لجنة محافظة الحسكة لوحدة الشيوعيين السوريين تعقد اجتماعها الانتخابي.. أية خطة سياسية لا معنى لها دون مشاركة الجماهير في تطبيقها
عقدت لجنة محافظة الحسكة لوحدة الشيوعيين السوريين يوم الجمعة 2/8/2008 اجتماعها الانتخابي بمشاركة عشرات الرفاق الذين يمثلون مئات الشيوعيين في المحافظة.. ومثل رئاسة مجلس اللجنة الوطنية الرفيقان قدري جميل ورياض اخضير، وفيما يلي التقرير العام المقدم للاجتماع والذي تمت الموافقة عليه بالإجماع..
الرفاق الأعزاء
الرفيقات العزيزات
نحييكم جميعاً في اجتماعنا الانتخابي هذا، آملين مشاركة الجميع في إغناء هذا التقرير والخروج باستنتاجات واتخاذ القرارات الكفيلة بتطوير عملنا اللاحق.
إن لجنة محافظة الحسكة إذ تؤكد على الالتزام برؤية وخطاب اللجنة الوطنية فيما يتعلق بالوضع الدولي والإقليمي والداخلي بتشعباته ومساراته المختلفة، تجد من المفيد الانطلاق من قراءة واقع المحافظة في مقدمة هذا التقرير، لأن ذلك ضروري لتطبيق تلك الرؤية وذلك الخطاب على الواقع الملموس، فالالتزام بالخط السياسي لا معنى له دون معرفة تطبيقه بشكل خلاق ومبدع على الواقع المعني، ولتحقيق ذلك يجب فهم هذا الواقع أولاً والوصول إلى استنتاجات، وبالتالي توصيات وقرارات محددة تتكامل مع النشاط العام للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين لتحقيق أهدافها النبيلة الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية.
ـ إن الاقتصاد السائد في المحافظة هو الاقتصاد الزراعي فقوة العمل الأساسي تتمركز فيه، والكتلة النقدية الأساسية تعمل في هذا القطاع، وبالتالي فإن مجمل النشاط الاقتصادي ومستوى المعيشة يتعلقان بالإنتاج الزراعي ومردودية الأرض التي مازالت مساحات كبيرة منها تعتمد على الزراعة البعلية، والإنتاج أصبح أقرب إلى الصفر، ويأتي في الدرجة الثانية قطاع الخدمات، أما الطبقة العاملة فتتمركز في قطاع النفط وبعض الشركات الإنشائية وفي الورش الصناعية والمعامل الصغيرة وقطاع البناء، ونتيجة السياسات الحكومية المتعاقبة تم تدمير القطاع الزراعي، وعملياً أغلق باب التوظيف في مؤسسات ودوائر الدولة، وأغلب من يتم توظيفهم خلال السنوات الماضية من خارج المحافظة.
ـ أما عن البنية التحتية الخدماتية (تعليم، طرق، صحة وغيره) فهناك إهمال جدي للمحافظة، وليس أدل على ذلك من إن المئات من قرى وبلدات المحافظة تفتقر اليوم إلى مياه الشرب، وطرق المواصلات، وتكاد تنعدم المعامل والمصانع في المحافظة.
في ظل هذا الواقع الرديء الذي زاد من سوئه نتائج الإحصاء الجائر لعام 1962 وما رافقه من سياسات لا تخدم الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى ما نتج مؤخراً عن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية المتبعة في البلاد نرى العديد من المظاهر الجديدة في المحافظة وهي:
أولاً: الهجرة: تشير المعطيات أنه خلال العام الحالي شهدت بعض المناطق الريفية نزوحاً شبه جماعي، وتقدر نسبة المهاجرين من مناطق جنوب «الرد» مثلاً ما نسبته 50 % وأفرغت عشرات القرى من سكانها بالكامل، والوضع في حارات أحزمة الفقر في أطراف القامشلي والحسكة وغيرها ليس أفضل من ذلك كما نعتقد.
إن هذه الظاهرة إن كانت تعبيراً عن واقع اقتصادي اجتماعي، فإن نتائجها الأولية تشير إلى تصدع خطير في البنية المجتمعية والتفكك الأسري وبروز قيم جديدة غريبة عن تقاليد المجتمع، مثل تفشي الجريمة والدعارة والسرقة وتعاطي المخدرات والتسول.
