الباص «فاضي.. لوَرا إذا بتريدو»!.

هذه العبارة الأكثر استخداماً لدى سائقي باصات النقل الداخلي الخاصة في مدينة دمشق، على الرغم من أن الباص يكون «متروس» من كثرة الركاب الواقفين، لكن السائق يصر على رؤية الباص فارغاً، ويطالب الجميع بالرجوع إلى الوراء.

هذه الحالة المتكررة ليس يومياً، وإنما في أغلب «سفرات» هذه الشركات، بدءاً من شركة هرشو للنقل على خط سومرية – مزة اتستراد – يرموك، وصولاً إلى خط ميدان – شيخ محي الدين الذي تستثمره شركة عتيق للنقل الداخلي وغيرها من الشركات الخطوط،  فهذه إحدى المشكلات التي تعمم على تجربة شركات النقل الداخلي الخاصة خلال عامها الأول، والذي لم تكمله بعد.

بقانون تربية الدواجن، ينصح بوضع كل ثماني دجاجات في متر مربع واحد، وهذا هو الشكل الصحي لتربية هذا النوع من الحيوانات، وبغير ذلك يحدث خلل في الإنتاج مستقبلاً، وللمفارقة أن الناظر أو الراكب يشاهد في هذه الباصات أحياناً ثلاثين راكباً آخر على الواقف في الفراغ الكائن بين المقاعد، والذي لا يتعدى 6 أمتار مربعة فقط، وفي هذه الحالة، فإن لكل خمسة أشخاص متراً مربعاً واحداً، لدرجة يعجز المرء عن إيجاد موضع قدم أو مكان فارغ ليتمسك به، ليقيه من مكابح السائقين المتكررة في كل ثانية، والذي قد يرسل الراكب الواقف بكل «ضربة فرام» في جولة إلى أول الباص، ليعود بعدها باحثاً - فرحاً - عن مكان وقوفه السابق.

فالمشكلة ليست في الليرة التي تعطي للسائقين الذين يدفعهم طمعهم لرصف الناس «كالمكدوس» وقوفاً بين مقاعد الباص، وإن كان هذا يمثل جزءاً من المشكلة، لكن المشكلة الأكبر هي في المستثمرين الذي أعطوا هذه «العظمة» للسائقين بينما يستفيدون هم من لحم الكتف، هذا المستثمر الذي يلجأ لاستيعاب الركاب بهذه الطريقة حرصاً على عدم زيادة عدد باصاته، ولزيادة أرباحه ليس إلا، بينما تجد مديرية النقل غائبة عن هذه المخالفات التي تنص العقود على عدم جوازها أساساً!.. فلهؤلاء المستثمرين دور اجتماعي مواز للدور الاقتصادي الذي يطلبه، ويستفيد من خلاله في زيادته أرباحه، لكننا نرى أن هذا الدور غائب تماماً.