الموضوعات ضرورة للحوار من أجل وحدة الشيوعيين
الأفكار التي وردت في مقال الرفيق صالح عبود المنشور في «قاسيون» بتاريخ 19/6/2010 جعلتني أسجل الملاحظات التالية:
أول ملاحظة لا تنسجم وفكرة الحوار هي أن الرفيق صالح عبود تجاهل الهيئة الشيوعية التي أصدرت الموضوعات، فهل ذلك سهو أم ماذا؟! وحتى عندما تطلب سياق ما كتبه أن يذكر اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، فإنه تجاوز ذلك إمعاناً في إنكار ما أصبح معروفاً في طول البلاد وعرضها..
أما الملاحظة الثانية، فهي أن المقال يتضمن التباساً واضحاً، ينتج عنه تساؤل مشروع وهو: هل الرفيق صالح عبود من خارج جسم تنظيم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، أم هو في عداد ذلك التنظيم؟ ذلك أن الفقرات الأولى من مقالته تشير إلى أنه من خارج تنظيم اللجنة الوطنية، أما الفقرات اللاحقة فقد تضمنت صيغاً دالة على أنه من التنظيم، حيث كتب «إذا كنا نسعى من أجل الوحدة مع الفصائل....»، رغم أن اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين لا تقول «بإذا»، بل تؤكد في كل مبادراتها أننا نناضل من أجل وحدة الشيوعيين السوريين، إن «إذا» صالح عبود مفعمة بالتشكيك وهو تجاوز للوقائع وإنكار لحقيقة معروفة وهي أن الحوار من أجل وحدة الشيوعيين قطع سنوات ونحن بصدد النضال لاستمراره حتى يبلغ ذراه.
ثم، وبصيغة التساؤل التقريري يصنع فكرة واضحة وهي عدم انسجام الموضوعات من جهة والعمل من أجل الوحدة من جهة أخرى، حيث يقول: «وهل يحق لهذه الجهة (اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) أن تطرح موضوعات برنامجية وحدها، وهي التي تعمل من أجل التوحيد مع أحزاب لها برامجها المقرة في مؤتمراتها..». ثم يطرح فكرة واضحة ويرى فيها أنه «من الأجدى أن نناقش برامج الأحزاب القائمة...».
وأعتقد أن جدلية السعي لوحدة الشيوعيين تضع الأمر بعكس ما طرحه الرفيق صالح عبود، إذ نرى ترابطاً عميقاً بين النضال من أجل الوحدة وبين أن يجري التقدم نحو الوحدة ونحن مسلحون بكل متطلباتها الفكرية والبرنامجية والتنظيمية. ولماذا على من يسعى للوحدة أن يكون خاوي الفكر واليدين ودون رؤية متكاملة لكل مسائل الوحدة؟.
أية بدعة هذه التي ترى جدية مسعى الوحدة تتلازم وانعدام الاستناد إلى متطلبات هذا المسعى؟. إن الوحدة عملية نضال فكري وسياسي وتنظيمي، وليست عملية تجميع آلية، كما أنه من البدهي القول إن أي تجمع بشري بشأن معين، لإنجاز مهمة معينة، مطالب قبل أية جهة أخرى بدعوتها للوحدة والبحث الجاد بها، مطالب، وقبل غيره أن يحدد تخوماً أولية بكل مجال في مسألة الوحدة، وإذا كانت الموضوعات لا تنسجم مع مسعى الوحدة، كما يعتقد الرفيق صالح عبود، فيكف له أن يقبل وضع لائحة تنظيمية أو نظام داخلي؟ وكيف له أن يقبل أن يكون لنا رأي في الأحداث السياسية؟ أو كيف له أن يقبل أن يكون للجنة الوطنية مطبوعة تعبر عن آرائها؟. أليس جوهر الأمر أننا أمام فكرتين عن عملية الوحدة فكرة صالح عبود التي تنتهي إلى أن الوحدة ليست عملية نضال إنما هي عملية جمع كتل، ينتهي أمرها إلى اعتماد أساس واحد هو تقاسم الهيئات القيادية والمنافع المادية.
أما الفكرة الأخرى فهي أن مسار النضال من أجل وحدة الشيوعيين ينتهي إلى تكوين جديد نوعي، هو الحزب الشيوعي السوري فكرياً وتنظيمياً وسياسياً، إن الوحدة والتنوع في صفوف الحزب الشيوعي السوري لن تكون مشوهة، ولن تكون على أساس دوغمائي يدخل نتف الفلسفات البرجوازية في صفوف الحزب باسم «التجديد» و«التطوير»، ولن تكون على أساس انتقائي تفكيكي يروج لأفكار برجوازية تفصل المنهج عن نظريته وتروج لشتى ضروب المثالية وتنتهي للأخذ بموضوعة أبدية الرأسمالية. كما أننا نلح ونؤكد أن عملية الوحدة ليست تجميعاً ميكانيكياً لفصائل أو كتل، وفي كل الأحوال، وكيفما كانت التطورات، فإن وحدة الشيوعيين ستبقى هدفاً أساسياً واستراتيجياً غايتها بناء حزب شيوعي وذلك يعتبر حجر الأساس في وحدة اليسار في سورية.
إن الوحدة والتنوع في الحزب ليست معادلاً لـ«الفوضى الخلاقة» أو غير «الخلاقة»، ولزام علينا أن ندرك بعمق أنه ما يراد لمجتمعاتنا يراد لأحزابنا، لذلك نرى خطر النظرة العدمية للماركسية وخطر الجمود العقائدي، إننا نريد أن يأتي الشيوعيون بماركس ولينين إلى زمانهم لا أن يذهبوا إلى زمن ماركس ولينين. ونريد الماركسية اللينينية ونرفض أيضاً تجميع نتف من فلسفات البرجوازية ثم نقول ذلك تطوير وتجديد.
إن ما انتهى إليه الرفيق صالح عبود واضح، فهو يعبر عن رؤية لمفهوم الوحدة نحن رفضناه، ولا نضع الأمر على أساس حزب «قائم» أو حزب «قاعد» ولم ندعُ لأن يرمي الآخرون برامجهم، ولكننا نرى أن الموضوعات البرنامجية ضرورة كي تكتمل مقومات الحوار، أما أفق هذا الفصيل أو ذاك ومستقبله والموقف منه حزبياً واجتماعياً فذلك لا يعود لا للموضوعات ولا لآرائنا السياسية، وأفكارنا، إنه نتاج الممارسة الفكرية والسياسية والاجتماعية التي يختطه هذا الفصيل أو ذاك، ونحن لا نرى أن حراك الرفاق التنظيمي يجري خارج نطاق ما يجري في الفصيلين من مسائل تنظيمية فكرية ولا أعتقد أن نظرة جادة للوحدة تحملنا مسؤولية أي تراجع يصيب هذا الفصيل أو ذاك، وعلى العكس مما ذهب إليه الرفيق صالح عبود فاللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين تكونت كمشروع شيوعي حقيقي يتطور لتجاوز السلبيات والآثام الفكرية والتنظيمية والسياسية التي أدت إلى الفصائلية والابتعاد عن دور الحزب ووظيفته ومهامه.
■ رجب الرجب