تغيير الوجوه أم تغيير البنية؟!
تتصاعد وتيرة العمل الديبلوماسي الدولي والإقليمي وسط تلهف كبير في الداخل السوري من أجل حل سياسي ينهي دوامة العنف الحالي ومعاناتنا اليومية ولكن يجب الانتباه جداً والتشكيك بصدق هذه الدول وبعض القوة السياسية التي كانت طوال السنتين الماضيتين تقامر بدمائنا وآلامنا بما يخدم مصالحها وبما أن الحل السياسي سيأتي انعكاساً للتوازن الدولي الراهن وسيكون مفتاح الحل لحالة الاستعصاء الداخلي القائمة فإنه سيجمع جميع الأطراف على طاولة الحوار ومنها الأطراف المتشددة في الجهتين المتناقضين شكلياً فقط الذين سيجمعهما على طاولة الحوارمصالحهما المشتركة..
إن المصالح المشتركة التي تجمع فاسدي النظام والمعارضة هي كثيرة وستبدأ صورة التناقض الشكلي بينهما بالانكشاف رغماً عن السعار الإعلامي المتبادل، وخاصة وأن الحوار سيكون الأداة التي تعمق الفرز بين القوى السياسية على أسس وطنية بعيداً عن الصراعات الوهمية التي فُرِضَت، وسينقل المعركة الحالية من معركة السلاح العبثية، ومنهج تكسير العظام إلى معركة من نوع آخر معركة البرامج السياسية الاقتصادية الاجتماعية.
إن هذا النوع من الصراع سيفضح صورة التناقض الشكلي بين الفاسدين في الجهتين وسيضعهما في الخندق نفسه وخاصة أن هذين الطرفين يتفقان مسبقاً على طريقة توزيع الثروة الحالية 75 % أرباح 25 % أجور ويشتركان برؤيتهما الاقتصادية الليبرالية أي أنهم سيعملان على إعادة تقاسم كعكة النهب وذلك على حساب الدم السوري الذي هدر وعلى حساب معاناتنا اليومية التي ما زلنا ندفع ثمنها بفضل تحريرهم وتطهيرهم...
إن هذه الرسمة التي يتم تحضيرها على قدم وساق رسمة الالتفاف على مصالح الشعب ومطالبه المحقة تتطلب من هذه القوى الفاسدة المتحالفة ضمنياً كل حسب موقعه تصعيداً كبيراً عسكرياً من فوق بتحريض إعلامي يرفع منسوب الدم السوري ويتطلب من القوى الفاسدة داخل النظام العمل على خلق أزمات متتالية تستنزف الشعب ولقمته وحياته اليومية من أجل رفع نسبة الاستياء الشعبي لخلق المناخ المناسب لتمرير مشاريعهم المعادية فالتصعيد الكبير أخر فترة وخاصة في دمشق ليس الغاية منه «تحرير» دمشق فهذا لايمكن بالمعنى العسكري وخاصة أن تجربة العمل المسلح خلال الفترة السابقة أثبتت فشلها في تحقيق الأهداف المرجوة منها وإنما الغاية منه رفع منسوب الدم والعنف وخلق حالة من اليأس الشعبي للقبول بأية تسوية سياسية، وإن كانت لا تعبر عن مصالح الشعب ويندرج في هذا الإطار رفع حدة التوترات الطائفية من خلال تفجيراتهم ((النوعية)) التي ندفع نحن الشعب ثمنها.. هذا ما يتطلبه مشروعهم من أجل الإبقاء على نهبهم ومن أجل استمرار النظام الاقتصادي الاجتماعي الحالي ولكن بتغيير بعض الوجوه، أي الإبقاء على النظام الحالي وتحديداً المضمون الاقتصادي الاجتماعي ولكن برتوش جديدة...
ومن هنا يبرز تحدٍّ كبير حقيقي أمام الشعب والقوى الوطنية للعمل على بناء سورية جديدة حرة مستقلة قادرة على صون وحدتها وسيادتها وحق الشعب في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية بعيدا عن منطق المحاصصات التوافقية والديموقراطيات الطائفية من أجل فرض حل يحقق مطالب الشعب المشروعة ويليق بتضحيات شعبنا العظيم.