ثانياً: تفشي نزعات التعصب القومي والديني والمذهبي، والحوادث المتكررة في المحافظة منذ أحداث ملعب القامشلي كشفت عن حالات احتقان خطيرة تنذر بعواقب وخيمة على الوحدة الوطنية، وإذا كنا نحمّل السياسات الحكومية عامة والقوانين الاستثنائية الخاصة في المحافظة المسؤولية الأولى، نؤكد في الوقت ذاته أن بعض العناصر والقوى الكردية تستغل هذا الواقع لتوجيه وعي الجماهير الكردية في المحافظة إلى مسارات خاطئة، لا بل إن الظلم الذي يلحق بالجماهير الكردية أصبح مجالاً لما يمكن أن نسميه «بيزنس» النضال القومي، فأصبحت القضية لدى البعض، وبالأخص بين بعض الجاليات الكردية في الخارج تجنح إلى تبرير قبول التمويل وعقد المؤتمرات في مراكز دولية مشبوهة، ومحاولة ربط الجماهير المحبطة واليائسة نتيجة سياسات جهاز الدولة بمشاريع خطيرة، أما ادعاء بعض الرموز العشائرية العربية بالتصدي للأكراد، فقد أصبحت مجالات لعضوية مجلس الشعب والامتيازات المختلفة.
ثالثاً: البدء بتطبيق قانون العلاقات الزراعية الجديد وتحريك الملاكين السابقين للدعاوى في المحاكم وتصدي الفلاحين في العديد من القرى لذلك، مما يعني بدايات معارك طبقية وجدنا ملامحها في قرى دير غصن، ينبغي متابعتها.
ويلاحظ أيضاً وعلى خلفية تداعيات الوضع العراقي واللبناني مؤخراً، بروز ظاهرة التعصب الديني، والأقليات الدينية اليوم تعيش حالة قلق، مما يفسح المجال لبعض القوى الدينية والقومية السريانية والآشورية استغلال واقع جماهيرها أيضاً لتوجيه الوعي الجماهيري إلى مسارات خاطئة.
ومن الضروري في هذا المجال الإشارة إلى ما سمّي بظاهرة التشيّع في بعض مناطق المحافظة وبروز ردود أفعال أولية على ظاهرة التعصب المذهبي.
أيها الرفاق والرفيقات:
عندما نشير إلى هذه الظاهرة أو تلك، ونعرض المستجدات، لا يعني بأي حال من الأحوال القبول بها والاستسلام للواقع بالنسبة لنا نحن الشيوعيين، فمبادئنا الوطنية والطبقية والأممية تحتم علينا التصدي لها وتوفير الأدوات المناسبة لتفعيل دورنا وصياغة مهامنا اللاحقة التي يفرضها علينا الواقع الموضوعي، ومن هنا فإننا نرى أن المهام المنتصبة أمام شيوعيي الجزيرة لاحقاً هي:
1 ـ من الناحية السياسية:
ـ النضال من أجل الاهتمام بالعملية التنموية في المحافظة ووضع خطة عمل ملموسة ومحددة للعمل بموجبها من لجنة المحافظة.
ـ النضال ضد كل أشكال التمييز القومي والديني والسياسي التي يتبعها جهاز الدولة في هذا المجال، لأن ذلك يشكل الخطوة الأولى للحد من تفشي ظواهر التعصب الأعمى واستغلالها من البعض، لاسيما وأن موجات الغلاء الأخيرة أكدت على وحدة مصالح الجميع، وخففت موضوعياً من حالات الاحتقان والتعصب، مما يشكل أرضية خصبة لنشاطنا اللاحق.
ـ العمل على إحياء مشروع تشكيل لجنة الوحدة الوطنية في المحافظة بالمشاركة مع القوى والفعاليات الوطنية المختلفة.
ـ عقد لقاءات مع مختلف القوى السياسية في المحافظة لتبادل الرأي معها في القضايا الوطنية العامة وقضايا المحافظة.
ومن الجدير بالذكر هنا أيها الرفاق أن مهامنا السياسية المحددة آنفاً يجب أن تتطابق مع الخط العام للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وما تم تحديده يأتي ضمن الواجب المفروض علينا في نضالنا كشيوعيين سوريين.
