المهام البرنامجية.. ملاحظات سريعة
أثبّت في البداية اتفاقي مع جميع ما ورد من الموضوعات الثلاثة الأولى المندرجة ضمن فقرة «حول المرجعية الفكرية».. وأثبِّتُ أن هذه المادة معنية بمناقشة تطبيقات المرجعية الفكرية في مستجدات المرحلة الراهنة، ومحتفظاً في الوقت ذاته بحقي في لفت نظر جميع الشيوعيين إلى ضرورة البحث عن مفهوم جديد للحزب وضمن إحداثيات أخرى.
الاشتراكية.. وأزمة الرأسمالية
الموضوعة الرابعة تُثبِّت حقيقة أن انهيار التجربة الاشتراكية لا يعني انهيار الماركسية، وأتفق معها بكل تأكيد في ذلك، لكنها ترد ذلك الانهيار إلى عجز الماركسيين عن تطوير النظرية بالشكل المطلوب في اللحظة المستجدة.
فإذا ما قمنا بالتفكير المتواصل فإن هذه الموضوعة سوف تحيلنا إلى موضوعة «تناوب المد والجذر في العملية الثورية»، التي لا يمكننا تفسيرها إلا بإدخال بعد الزمن على المعادلة. حينها يمكن تناول المعادلة على الشكل التالي: لمّا كان الفكر الاشتراكي والعملية الثورية غير مطروقة بتفاصيلها سابقاً، ولمّا كانت الفكرة العلمية ناتجة عن الواقع وقاطرة له لفترة محدودة إلى المكان الذي تستكشف فيه معطيات واقعية جديدة تبني فكرة جديدة فتصبح هذه الفكرة الجديدة قاطرة جديدة للواقع، فإننا نستنتج بأن العلاقة بين الواقع والفكرة في العملية الثورية عبر بُعد الوقت هي علاقة تتابعية. وفي جزء هام من أطوار هذا التتابع يسبق الواقع النظرية ولكي تستطيع الحركة الثورية ملاحقة الواقع نظرياً عليها أن تبحث عن آليات جديدة غير تلك الآلية التي تكتفي بـ«التراجع المقصود والمتحكم به».
الموضوعتان الخامسة والسادسة تؤكدان أن الأزمة الرأسمالية الحالية ليست عابرة ومؤقتة، وتشترطان توفر العامل الذاتي لكي تكون نهائية. وكأن الموضوعة السادسة تطالب الراغبين بأن تكون هذه الأزمة نهائية بالعمل على توفير العامل الذاتي.
أظن أننا لو تناولنا القضية على أن هذه الأزمة هي بحد ذاتها نهائية، وهي بذاتها توفر العامل الذاتي، وعلى الشيوعيين ملاقاة هذا العامل الذاتي لتوجيهه باتجاه نسف الرأسمالية من جذورها؛ لأملى علينا ذلك التفكير بحزب شيوعي مختلف البنية والأداء عما نسعى إليه. وهذا ما أشرتُ إليه أعلاه.
لماذا لم تستطع الموضوعة السادسة أن تقرر أن هذه الأزمة نهائية واشترطت توفر العامل الذاتي لكي تكون نهائية؟؟ أي جعلت النظام الرأسمالي وآلياته نسقاً مغلقاً، والعامل الذاتي نسقاً آخر مغلقاً ومتبايناً عن النسق الأول، فيقوم النسق الثاني (العامل الذاتي) عند توفره بالقضاء على النسق الأول. الجواب يأتي في الفقرة (هـ) من الموضوعة ذاتها، عندما تجد هذه الفقرة أن هنالك شيئاً ما جديداً في أزمة فيض الإنتاج يتمثل في فيض إنتاج السلاح والدولار.
بكل تأكيد يستطيع الكثيرون أن يحاججوا بأن فيض إنتاج السلاح ليس بجديد، ولكن ما لا يمكن أن يحاججوا به هو أن فيض إنتاج الدولار / النقد هو ذو طبيعة مختلفة كل الاختلاف. فالنقد ليس بضاعة. النقد معادل للبضاعة. وعندما يطال فيض الإنتاج النقد/المعادل للبضاعة فإن أسس النظام الرأسمالي تنهار إذ أن المشكلة تصبح في النظام (الـ System) أي تسرطن النظام. وإذا كان لينين قد حدد إحدى سمات الامبريالية الخمس باندماج الرأسمال الصناعي بالرأسمال المالي فلا يمكننا اليوم الحديث إلا عن قيادة الرأسمال المالي للرأسمال الصناعي، فإذا ما أصيب رأس النظام الامبريالي (الرأسمال المالي) بالسرطان فلا شفاء منه إلا بالموت. وهذا السرطان هو الذي يوفر العامل الذاتي الذي على الشيوعيين ملاقاته ، ولعل كلمة السر في هذا السرطان: أن الدولار حين يُطبع تُطبع معه فائدته.
الوضع السياسي الإقليمي والدولي
الموضوعة الثامنة تحدد منطقتنا بأنها من قزوين إلى المتوسط، ولا أدري على أي أساس يتم هذا التحديد؟ فلا هو على الأساس القومي ولا الديني ولا المصالح المشتركة للأنظمة. فالمصلحة المشتركة لجميع شعوب الأرض هي في مواجهة الامبريالية، ولا أدري أيضاً هل يتم استثناء المغرب أم تونس أم الجزائر وليبيا الغنيتان بالنفط من منطقتنا أم يتم استثناء السودان لتحل طاجكستان بل أفغانستان بدلاً عنها؟؟!!
ولا نلبث إلا أن نقرأ في الموضوعة (11) عن شعوب الشرق العظيم القاطنة في المنطقة من قزوين إلى المتوسط؟؟!! وهنا تتبدى العديد من الأسئلة من مثل: هل شعوب الشرق العظيم هم في مواجهة شعوب الغرب الغير عظيم وشعوب الجنوب الـنص نص؟ أم هل تستأثر شعوب الشرق العظيم في مواجهة الامبريالية وإسقاط النظام الرأسمالي وظلمه للشعوب بأن تكون (ذات رسالة خالدة) دون شعوب الأرض قاطبة؟؟!!!.
أعتقد أن ما تقدم من تعابير تعوزه الدقة العلمية والسياسية، وإذا كانت الموضوعات تبحث عن تحالفات محتملة ضد الامبريالية الأمريكية والصهيونية في البر الأوراسي، وهو أمر مشروع بل ضروري؛ فإنه على الشيوعيين السوريين دفع الإستراتيجية السورية الخارجية لكي تفكر جدياً في دعم إنشاء محور جيواستراتيجي مناهض للظلم الامبريالي يشمل دولة عظمى هي روسيا بقوتها الذاتية ونفوذها الهائل في وسط آسيا، ويضم أربعة محاور جيوبوليتية هامة هي تركيا وإيران وأوكرانيا وأذربيجان. وكذلك كل الدول الأخرى المتضررة من الإستراتيجية الأمريكية.
أما الموضوعات الأخرى من (13) إلى (30) فأتفق معها حرفاً بحرف، وأبدي إعجابي وتأييدي لكل ما جاء في الوضع الداخلي.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.