عرفات: المعارضة أمام استحقاق «وفدها الواحد» في «المفاوضات المباشرة»
أجرت إذاعة ميلوديFM عصر الأربعاء 13 تموز 2016 حواراً مع الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية تناول آخر الملفات السياسية وآخر التصريحات فيما يخص الجولة المرتقبة من جنيف.
ورداً على سؤال حول الرأي بتصريحات وفد الرياض إلى جنيف التي تحدثت عن رغبة الوفد في المشاركة في الجولة القادمة، منه وعن ضرورة تطبيق الشرعية الدولية واتفاقياتها قال عرفات: «من ناحية الموافقة انهم يريدون أن يتابعوا جنيف هذا شيء إيجابي ولكن إذا دققنا بالتصريحات سوف نجد أن السيد رياض حجاب يريد جنيف كما كان في المرات السابقة، يعني ليس لديه أية إشارة لموضوع الوفد الواحد على سبيل المثال. اليوم المعارضة السورية أمام استحقاق أن يكون هناك وفد واحد يخوض المفاوضات، وعلى هذه المفاوضات أن تكون مباشرة(..) ثانياً: في الحقيقة ربما غابت الشروط عن آخر تصريح ولكن التصريح الذي قبله كانت ثمة شروط، وبالتالي اللغة و اللهجة التعطيلية ماتزال قائمة، ولكن أعتقد أن هذا التهويش كله ورفع السقف قبل بدء المفاوضات، وهو الشيء الطبيعي تكتيكياً ولكن يبدو واضحاً بالمعنى السياسي أن هذا التعطيل والتأخير لم يعد مقبولاً بالنسبة لأزمة مثل الأزمة السورية ولذلك يبدو أننا على وشك الذهاب إلى المباحثات».
تأمين عناصر النجاح
وحول أسباب تأخر جنيف3 عن جولته الجديدة رغم أحاديث سابقة عن 12 الجاري أجاب عرفات: «ليست هناك مشكلة بالتاريخ إن زاد أسبوع أو أسبوعين، المشكلة أن يتم تأمين العناصر الضرورية كلها من أجل النجاح، وهي التي ذكرتها قبل قليل، ضرورة تشكيل وفد واحد للمعارضة مثلاً (لم نر إرهاصات لتشكيل وفد واحد)». وأضاف: «دعنا نتفق على مسألة أن العمل في الأزمة السورية وخاصة المفاوضات ليس كله يجري في جنيف. في الفترة بين انقطاع الجولة الماضية وحتى الآن لم يتوقف العمل. كانت هناك لقاءات وجرت تصريحات، الذي أعرفه أن منصة موسكو أجرت لقاءً مع ممثلي الأمم المتحدة في موسكو، وكذلك منصة القاهرة، وأعتقد أن جماعة الهيئة العليا للتفاوض أيضاً أجروا لقاءً، وبالتالي العمل لم يكن متوقفاً بهذه المسائل ولو على مستوى فريق العمليات أو التقنيين من فريق دي مستورا، ولكن سياسياً كان متوقفاً. وفي الداخل نشهد ما يحصل في الجبهات سواء في الرقة أم منبج وحتى في حلب المدينة نفسها، كل ذلك له معنى سياسي بالنهاية وربما سيؤدي إلى جولة جديدة قريباً. ومن طبيعة الأمر أن هناك عملاً مسلحاً على الأرض وخاصةً تجاه القوى الإرهابية، وهذا لن يتوقف سواء أن كان جنيف أو لم يكن، ولا يجوز أن يتوقف. يعني الصراع ضد داعش وجبهة النصرة وأشباههما لا يجوز أن يتوقف، ولا يوجد من قال بضرورة توقفه، وبالتالي طبيعة العمليات العسكرية هي عملياً تخدّم الذهاب إلى حل سياسي واستئصال القوى الإرهابية التي هي عملياً أهم معطل للحل السياسي».
لا توافق جديداً..!