2 ـ في الجانب التنظيمي:
أكدت تجربة السنوات السابقة أن اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين أصبحت تياراً سياسياً هاماً ضمن الحركة السياسية في البلاد، ولم تنجح محاولات المشككين لا من رفاق الأمس، ولا من غيرهم، في قراءة الفاتحة على روح الحالة الجديدة الصاعدة. وإحدى المؤشرات الواقعية على ذلك هي الانتخابات الأخيرة التي شارك فيها مئات الشيوعيين من مختلف الفصائل ومن الرفاق التاركين في ست دوائر انتخابية على مستوى المحافظة، وهي: القامشلي ـ الحسكة ـ تل تمر ـ درباسية ـ رأس العين ـ عامودا ـ المالكية.. والذي تمخض عنه اجتماعنا هذا.
إن الذي ميّز هذه الدورة الانتخابية هو تطور المستوى النوعي للمشاركة في العملية، إذ أن أغلب المشاركين هم على علاقة وثيقة بالشيوعيين، وقسم هام منهم مستعد للانخراط في مجموعات وحدة الشيوعيين القاعدية.
إن مهامنا التنظيمية اللاحقة تتلخص في:
1 ـ ضبط اجتماعات لجان الدوائر ولجنة المحافظة، وعقد اجتماعات دورية وإرسال تقاريرها إلى الهيئات الأعلى بمعدل اجتماع كل 15 يوماً للدائرة، وشهر للجنة المحافظة.
2 ـ حصر المشاركين بالعملية الانتخابية، وضم ما أمكن منهم إلى مجموعات وحدة الشيوعيين القاعدية.
3 ـ توزيع المهام النوعية على اللجان المنتخبة تحقيقاً لمبدأ العمل الجماعي والمسؤولية الفردية.
4 ـ محاربة كل أمراض الماضي التي برزت في الحركة مثل الترهل في العمل والتباطؤ في تنفيذ المهام والارتجالية في العمل، ومحاربة الأنانية والعمل الفردي، وتقديم ذلك النموذج الذي يليق بالشيوعيين في التضحية ونكران الذات والغيرية، وعدم التعالي على الرفاق، واحترام الهيئات.
5 ـ الاهتمام بالجانب التثقيفي وتكليف لجنة المحافظة بوضع خطة عمل محددة في هذا المجال.
6 ـ رغم اعتزازنا بأي شيوعي، ورغم أنه لا تهمنا الانتماءات القومية ضمن الحزب، فإن إحدى مهامنا الأساسية هي إضفاء الطابع الأممي على المنظمة والعمل في الأوساط غير الكردية، فمنظمة أغلبيتها الساحقة من قومية واحدة في ظروف الجزيرة من الصعب جداً أن تقوم بمهامها.
3 ـ في ميدان العمل الجماهيري:
كما تعلمون أيها الرفاق، ومن هنا فإن الاهتمام بالنضال المطلبي يجب أن يكون على رأس أولوياتنا خلال المرحلة اللاحقة، وكل لجنة دائرة مدعوة لاحقاً لصياغة البرنامج المطلبي في دائرة عملها، والتي يجب أن تنطلق من القضايا الملحة وتنظيم الوفود والعرائض وكل أشكال النضال المطلبي الممكنة، لاسيما وأن المحافظة شهدت تطوراً ملحوظاً في ميدان النضال المطلبي العفوي الجماهيري على خلفية موجات الغلاء الأخيرة. ونقول بصراحة: إن الرفاق في كثير من المنظمات لم يكونوا على مستوى الحدث، ولم يتفاعلوا بالشكل المطلوب مع عشرات الوفود الاحتجاجية التي ذهبت إلى المحافظة وفرع حزب البعث.
وهنا نشير إلى أهمية صحيفة قاسيون ودورها الدعائي والتحريضي، وندعو كل الرفاق في المنظمات إلى التعاون مع مكتب الصحيفة لتغطية الأحداث في وقتها..
أيها الرفاق والرفيقات:
إن المهام المنوطة بنا هي مهام صعبة بلا شك، ولكن في الوقت نفسه هي مهام نبيلة بكل المقاييس، ومهام مشرفة بالنسبة لنا كشيوعيين وكوطنيين سوريين. إن الجماهير الشعبية العريضة تبحث عن تلك القوة السياسية المعبرة عن مصالحها، فإذا كان خطنا السياسي بما فيه من مبدئية وعمق في التحليل ودقة في الرؤية يعبر عن المصالح العميقة لتلك الجماهير، فإن المطلوب توفير الأداة التنظيمية القادرة على الإنجاز، ولدينا كل الإمكانات إذا أحسنا استخدامها وتوظيفها وإدارتها وهذا ما يجب أن يكون.