حوار وتساؤلات حول الموضوعات
عندما اطلعت على الموضوعات البرنامجية للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، ألحت علي الأسئلة التالية، أطرحها آملاً الفائدة بالحوار والنقاش العام وتعميق الرؤيا حول القضايا المطروحة..
الحزب الشيوعي السوري التاريخي هو حزب واحد موحد منذ تأسيسه إلى سبعينيات القرن الماضي، وهو جزء من الحركة الشيوعية والعمالية. هذا تاريخي، ولكن منذ سبعينيات القرن الماضي، وإلى الآن، ونتيجة عوامل مختلفة، أصبح يعبر عن هذا الحزب بشكل واقعي وملموس أكثر من فصيل، وكل فصيل أصبح حزباً، وكل حزب له برنامجه ومؤتمراته وعلاقاته الداخلية والخارجية، وجاء التجمع أو التيار الذي يقدم الموضوعات البرنامجية للنقاش الآن، ليعمل تحت شعار عريض هو العمل من أجل وحدة الشيوعيين السوريين وتجاوز حالة الفصائل وإعادة الدور الوظيفي للحزب الأساس على قاعدة إن الاستحقاقات الطبقية والوطنية، وحتى النضال العام التحرري والنضال ضد الإمبريالية بأشكالها القديمة والجديدة، يستدعي ذلك.
- السؤال: هل يحق أولاً لتيار أو تجمع سياسي من عناصر لا شك أنها كانت من جسم الحزب تاريخياً، وعبرت إلى فصائله، ثم إلى الحالة التي هي فيها اليوم، أي الحالة التي تعمل من أجل الوحدة، هل يحق لهذه الجهة أن تطرح موضوعات برنامجية لوحدها. وهي التي تعمل من أجل التوحيد مع أحزاب لها برامجها المقرة في مؤتمراتها بغض النظر عما يقال، أو يمكن أن يقال في هذه المؤتمرات أو البرامج، أم أنه من الأجدى أن تناقش برامج الأحزاب القائمة وتطرح رؤيتها فيها، وتطرح الجديد الواجب التعاطي معه من خلال هذه البرامج لمحاولة توحيد الرؤى التي هي أساس للعمل من أجل أية وحدة، تعكس وحدة الإرادة والعمل الضرورية لإعادة أي دور وظيفي لحزب يتم الاعتراف بتراجعه عن هذا الدور نتيجة انقساماته وتأثره بالتصدعات والانهيارات التي أصابت مجمل الحركة في العالم؟.
- إن الإصرار على طرح الموضوعات بالطريقة التي طرحت فيها يعطي انطباعاً، أو إجابة تناسب الحالة، وهي: إن طرح الموضوعات من جهة وحدوية عنوان عملها الرئيسي هو العمل من أجل الوحدة، وهذا جزء أساس من مشروعها في الساحة السياسية والنضالية لمجتمعنا، هذا الطرح يناسب العمل من أجل إعادة تأسيس حزب شيوعي يتجاوز ضعف وتراجع الحزب السابق وفصائله، وإعادة النظر بكثير من القضايا الفكرية والسياسية في نهجه لتلافي القصور الذي أدى إلى التشرذم.. إن طرح الموضوعات يجعل من الانسجام مع الذات، وتوافق العملي مع النظري، القول بإعادة التأسيس بدل من العمل تحت العنوان السابق (وحدة الشيوعيين). وهذا قد يكون أكثر منطقية وقد يساهم بمواجهة الاستحقاقات بشكل أكفأ.
واستدراكاً لهذا الموقف وتأكيداً له نقول هنا: إذا كنا نسعى من أجل الوحدة مع فصائل أو أحزاب ندعوها للتوحد، لا يجوز لنا أن نطرح برنامجاً أو توجهات برنامجية خاصة بنا، وندعو الفصائل (الأحزاب القائمة) إلى رمي برامجها في القمامة.
هذا يعني الدعوة إلى تجاوزها مسبقاً، أو جر قسم من قواعدها إلى حراكنا، وهذا مشروع في العمل السياسي، لكنه يناسب وينسجم مع شعار إعادة التأسيس، لا مع العمل من أجل الوحدة، إن كان من تحت لفوق أو من فوق لتحت.
2- ما ذكرناه سابقاً كان رأياً أو تساؤلاً في أحقية أو مشروعية طرح الموضوعات البرنامجية، أما الموضوعات عينها كعناوين، فيمكن إثارة الأمور التالية للنقاش أيضاً..
- حول المرجعية الفكرية: إن الإقرار بأن التعامل مع الماركسية اللينينية كعلم متجدد هو الذي يضمن تطورها، هذا صحيح وعملي، ويفرض توضيحاً وتناولاً موسعاً أكثر حول انعكاس هذا المفهوم على التنظيم. أي هل الماركسيون اللينينون اليوم معنيون بإيجاد آليات ومبادئ تنظيمية تناسب هذه المرحلة من التطور، وتعكس تطورات الواقع وحاجات الحركة المتجددة دائماً، أم هم ملزمون بمبادئ ثابتة يقينية لا حاجة للمساس بها، وهي مكتملة تحت عنوان المبادئ اللينينية في التنظيم؟.
على توضيح هذه النقطة والموقف منها يتوقف الانتقال من العام إلى الخاص، من العريض إلى الملموس فيما يتعلق ببرامج العمل اليومية، وخاصة ما يتعلق منها بالعمل من أجل الوحدة، لأن هذه النقطة جدية ومختلف فيها بين الفصائل موضوع الوحدة، وإذا كانت المبادئ التي نتحدث عنها في التنظيم ينطبق عليها القول في الموضوعات (بضرورة الابتعاد عن النصية واحترام المبادئ)، فيجب هنا تحديد الثابت والقابل للتغيير في إطار الفقرة الأخيرة من مقدمة الموضوعات، التي تقول عن الماركسية اللينينية إنها في النهاية نظرية التغيير الثوري......
ملاحظة أخيرة:
تقدم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين الموضوعات إلى الشيوعيين في المجتمع والفصائل كمشروع برنامج عمل، ويغيب عن الموضوع أهم ما هو مطلوب منها باعتبارها مشروعاً برنامجياً لتيار توحيدي، وهو البرنامج التفصيلي للعمل من أجل الوحدة.
الشيوعيون هنا الداعون للوحدة، يتحدثون عن الرأسمالية والاشتراكية، والنظري والعملي في الماركسية واللينينية، وفي القضية الوطنية، وفي القضية الاجتماعية.. ولا يتحدثون عن برنامجهم هم، ورؤياهم هم، عن طرق وبرامج العمل من أجل الوحدة. يجب وضع خطوط عريضة وتفصيلية للعمل من أجل الوحدة، باعتبار ذلك الهدف الأساس لهذه الجهة، الخطوط العريضة، الآليات، المدى الزمني، وفي حال لم نتوحد ماذا نعمل؟ أم إننا عدنا إلى الانسجام مع الذات، وعندما طرحنا الموضوعات، التي هي أقرب لإعادة التأسيس، نسينا الشعار الأساس: العمل لوحدة الشيوعيين؟.
كان الغرض من الملاحظات، حوار، حوار يقصد الفائدة، وعسى ذلك..
■ النص الكامل على الموقع