وأوضح: «صحيح أن المباحثات كانت ذات طابع فني ولكن من قال أن المسائل الفنية غير ضرورية لصياغة حل، ففي النهاية قد يقف أي حل سياسي عند المسائل الفنية، وبالحديث عن التوافق السياسي، فإن التوافق الروسي- الأمريكي والإقليمي والدولي أوصلنا إلى فيينا1 وفيينا2، وأوصلنا إلى قرار مجلس الأمن 2254، وأوصلنا إلى اجتماع ميونخ، ما المطلوب أكثر من توافق كهذا؟ بمعنى آخر، إذا التوافق وصل إلى أن لا حل للأزمة السورية إلا حلاً سياسياً، وجرى إصدار وثيقتين في فيينا وجرى إصدار قرارات مجلس الأمن اللازمة، وبالتالي الحديث عن توافق هو- دعني أقول- الآن بهذه اللحظة وخصوصاً ما يتحدث به دي مستورا وأشخاص آخرين، يبدو لي أنه حديث المقصود منه محاولة أخيرة لدفع موضوع الأزمة السورية باتجاه مساومة وليس الحل. ولكن هذا الموضوع مرفوض روسياً، الروس ليسوا بصدد دخول مساومات هذا هو نهجهم الدولي حالياً، وإذا كان الأمريكيون ومن لف لفهم يحاولون تجيير دي مستورا في العملية تجاه محاولة إخراج الطرف الروسي عن استراتيجياته في العمل الدولي فإنها محاولتهم الأخيرة والتي لا أعتقد أنها ستنجح.(..) ولا يوجد توافق جديد..!».
تنظيم التراجع والبعد الإقليمي
وقال عرفات: «تركيا والسعودية يمكن أن يكونا غير موافقين، ولكن حدود عدم موافقتهم مرهونة بالحدود التي يسمح بها الأمريكيون، وبالتالي إذا تمكن الأتراك والسعوديون من إعاقة الحل فذلك لسبب وحيد هو أن الأمريكيين راضين عن ذلك. أما عندما يكون الأمريكيون غير راضين فهم لا يجرؤن على فعل ذلك، هذه القاعدة التي يجب أن نفهمها ونتأكد منها. كنا نسأل لماذا لا تضغط الأطراف الدولية الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا، على الأطراف الإقليمية الموجودة، باتجاه الحل والموضوع لا يكلف ربما أكثر من هاتف تجريه هذه الدول مع الدول الإقليمية؟».
وأوضح: «هذا سوف يأخذنا عملياً إلى بعض الشرح المتعلق بالتطورات الدولية. مختصر العملية: الأمريكيون يتراجعون وعندما يتراجعون، وهم قائد الغرب والمركز الأساسي الإمبريالي اليوم في العالم، فإن كل شيء مرتبط معه يتراجع. الأمريكيون باعتبارهم دولة عظمى يعرفون أنفسهم أنهم يتراجعون، فبالتالي هم ينظمون هذا التراجع. ماذا يعني تنظيم التراجع؟ يعني تراجع ببطء عبر عمليات معقدة. مثل المساعدة في تفجير الأوضاع هنا أو هناك في أوكرانيا أو سورية على أن يخرجوا أن أهم من هذه المناطق، وتبقى هناك مشكلة من وجهة نظرهم للطرف الخصم الذي هو بهذه الحالة الطرف الروسي. أما المحدد الثاني، ومع ظهور معادلة أن الأمريكيين يشعلون الحرائق والروس يطفؤونها فإن هذا يشكل خسارة كبيرة بالمعنى السياسي للأمريكيين. من هنا نستطيع أن نفهم أن الأمريكيين يناورون، أي عندما يجدون الأزمات ذاهبة إلى حل- شاؤوا أم أبوا- فيشاركون بهذا الحل ليأخذوا هذا النصيب من تلك العملية، على الأقل الحصة المعنوية أنهم شاركوا بصياغة الحل مع أن جهودهم كلها فعلياً من تحت الطاولة من أجل منع هذا الحل وتعطيله. لذلك يجب أن نفهم كيف يعمل الأمريكيون، إذا توهمنا أو صدقنا أن لديهم فعلاً نوايا سليمة نكون قد ارتكبنا غلطة كبيرة».
المعادلة الصحيحة..!
ورداً على سؤال حول هل نشهد تمدداً للقطب الروسي من جديد وهل نحن اليوم أمام قطبين في العالم، أجاب عرفات: «لا يمكن فهم الأمور بهذا الشكل، وإنما أن الطرف الروسي هو طرف أساسي في مواجهة الأمريكيين، ولكنهم أي الأمريكيين- مركز إمبريالي وعندما يضعف يكون الذي ينمو في مقابله ليس فقط دول تجابهه وإنما أيضاً حركة الشعوب عموماً بما فيها حركة الشعب الأمريكي. ينبغي فهم المعادلة.
