، وليس الساحة الشعبية، وهذا ما دفع بغالبيتهم إلى الابتعاد والانكفاء عن التنظيم، وبالتالي عن العمل السياسي.
لكن قسوة الظروف التي نعيشها وشدة الأخطار التي يجابهها الوطن، جعلت معظم من تركوا التنظيم – واستنادا إلى ما يحملون من إرث نضالي وفكري _ يعيدون قراءتهم لدورهم المبدئي في ساحة النضال دفاعا عن كرامتهم وكرامة شعبهم ووطنهم. وبدأ يظهر شيئاً فشيئاً وبوضوح ذلك الاهتمام الجدي الطوعي بقضايا الكادحين.. بالنضال الوطني والطبقي الذي كان وراء انتسابهم لصفوف الحزب قبل عشرات السنين. إنهم يبحثون عن مكانهم الطبيعي في ميدان المشاركة والنضال، ويتطلعون إلى موضع يشغله مناضلون حقيقيون يستقطبون جميع الشيوعيين، ويجسدون قولاً وفعلاً الالتزام الصادق بفكر الحزب، حزب الشعب والوطن. لقد أشرنا في عدد سابق إلى أننا أجرينا استبياناً تضمن سؤالاً وجهناه إلى عدد كبير من الشيوعيين الذين تركوا التنظيمات الحزبية وهو: هل تركت التنظيم أم تركت الشيوعية؟! وعند دراستنا لإجاباتهم وصلنا إلى نتائج وضعناها أمام قراء قاسيون، بينت أن الغالبية الساحقة ممن ابتعدوا عن التنظيم لم ولن يبتعدوا عن فكر الحزب، أي أنهم لم يبتعدوا عن الشيوعية التي بقيت تعمر قلوبهم وعقولهم. والسؤال المهم الذي يطرح اليوم هو: كيف نستطيع الإسهام بتحفيز ما استجد في موقفهم هذا الموقف الصحيح والمطلوب لنعيد للحزب هويته الأصيلة وطنياً وطبقياً ليعود الرفاق إلى ممارسة الدور المنوط بهم ضمن جماهير شعبهم وفي الصفوف الأولى للنضال والتضحية لخير الشعب والوطن؟.
لقد أجاب الاجتماع الوطني السابع لوحدة الشيوعيين السوريين في الشهر الماضي من خلال مناقشات الرفاق ومداخلاتهم، ومن ثم قراراتهم، عن هذا السؤال الهام، ومع ذلك فإننا ننتظر منكم أيها القراء الأعزاء أن تبعثوا لنا بآرائكم وملاحظاتكم واقتراحاتكم التي ستكون صلة وصل تشدنا إلى عمل أصوب وأفضل.