حول مشروع الموضوعات البرنامجية.. نحو صياغة نموذج بديل في كل جبهات الصراع
بعد نحو عقد من انطلاقة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين وصياغة رؤيتها وتشكيل بنيتها بعملية معقدة تعقيد الظرف السياسي وتعقيد تاريخ الحركة الشيوعية في سورية وتعقيد بنية المجتمع السوري أطلقت اللجنة الوطنية مشروع برنامجها تحت عنوان "مشروع الموضوعات البرنامجية" وجاءت بنيتها من حيث الشكل مشابهة لبرنامج الحزب الشيوعي تاريخيا في فقرات:
1 - المرجعية الفكرية.
2 - الاشتراكية وأزمة الرأسمالية والتي كان يعبر عنها بـ«تحديد سمة العصر»
3 - الوضع السياسي الإقليمي الدولي.
4 - التحديات الوطنية الكبرى والتي كانت توضع تحت عنوان «الوضع الداخلي».
ثم طرحت الموضوعات القضية الاقتصادية- الاجتماعية في بند مستقل (5)، وهنا كان الجديد «النموذج الاقتصادي البديل»، والذي يعتبر خطوة متقدمة وغير مسبوقة في تاريخ الحركة الشيوعية السورية من حيث مستواه المعرفي المرتفع في وضع حلول حقيقية وواقعية لأزمة الاقتصاد السوري وضمن آجال زمنية منطقية.
ولكن يبقى السؤال: ماذا يعني طرح النموذج البديل في هذه اللحظة بالذات؟
1 - يعني أن النموذج القائم قد استنفد نفسه بالمعنى التاريخي من حيث قدرته على تلبية متطلبات النمو والتنمية.
2 - يعني أن اللحظة مناسبة لإيقافه واستبداله بالنموذج الجديد.
لقد حاولت الموضوعات أن تبرهن على هاتين الفكرتين من خلال تحليلها للأزمة الاقتصادية الرأسمالية، وبالتالي إثبات نضج الظرف الموضوعي، وكذلك تحليل الوضع الاقتصادي-الاجتماعي السوري ونهاية صلاحية النموذج الاقتصادي القائم.
ماذا ينقصنا إذاً للبدء بعملية التحول هذه؟ وما هو الفارق أو الانزياح بين الظرف الموضوعي والظرف الذاتي السوري؟ وما هي علاقته بدور ومهام الشيوعيين؟
أعتقد أن هذا الانزياح بين الموضوعي والذاتي السوري من حيث حجم الأزمة وارتداداتها وتزمينها وتداعيات ذلك على الوضع السياسي والجماهيري في سورية، هو تماماً في صلب دور ومهام الشيوعيين، «العنوان الأخير في الموضوعات».
حول وحدة الشيوعيين: يثبت الواقع، وعلى مرأى ومسمع الجمهور، أن الفصائل غير قادرة ليس فقط على حل مشاكل الحاضر، بل وحتى الدفاع عن تاريخ الحركة وتاريخ قياداتها نفسها.
إن مصلحة الحركة اليوم تقتضي العمل الجريء والدؤوب لإيجاد قيادات جديدة لا تشكل عائقاً أمام قواعد الشيوعيين في الفصائل ولا تكون عائقاً أمام تطور الحركة.
وكما أن الاقتصاد السوري بحاجة لنموذج بديل، نحن أيضاً بحاجة لنموذج جديد بديل لنوعية القيادات والكوادر الشيوعية، من حيث وزنها العلمي والمعرفي، ومن حيث وزنها الاجتماعي والجماهيري، إضافة لما سمته الموضوعات «إعادة الاعتبار لمنظومة الأخلاق الشيوعية»، وابتكار كل ما هو ضروري لجذب هذه النوعية من الكادر، والانتباه لنمو مجموعات بشرية حيوية في المجتمع يمكن أن تكون الشكل الأكثر تطورا للطبقة العاملة، حيث أنها وليدة الأشكال الأكثر تطورا للرأسمالية.
إن شكل طرح الموضوعات لفكرة استعادة الشيوعيين لمواقعهم المتقدمة في المجال المعرفي- الفكري والإعلامي بهذا الشكل البسيط والجنيني، والذي طرحته اللجنة الوطنية منذ زمن، يعني أننا مازلنا بعيدين عن الخوض الفعلي في هذه الاستحقاقات، والتي هي «في نهاية المطاف» جبهات صراع مشتقة من جبهات الصراع الأساسية، وهي الجبهات التي يخوضها كادرنا وجمهورنا عملياً وبالملموس، والتي بمحصلة الصراع حولها تحسم جبهات الصراع الكبرى اليوم.
إن الشيوعيين وجمهورهم اليوم بحاجة لصياغة نموذج بديل في كل جبهات صراعهم مع النموذج القائم البالي، وليس فقط في القضية الاقتصادية، لتكون سلاحاً نظرياً هاماً في أيديهم وعلى كل الجبهات.
وكما أن زراعة الحبوب في غير وقتها يعني موتها، فإن زراعتها في الوقت المناسب وتركها دون ماء وعناية يعني النتيجة الحتمية نفسها.