القطبان في العالم هم امبريالية/ شعوب. الآن روسيا ليست اشتراكية. روسيا رأسمالية. ولكن اليوم نتيجة الظلم والنهب الإمبريالي الأمريكي الإمبريالي الغربي عموماً التي تقوده الولايات المتحدة، ومع انكفاء هذا القطب فكل خصومه يتقدمون، ليس روسيا والصين فحسب رغم أنهما في المقدمة بوصفهما دولاً كبرى. ولكن نستطيع أن نستنتج أن حركة الشعوب برمتها والدول الوطنية كلها المتأذية من الإمبريالية الأميركية لديها الآن فرصة للصعود».
مصير الكيان على الطاولة
وحول وضع الكيان الصهيوني في هذه المتحولات أوضح عرفات أن هذا الكيان «حليف أساسي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وطول عمره شكّل قاعدة متقدمة، وعمله أن ينفذ الأجندات والمهمات التي تكلفه بها واشنطن. ولكن اليوم الصهيوني يرى أن الأمريكيين يتراجعون وهو يحاول أن يبني علاقات طبيعية وعادية مع الدول الصاعدة، عسى ولعل في مرحلة مقبلة أن يؤمن نفسه. ولكن هذا لن يحصل. فالكيان الصهيوني ذاهب إلى التراجع والانكفاء لأنه من حيث البنية متعاقد مع الأمريكيين. من الممكن الآن لدول مثل روسيا والصين أن تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني ولكنها لن تضحي بعلاقاتها بالشعوب العربية والبلدان العربية لمصلحة الصهيونية، حتى ولو نحينا المسائل المبدئية جانباً وتحدثنا بالحسابات البسيطة أو حتى الانتهازية(..) واليوم ما هو مطروح على الطاولة هو مصير هذا الكيان».
شهران حاسمان
وعما إذا كان الحل في سورية سيجري وفق الانتقال السياسي قال عرفات: «نعم، ولا يوجد حل بديل، والأساس هو القرار 2254 الذي بني على جنيف1. أما فيما يتعلق بالآجال الزمنية، فهذا موضوع لا يمكن ضبطه بدقة. في الأحوال كلها نحن أمام شهرين حاسمين، تموز وآب على الأرجح سيكونان حاسمين وهذا لا يعني أن الازمة ستحل، بل أن تطورات جدية ستحصل. بمعنى ممكن أن ينعقد جنيف، ممكن أن تحل بعض الأمور، أي ستتوضح بعض معالم الحل الذي سيتفق عليه، ومعالم الشكل اللاحق للمرحلة الانتقالية معالم العملية الملازمة لها والمتمثلة بمكافحة الإرهاب».
وعما إذا كانت تصريحات لافروف (التي تنتقد عدم قيام المبعوث الدولي بواجباته- قاسيون) موجهة لدي مستورا فحسب، أوضح عرفات أنها: «موجهة لدي مستورا وللأمريكيين، وللمعارضة السورية التي تطرح الطرح نفسه، أي للمعطلين كلهم. وهو (لافروف) يعطي إنذاراً، ولذلك كيري «حمل نفسه» وذهب لموسكو، ورياض حجاب خفف اللهجة وقرر الذهاب لجنيف، بمعنى أنهم فهموا الرسالة الروسية التي تقول: «إذا ما رحتوا نحنا رايحين»»..!
وحول ما يخص التقارب الروسي التركي مؤخراً والتصريحات التركية الأخيرة قال عرفات: «بالمعنى العام المصالح الوطنية التركية تقتضي أن يبتعد الاتراك عن الأمريكيين وأن يتجهوا شرقاً.. الطرف الغربي متراجع بالتالي الأتراك يستديرون نحو الشرق.. بدأوا الاستدارة لكن حتى الأن لا يعرفون ما هي الحدود التي يقدروا أن يبتعدوا فيها عن الأمريكيين لأنهم حتى الآن مربّطين معهم، ولكن الأكيد أنهم سيغيرون موقفهم بما يخص الأزمة السورية».